منصور بلعيدي ذهبت إلى أحدى المدارس في مديرية المعلا في محافظة عدن للاطلاع على أحوال النازحين الذين أتخدوا من المدارس سكناُ لهم ولكنني فوجئت بما رأيت !! نساء وأطفال شباب وشيوخ يتكدسون في(( الشعب )) الدراسية كحبات السردين يتزاحمون في الساحات حين يبحثون عن لقمة عيش تقدم لهم من الأيادي البيضاء في المنضمات الإنسانسة والأهلية وأهالي عدن الطيبين يفرشون البلاط ويتقاسمون البطانيات وبعض الأسر التي تقدم لهم لا تكفي لسد حاجت الجميع فيشتركون فيها كما يشتركون في ألم النزوح عن الموطن والسكن كما يتشاركون في المعاناة التي سقطت على رؤسهم فجأة كجلمود صخر حطه السيل من عل. رأيت أمراه طاعنه في السن مصابة بعدة أمراض أكبرها ضغط الدم وهي في حالت إعياء وإرهاق شديد يكسوا محياها مسحوقة من الحزن الدافي ويتقمصها الشرود الذهني وحالة الإحباط .... سألتها : هل تجدين رعاية صحية في المدرسة ؟! أجابت دون الالتفات إلي وبتلقائية: نعم لكنها ليست كافية ..... ويبدو أن حالة النزوح قد تحولت لديها الى اهرامات من الهموم افقدتها طعم الحياة الطبيعية وحاولت دون استفادته من الدواء مما جعلها تعيش حالة إعياء مستمرة رغم تلقيها العلاج !! هذه نموذج لحالة نازحين أبين حيت اضطرتهم الظروف للخروج من بلدهم تحت وطأت القصف العشوائي للقوى العسكرية الذي لا يفرق بين المواقع المفترضة للمسلمين الذين يحتلون زنجبار وبين منازل المواطنين الذين صاروا هدفاً سهلاً لتلك القوى فاؤلئك المسلمين هبطوا على المدينة على حين غرة من أهلها و تباطئ من الأجهزة الأمنية في المدينة لا تخطئه العين فعاثوا في المدينة فساداً وعبتاً أهوى كشغل العصابات والمافيا .... أحالوا المؤسسات والمرافق الحكومية إلى خراب... نهبوا محتوياتها وسرقوا بنوكها دمروا بنيتها التحتية وكأنهم تتار العصر رغم أنهم من أبناء جلدتنا يتحدثون لغتنا ويتنفسون هواء بلدنا وبعضهم نبث لحم أكتافهم من خيراتها لكنهم قابلوها بالجحود والنكران ..... يزهقون الأرواح بلا رحمة ويسفكون الدماء بلا وازع من دين أو ضمير... إنهم وحوش العصر وربما كانت الوحوش أقل منهم فتكاً وأكثر رحمة.... ومازالت المدينة رهن اعتقال الوحوش وعجزت القوى العسكرية بكل تفريعاتها عن تحريرها ليعود إلها أهلها الذين هجروها غراً ومازالوا نازحين بيت من الشعر : ((عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى وصوت إنسان فكدت أطير))