هيئة مستشاري الانتقالي: نرفض تحركات برلمان البركاني المنتهي الصلاحية    وقفة احتجاجية في تعز تطالب بإنهاء أزمة المياه    سعر الريال السعودي في عدن وحضرموت اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025    الزهري يترأس اجتماعًا للجان المجتمعية بخور مكسرالزهري يترأس اجتماعًا للجان المجتمعية بخور مكسر ويؤكد على تعزيز دورها الخدمي والتنموي ويؤكد على تعزيز دورها الخدمي والتنموي    مقتل 29 فلسطينيا بغارات إسرائيلية في غزة    الكثيري يطلع على الأوضاع الأمنية في لحج    جيش الاحتلال: أكثر من 70% من الإصابات كانت نتيجة العبوات الناسفة    الأرصاد يتوقع امطار رعدية على أجزاء من سبع محافظات ومتفرقة على سبع أخرى    - صحفي يمني ينتقد السخرية الإعلامية ويصفها بالانحدار الأخلاقي الذي لا يمثل اليمنيين    استقرار أسعار الذهب عالميا مع تزايد القلق من الرسوم الجمركية الأمريكية    انباء عن تعرض سفينة تجارية ثانية لهجوم في البحر الاحمر    - وفاة عميد المخترعين اليمنيين المهندس محمد العفيفي صاحب الأوتوكيو ومخترع ال 31 ابتكارا    الرصاص يتفقد سير العملية التعليمية والتربوية في البيضاء    الدبة وصلت 2000.. تعز بدون ماء    القدس يحرز كأس الفقيد الحكم الدولي المروني للكرة الطائرة    الهلال السعودي يتعاقد مع اللاعبة الفرنسية حمراوي    أمم أوروبا سيدات.. إسبانيا تكتسح بلجيكا بسداسية    معركة كربلاء من المأساة الى المنارة (3)    النجدة بصنعاء تستعيد 41 سيارة مسروقة    مونديال الأندية.. فيفا يلغي مباراة المركز الثالث    شرطة تعز تمهل الجهات المختصة 24 ساعة لحل أزمة مياه الشرب وتؤكد أنها لن تقف عاجزة    كمبيوتر عملاق يتوقع بطل كأس العالم للأندية 2025    اكتشاف مدينة مفقودة في بيرو عاصرت حضارات مصر القديمة وبلاد الرافدين    الخبير المعالج الصلوي: الطب الشعبي مكملاً للطب العام ، في عدة مجالات    مافيش راتب.. مافيش كهرباء.. مافيش خدمات    بعد ليزا نيلسون.. فنان فرنسي يتهم مها الصغير ب"سرقة" لوحاته    الفصل الخامس    ال عفاش يستغلون مكرمة اماراتية كهربائية ويبيعونها لحسابهم الخاص    توازن مختل في عدن.. السلاح بأيد الجنوبيين وخزائن المال يمتلكها وافدي تعز    الامارات تنجز 90% من مشروع محطة الطاقة الشمسية لكهرباء عتق    صنعاء .. التأمينات الاجتماعية تعلن صرف مرتبات المتقاعدين وتستعد للانتقال للمحفظة الإلكترونية    مفتاح وجعمان يفتتحان مشاريع خدمية ومبادرات مجتمعية بعمران    تحسن ملحوظ في خدمة الكهرباء بعدن عقب وصول شحنة وقود إسعافية    ردع منهار وأهداف غائبة : عجز إسرائيلي أمام جبهة الإسناد اليمنية    غدا.. تشيلسي يواجه فلومينينسي في نصف نهائي كأس العالم للأندية    ترامب يفرض رسومًا جمركية على 14 دولة ابتداء من اغسطس    إين هي حرية الاختيار المزعومة؟!    عقلية التملك والاستحواذ لدى جماعات الاسلام السياسي    تسجيل هزتين ارضيتين وسط محافظة الحديدة    اليافعي يكرّم الفنانة التشكيلية من ذوي الاحتياجات الخاصة هبة الفقير    انتقالي شبوة يتفقد العمل في مستشفى محمد بن زايد التعليمي    دور السينما في السعودية تربح 111مليون ريال سعودي في شهر فقط    مدرب الناشئين:سنتيح الفرصة لاستكشاف المواهب على امتداد خارطة الوطن    هيئة الإغاثة تتفقد أسرة ضحايا مجزرة الحوثي في المُسيمير بلحج    الإعلام الأمني: تسجيل 23 حالة انتحار خلال يونيو ومأرب وتعز تتصدران القائمة    مصر.. اكتشاف مقابر أثرية تحمل زخارف مدهشة في أسوان تعود للعصرين اليوناني والروماني    إسرائيل تشن هجوماً على الحديدة والحوثيون يتصدون "للعدوان"    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    بمشاركة عدد كبير من الأطباء من الداخل والخارج .. تحضيرات لعقد المؤتمر الطبي السابع لطب الأسنان    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    لا يحق لإمام المسجد رفض أمر ولي أمر المسلمين بعزله من الامامة    مرض الفشل الكلوي (11)    دراما اللحظات الأخيرة.. الريال يعبر دورتموند ويصطدم بسان جيرمان    نار الأسعار بعدن تجبر المواطنين على ترك وجبة شعبية شهيرة    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    ساير الوضع    ساير الوضع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشكلة الجنوب تهدد بنسف الحوار الوطني في اليمن
نشر في عدن الغد يوم 28 - 11 - 2013

إصرار ممثلي "الحرك الجنوبي" على أن تقتصر الدولة الاتحادية (الفيدرالية) اليمنية الجديدة على إقليمين فقط، شمالي وجنوبي، ورفض قوى سياسية شمالية لهذا الاقتراح، ينذر بانفجار الحوار الوطني المتعثر منذ انطلاقته في آذار/مارس الماضي، مع ما تشكله حرب الحوثين والسلفيين من إثقال على الحوار وتطبيق باقي خطوات المرحلة الانتقالية.



كتب – عامر راشد

كان من المرتقب أن تنتهي أعمال مؤتمر الحوار الوطني بتوافق المشاركين في الحوار على شكل الدولة الجديد، كي يصار إلى الشروع في الخطوات العملية الأخرى التي نص عليها اتفاق المرحلة الانتقالية، وصولاً إلى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، غير أن الحوار غرق في تفاصيل "المسألة الجنوبية"، التي كانت سابقاً أحد أسباب تأخر انطلاق الحوار، ومن ثم احتدام الخلافات على طاولته، وتعذر الخروج منه برؤية مشتركة لحل "المسألة الجنوبية"وباقي القضايا الخلافية بين المتحاورين، وفي مقدمتها الاتفاق على قضايا العدالة الانتقالية وكيفية تطبيقها.

المبعوث الدولي الخاص إلى اليمن جمال بن عمر طالب مجلس الأمن الدولي بالتدخل لإنقاذ "الحوار الوطني" اليمني، من خلال توجيه رسالة قوية للأطراف التي تعرقل الحوار، وخص بن عمر في كلمته، حسب بعض وسائل الإعلام العربية والدولية نقلاً عن مصادر دبلوماسية، الرئيس السابق علي عبد الله صالح وأنصاره وأطراف في "الحراك الجنوبي". وكذلك من أسماهم بن عمر ب"الانتهازيين السياسيين الذين يعيقون التوصل إلى تسويات لإنهاء المؤتمر في أسرع وقت"، مع تأكيد حرص مجلس الأمن الدولي على إنجاز الحوار قبل نهاية كانون الأول/ ديسمبر القادم، كي يكون من الممكن تنفيذ الجدولة الزمنية للمرحلة الانتقالية وفقاً ل"المبادرة الخليجية" المتبناة والمدعومة من مجلس الأمن الدولي.

بن عمر حدد بإيجاز ودقة طبيعة العقبات الماثلة في الحوار، والقوى التي تقف وراءها والمصالح الفئوية التي تتوخاها، غير أن إعادة تلك العقبات إلى جذرها يفيد في التشخيص الموجز الذي قدمه أن الحوار مازال عالقاً بين محاولة الرئيس السابق علي عبد الله صالح وأركان الدولة العميقة في اليمن استمرار هيمنتهم على المؤسسات، وتعطيل أي تغيرات جدية في بنية نظام الحكم، لاسيما في بنية الجيش والأجهزة الأمنية، وبين وقوع ممثلي "الحراك الجنوبي" في الحوار الوطني تحت وطأة ثقل تجارب ما بعد حرب 1994، وما سبقها من أخطاء كبيرة ومريرة في تجربة الوحدة الاندماجية بين الشمال والجنوب.

يضاف إلى ما سبق ما تشكِّله الحرب بين السلفين والحوثين في الشمال من إثقال على الحوار الوطني، والفوضى الأمنية والتوترات القبلية التي تهدد السلم الأهلي والاستقرار، والمواجهات بين الجيش ومقاتلي المجموعات الموالية لتنظيم "القاعدة" في محافظة حضرموت.

وفي خضم كل هذه المعوقات التي تعترض الحوار الوطني اليمني، والسلبيات التي حالت دون أن تتمخض عن جلساته حتى الآن عن مخرجات للقضايا الخلافية، أعرب بن عمر عن ثقته بإمكان التوصل إلى حل توافقي ل"المسألة الجنوبية" من خلال تشخيص حلول واقعية، رغم فشله في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة حول معالجة هذا الملف الشائك.
لكن إعطاء زخم جديد للحوار والتعجيل في حسم القضايا الخلافية بات يتطلب حضوراً دولياً وإقليمياً، وعبَّر بن عمر عن ذلك في شكل غير مباشر من خلال إحاطته الدورية لمجلس الأمن الدولي عن تطور العملية السياسية في اليمن، حيث أن طلب بن عمر إدانة الذين يعيقون الوصول إلى تسويات يمثل في جوهره توجيه تحذير شديد اللهجة، ستتبعه وتترتب عليه إجراءات من قبل مجلس الأمن الدولي، كان التلويح بها في السابق فعالاً لجهة إقناع الرئيس علي عبد الله صالح بترك كرسي الرئاسة وتخفف شروطه إزاء أسس الحوار الوطني، والحد من التخريب على الحكومة الانتقالية.
للتذكير؛ منذ البداية كان معلوماً أن المرحلة الانتقالية في اليمن، بما هي مرحلة مفصلية في تاريخه الحديث، ستبقى محفوفة بالمخاطر والشكوك بتطبيق سلس، لأن نجاح الرئيس عبد ربه منصور هادي، وحكومة الوفاق الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة، في إدارة المرحلة الانتقالية يرتبط بتقديم العون له من الرئيس السابق علي عبد الله صالح وأحزاب المعارضة التي بقيت خارج الائتلاف الحكومي. وتم التأكيد حينها على أن صالح سيظل صاحب النفوذ الأقوى في المؤسسات الحكومية خلال معظم الفترة الانتقالية، ودون تعاونه ستكون فرص إعادة هيكلة مؤسسة الجيش والأجهزة الأمنية معدومة بسبب سيطرة أقاربه وأنصاره المخلصين عليها. أما فيما يخص المعارضة، التي شاركت في الائتلاف الحكومي، فإن مهمتها الأولى كانت تتجسد في إقناع الشارع المعارض بقبول "المبادرة الخليجية"، بكل عناصرها، لوضع البلاد على سكة الانتقال السلمي للسلطة والتعافي من العنف والانفلات الأمني والانهيار الاقتصادي، بالانخراط في الحوار الوطني وإنجاحه، والحفاظ على وحدة اليمن كمكسب وطني يجب حمايته المحافظة عليه بمعالجة الأخطاء السابقة، التي تدين نظام حكم علي عبد الله صالح، وليس رفع مطالب انفصالية كمن يقطع رأسه للتخلص من الألم.

القضية الثانية التي كانت تشكل خطراً على العملية الانتقالية، وما زالت، هي التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية اليمنية، الذي من شأنه صب الزيت على نار الفتنة، في غابة من السلاح، ومتاهة من المشكلات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والقبلية والإثنية المتراكمة، والفساد والمحسوبية وضعف إدارات الدولة، وتقديم المصالح الفئوية والحزبية والشخصية على المصالح الوطنية، وإتباع طرفي الصراع سياسات إقصائية.

وفي الملفات العالقة في الحوار الوطني، "المسألة الجنوبية" وقضايا العدالة الانتقالية، وفي ملفي الانفلات الأمني والحرب بين السلفيين والحوثيين يبرز جلياً حجم التدخلات الخارجية لقوى إقليمية تدعم هذا الطرف أو ذاك من أطراف الحوار الوطني، وتكاد تكون الحرب بين السلفيين والحوثيين بمثابة حرب بالوكالة بين دول خليجية عربية وإيران، كجزء من حرب مذهبية مستعرة في أكثر من بلد، وفي أكثر من شكل، مع ما يتخللها من نماذج دموية مفرطة.

وعليه؛ إن الأزمة التي تعصف باليمن منذ أكثر ما يقرب من ثلاث سنوات تجاوزت حدود الصراع على السلطة، إلى صراع يطال اليمن كدولة وكشعب، يضع السلطة والمعارضة أمام مسؤولية تاريخية لإبعاد شبح الحرب الأهلية المهلكة، والسمو فوق الخلافات والأهواء الحزبية والشخصية حقناً لدماء اليمنيين، والاحتكام إلى الحوار بعقل منفتح لتجنب محذور الانفصال، فالمكاسب التي تتحقق بالحوار، وهي ليست بالقليلة وإن كانت أخفض من المطالب التي رفعها الحراك الشعبي المعارض للرئيس السابق علي عبد الله صالح، يمكن لها من خلال إيجاد آليات تنفيذية لها أن تنقل اليمن إلى عصر الإصلاح والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.