عرفته .. مخلصاُ .. مبدئياً .. لا يهادن في الوطن ولا يعترف بالمنطقة والقبيلة .. مدني هو حتى اسرته تقاسمه نفس المزايا .. رغم أنهم كلهم ( هو وزوجته ) أتوا من الضالع , ربما كان هو الشاب الذي دخل عدن والتحق بالشرطة في المجال الطبي , أو هكذا يخيل إلى .. كانت معرفتي به في العام 1977م عندما انتقلت من حي السعادة خور مكسر إلى المعلا تركت ( السعادة ) وأهله الطيبين الذين اعتز بهم إلى اليوم .. وكنت أخشى أن لا أجد زملاء أو جيراناً بمثلهم في حي السعادة .. لكن كانت المعلا في نفس الحفاوة والترحيب اللهم أن ( المعلا ) منحتني الشهرة في عالم ( الصحافة ) لقربي من ( 14 أكتوبر ) مدرستي الغالية في مسار ( صاحبة الجلالة ) .. تركت حي السعادة وودعت الأخ ( التاجر الصغير ) حيدرة .. لم أعرف بقيه اسمه وهو اليوم من كبار التجار وهذه حقيقة مؤكدة .. ودعت الحي في وجوم كبير , لم أعد أرى زملائي جيراني : عوض محمد طالب / عبدالقادر .. / السيد علي / السجوح / حسين الأحمدي / علي عبده سيف / أحمد عبيد قاسم / .. وآخرين ..
المفارقة أن ( حيدرة ) كان بديلاً لحيدرة الذي ودعته .ز إنه جاري الجديد في المعلا .. هو ( أبو رمزي ) .. حيدرة نصر مثنى ابن الضالع الأصيل .. تزاملنا .. وعشنا حتى اليوم جيراناً .. يالله من وئام وحب حصلت عليه .. كان عمري ( 24 ) سنة آنذاك انتقلت إلى المعلا بعد الزواج بأشهر , لم يكن لدي أطفالاُ .. وصار عندي اليوم خمسة , وصرت جداً ولي حفيدان .. أو ( سبطان ) كما اشاء بذلك التربوي القدير .. ( أبو علي ) وهو استاذ اللغة العربية : طه علي طه .ز ومن لا يعرف هذا الغزاوي الذي غزا حياتنا وقلوبنا وصار عدنياً يمنياً 100% لا شيء معه من ( غزة ) غير تذكر الوطن أسليب والمآسي والويلات التي تلحق بشعبنا العربي الفلسطيني ..
حيدرة : نناديه ( الدكتور حيدرة ) .. فهو فعلاً يعمل ربما مساعد طبيب في مستشفى الشرطة ( النصر ) سابقاً .. وهو الآن في معسكر ردفان بنفس العمل والمهام .. وبخبرة دكتور .. ما شاء الله تبارك الله ..
هو في الحي السكني ( مدرم ) بالمعلا , وفي عدن كلها رجل إنجاد وإنساني من الدرجة الأولى نعم .. ونعم من أنجبته .. ونعم ( الضالع ) التي ينتسب إليها .. أليست هي قبلة الثوار والأحرار ومنها برز العظام الذين قادهم ابن ردفان الشامخ البطل ليفجروا ثورة ( 14 أكتوبر ) في جبهات عديدة .. وكانوا مازالوا صناع المآثر والبطولات ؟!
أتحدى اليوم .. بعد مضي سنين طويلة وعمر الآن في ال ( 61 ) يا له من زمن عشناه بحلاوة ونقاوة , وصفاء نفوس , لم تكن المشاكل والأزمات السياسية تحول بيننا أبداً .. عصفت السياسة والحرب بالكبار , لكننا كنا نزداد محبة وتماسكاً واستفدنا من الحياة المتاحة .. استفدنا من الدولة التي تستند للقانون والنظام والأخلاق المدنية والمتوارثة إلى اليوم ..
حيدرة نصر مثنى , كان النموذج الهادئ وصاحب القلب الكبير .. أتذكره عندما كانت المشاكل تعصف بنا داخل الحزب , كنا نواجه بعضنا بالنقد الذي قد يجرح أحياناً .. لكننا كنا أكثر تماسكاً وصلابة .. ولم تعصف بنا الأنواء .. ظلمنا حتى اليوم بحياة بسيطة لكنها لذيذة وجميلة أسرة حيدرة هي اسرتي , اللقمة كنا نقتسمها سوياً .. لم تحدث بيننا أية مشكلات , سبحان الواهب المعطي وصدق المثل القائل : ( رُب أخ لك لم تلده أمك ) !
هذا الضالعي الجميل .. ظل بعلمه الأجمل والنبيل يقدم خدماته برضى , من بيت لبيت وفي أنصاف الليالي .. كان ومازال الرحل المحترم والأثير يحب الناس .. وحياته بسيطة , رغم رتبته العسكرية .. لا تشعر أنك مع رجل شرطة بل تشعر أنك مع إنسان .. ملاك .. وهو كذلك ..
رزقة الله بأربع بنات وولد , هم كل ثروته .. وقبلها رزقة بزوجة مخلصة جعلت منه أحسن وأفضل الرجال.. وصحيح أن وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة , تلك هي أم رمزي .. فسلام عليها وعلى حيدرة الأخ النبيل الذي هو اخي فعلاً بعدما فقدت أخي الطيار الحربي عام 1975م في كارثة الطائرة المتحطمة في أبين .. وسلاماً للأرض الطاهرة ( الضالع ) المعطاءة .. ولعدن أمنا وحبنا الكبير ..