شعب يستنشق الحرية ، ويتنفس التغيير ، ويعشق الكفاح ، ويهيم بالنضال ، لن يكون الواقع ضده ،سينتصرالشعب ولن ترجع خياراته وأهدافه إلى الوراء . سيكون على المليشيات المتبقية من النظام الرضوخ لإرادة الشعب مهما كانت التضحيات ، هذا هو الواقع الذي نشاهده حاليا ، لا قوة فوق قوة الشعب ، ولا صوت يعلو فوق صوت التغيير . سطر شباب الثورةوالجيش المنظم لها أورع الأمثلة في الكفاح والنضال ،كلنا نبارك ذلك ، ونعتبره مؤشر كبير على الحسم الثوري المنتظر منذ أشهر . عشرات الشهداء قتلوا بقناصات ودبابات مليشيات صالح ، لكن دماء الشهداء هي من ستقتل مستقبل أبناء صالح ، لن ترجع الثورة الى الوراء ، ولن يعود التصعيد إلى الخلف ، الواقع يؤكد أننا نعيش مرحلة الإنتصار ومليشيات صالح تعيش مرحلة الإحتضار . صحيح أنني أكتب هذه الأسطر وأنا أفكر بإصابة زميلي يوسف حازب ، وصديقي أحمد عبد المغني ، وأستاذي محمد الظاهري ، وأحمد القميري ، أجزع كثيرا عندما أتأمل صورة للشهيد الطفل الذي لم يتجاوز عمره عاما واحدا ، وأتجرع مرارة الألم وأنا أسترجع صور الشهداء الذين سقطوا ، شباب في عمر الأحلام نذروا حياتهم للتغيير اغتالتهم مضادات طيران ،عادوا الى المستشفيات جثث هامدة وبدون روؤس ، لم أشاهد كهذا المشهد في حياتي ، إنه مشهد محزن ومقزز بشكل لا يقارن . أكتب هذه السطور وأنا أتذكر بكاء أحد الشباب حزنا على أخيه الشهيد ، أتذكر كلام المرأة التي اعتلت منصة ساحة التغيير ، ترفع من معنويات المعتصمين وتحثهم على الكفاح والتصعيد حتى تحقيق الأهداف ، أكتب أحرفي وأتذكر عشرات من سيارات الإسعاف تسعف مصابين دون أرجل أو أيادي . لم يدع هؤلاء القتلة صغيرا ولا كبيرا ،آلة القمع لا تفرق بين هذا وذاك ، فالهدف سفك مزيد من الدماء ، وكأن لسان حالهم اسفكوا دماءهم كي يرتدعوا ، لكن دماء الشهداء هي من ستروي أغصان الثورة . صحيح أننا تجرعنا الحزن والألم بسقوط الشهداء ، لكننا نتذكر أيضا أن الحزن والألم يتجولان في محيطنا منذ 33عاما، لذلك ، لن نقلق، فالموت تحت سقف الحرية والتغيير والكرامة أفضل بكثير من الموت بالأمراض والأوبئة والفقر ، وكل المساوئ التي زرعها نظام صالح .
مجازر مليشيات صالح بشعة، مقززة ، مبكية ، أسقطت دموعنا حزنا ، وقطعت قلوبنا ألما ، لكن النصر قادم ، فهذه المجازر مثار لسخط كل اليمنيين حتى المؤيدين للنظام لم يعد بوسعهم سوى كيل مزيد من التهم للثوار ،الإعلام العائلي لا زال يحاول نشر الأكاذيب والأباطيل ، يظلل على الحقيقة بعد أن عرفها الجميع ، لكن ،سيأتي اليوم الذي يعرف فيه الجميع خساسة ودناءة هذا الإعلام والقائمين عليه . ارتبكا المؤتمر نت و الميثاق نت ،حارتا قناتي اليمن وسبأ ، تاهت صحف الثورة والجمهورية و14 أكتوبر ، دافعت إذاعتي صنعاء والشباب عن مليشيات النظام نشرت معلومات تضليلية ، لكن الواقع يؤكد أن الإعلام الرسمي في ارتباك كبير كارتباك مليشيات النظام ولم يعد لهذا الإعلام من مستمع أو مشاهد أو قارئ سوى القائمين عليه . لم يعدمع صالح سوى مجموعة من المليشيا المسلحة المأجورة التي ستسقط قريبا مع انتهاء الأوراق الباهتة التي تدفع لهم ،حتى الفئة الصامتة والموالين للنظام غيروا من قناعاتهم بعد المجازر التي ارتكبت في القاع ، جولة كنتاكي ، جنوب ساحة التغيير ، وشارع هائل ، هذه المجازر أيقظت قلوب الصامتين ، فلا زلت أتذكر جدلي الكبير مع زميلي خالد الصايدي وزميلي الآخر ماجد الطياشي المؤيدان للنظام ، استغربت من تغير قناعاتهم ، بدوا أكثر استياء من مجازر النظام فخالد وماجد قالا :إن النصر قادم وأن الحسم سيكون قريبا ، ولا قوة فوق قوة الثورة .
انتقد الكثيرون الجيش المنظم للثورة ، وتساءل البعض ما دور هذا الجيش ، لماذا لم يحم المعتصمين ..؟ ، حتى أن البعض خصص مساحة من حياته في نقد الجيش المنظم للثورة ، لكن الجيش أثبت أنه مناضل جسور في حماية المعتصمين ، ومواجهة آلات مليشيات صالح ، ضرب أروع الأمثلة في النضال قرب جولة كنتاكي ، القاع ، الزبيري ، أصاب ملييشيات صالح بالذعر والخوف ، أعطاهم درسا كبيرا في الكفاح من أجل التغيير والوطن ، وليس من أجل صالح وشلته.
الشاب عبد الرحمن كان صادقا في فعله عندما أهدى أحد جنود الفرقة قبلة على رأسه كوسام شاهد على حب المعتصمين للجيش المؤيد للثورة ، وتكامل البعض مع الآخر ، قال لي عبد الرحمن :ناضل جيش الفرقة كثيرا حتى أنهم طاردوا المليشيات المسلحة واعتقلوا عددا منهم ، وبذلوا جهدا كبيرا في الدفاع عن المعتصمين .
مع نضال وإصرار المعتصمين على الحسم ، لم يعد أمامنا سوى أن نترقب اللحظة التي يعلن فيها إزالة بقايا النظام ومليشياتهم ، والأيام القادمة ستنبئنا بذلك ، ودام الوفاء للشهداء ، ودامت أرض اليمن حرة ، خالية من الظلم والبطش والاستبداد ، خالية من صالح وزمرته وستبنى اليمن الجديد ، بعد هدم النظام البالي .