يبدي الرئيس اليمني السابق علي صالح وجماعة الحوثي اصرارا قويا في مواصلة الحصار الخانق على مدينة تعز وسط البلاد، رغم التقارير الحقوقية والضغوط الاعلامية، ما يشير الى قيمة موجبة كبيرة في معادلة الصراع السياسي الذي يعد “صالح” احد اطرافه.. الرئيس السابق علي صالح والذي عرف عنه مهارته في “الرقص على رؤوس الثعابين” في ادارته للعملية السياسية في البلاد طوال فترة نظام حكمه، لا زال يناور في اكثر من جبهة بعد دخول قوات التحالف على خط المواجهات، وعينيه معلقتان على تعز – المحافظة الاكثر تضررا والمشتعلة منذ بدء الاجتياح المسلح لمليشيا الحوثي للمحافظات الجنوبية. وتشير تقارير اعلامية الى توجيهات يصدرها صالح تباعا لتعزيز جبهه تعز بقوات عسكرية مستمرة ولو على حساب جبهه الحدود مع المملكة. وفي هذا السياق يرى الخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور علي محمد الذهب أن الاهتمام بتعز يتمثل لكونها أكبر قيمة موجبة في معادلة النزاع المسلح والسياسي؛ لذا فخروجها من قبضة صالح والحوثيين، يعني زوال التهديد على مناطق الجنوب التي تقع إلى الجوار القريب منها حسب تعبيره. الخبير الذهب في تصريح خاص ل«الخبر» يشير الى ان تعز مفتاح الدخول للعاصمة صنعاء؛ إذ أن وقوعها بيد جيش الشرعية يعني فتح الطريق أمام هذا الجيش للتقدم نحو الحديدة وصولا إلى ذماروصنعاء معا، دون النظر إلى المعاثر التي تقف في طريق هذا التقدم. ويضيف الذهب بأن سيطرة جيش الشرعية على تعز يفتح الطريق أمامه للسيطرة على إبوذمار وصولا إلى صنعاء.. بغض النظر عن أي عوائق؛ لأن لكل منها طريقة مناسبة للتعامل معها. وتابع الذهب: ” وفق حسابات صالح والحوثيين، كما يبدو، عدم قدرة جيش الشرعية على استعادة صنعاء بوضعه وأدائه، فهي محمية بالمواليين القبليين لهما الذين سيقفون سدودا منيعة في مداخلها المختلفة أمام أي تقدم، وباستثناء الجبهة التي تدور فيها المعركة الآن”. واضاف وبالتالي فإنه في أسوأ الأحوال، لو حصل وتمكن الجيش الشرعي من السيطرة عليها، فإنها ستكون مهددة من جبهات مختلفة هي: الشمال (صعدة وما إليها)، والجنوب ( ذمار، وإب، وتعز)، ومن الغرب ( الحديدة وما في طريقها)..أي أن معركة أخرى ستنشأ. ويصف الخبير الذهب هذا التصور بالمعقول مع كونه محفوف بالمخاطر، إذ لم يكن نابعا عن خطة محكمة ضامنة للمتغيرات السابقة وغيرها من متغيرات المواقف الخارجية ممثلة ببعض دول التحالف. وشدد على ضرورة الا يجب إغفال مسألة خسران صالح والحوثيين لتعز لكونها تشكل الإقليم الثاني(الجند) في الشمال بعد إقليم سبأ، ودخول إقليم معين طور التشكل والصراع الطويل بين أقطابه على من يحتكم بقراره. الخبير الذهب علل تكثيف الحوثيين وقوات صالح من اطلاق الصواريخ لمناطق الحدود السعودية بان الأمر يكشف عن إخفاق التحالف في استهدافها، وأن مسألة عودتها بهذه الصورة أمر فني ارتبط بخلو المنظومة من كوادرها، سواء من الجنوبيين، وهم الجزء الأكبر، بعد تركهم لمواقعهم في هذه المنظومة، أو من غيرهم ممن لم يرقه أن يكون تحت قيادة انقلابية لا يتفق معها-. واوضح الذهب: كما يبدو- بان الدور الروسي أثر بارز في هذا التحول، لا سيما إذا ما استحضرنا الأنباء التي تحدثت عن قدوم عدد من الروسيين قبل شهرين، وبعد الزيارة الأولى لصالح للسفارة الروسية.. وقد أثرنا هذا الأمر حينها.