أود في البداية التأكيد على المسألتين التاليتين :- 1- العنوان أعلاه أخذته من موضوع للصحافي الشاب الرائع الخلوق (فؤاد مسعد) المنشور في صحيفة الوطني بتاريخ 23/أبريل/2009م وهو عبارة عن مرثية باستشهاد ولدي وضاح صالح الحربي . 2- في موضوعي السابق المنشور الأسبوع الماضي في الصحيفتين المكافحتين (الشارع ووفاق) طلبت في نهايته من قناة عدن الحكومية فيما إذا بقي لديها شيء من أرشيفها التاريخي أن تزودنا كمواطنين ببعض المسرحيات والأناشيد الوطنية التي حددت بعض منها وذكرت أسماء أبطالها ومنشديها ولكنني تناسيت ذكر مؤلفيها وهم: - مسرحية التركة تأليف سعيد عولقي وإخراج الفنان المسرحي الكبير (أحمد الريدي) يرحمه الله. - أنشودة نشوان من كلمات الشاعر الكبير (الدكتور سلطان سعيد الصريمي) . - أنشودة يا قافلة عاد المراحل طوال من كلمات الشاعر الكبير/ مطهر الإرياني يرحمه الله. ثم أعود إلى الموضوع وأقول إن وسائل الموت في بلادنا قد تعددت وتمددت وغرست مخالبها في مفاصل المجتمع وأوعيته الدموية كافة، ومع إيماننا بالقضاء والقدر إلا أن رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم قد حذر من البينات، وهذه الأسباب التي فتكت بشعبنا وما تزال هي من البينات التي ينبغي تجنبها قدر المستطاع ومنها على سبيل المثال: أ. الأسلحة بمختلف أنواعها ومسمياتها تستخدم في الحروب الداخلية وقمع الاحتجاجات وفي الحروب القبلية والثارات وفي الأعمال الفوضوية وأعمال السطو والتقطع والسرقات وتستخدم أيضاً للهنجمة وللزينة كما يقال وللأعمال الإرهابية وللفعل ورد الفعل وأحياناً تكون وسيلة لقتل البشر بسبب سوء استخدامها، هذه الأسلحة تحصد سنوياً في اليمن عشرات الآلات من المواطنين قتلى وجرحى ومعاقين من مختلف الأعمار رجالاً ونساءً بالطرق التي أسلفنا ذكرها وسواها وليس لها علاقة بالدفاع عن الحدود السيادية والأجواء والمياه الإقليمية لليمن، كل ذلك بسب السياسات العقيمة وعدم تنظيم عملية حيازة وحمل الأسلحة وترشيد عملية استيرادها ومنع الاتجار بها، ولابد من تفعيل مشروع القانون الذي لم يشاهد النور منذُ بداية تسعينات القرن المنصرم بسبب اعتراض كثير من الجهات النافذة والتقليدية عليه وتخلي الدولة عن مسؤولياتها في حماية المواطن . ب. الحوادث المرورية بتنوعاتها تحصد سنوياً من المواطنين بما يوازي تقريباً ضحايا الحروب والثارات والأعمال الإرهابية كل ذلك بسبب انعدام الضوابط المرورية ومراقبة السير وإضعاف هيبة رجال المرور وإفساد الأخلاق وانتشار الرشاوى بشكل فاضح ومنح تراخيص قيادة السيارات في كثير من الأحيان بالمراسلات واستخدام الأطفال لقيادة السيارات الفارهة والتعامل مع الهواتف أثناء قيادة السيارات بشكل مفرط وعبثي وعدم الشعور بمسؤولية تجاه مستخدمي الطرقات من المارة أو السيارات الأخرى، كل هذه الأسباب وغيرها تشكل جرحاً أخراً في جسم الوطن ينزف دماً دون توقف. والمطلوب وضع ضوابط وإجراءات رادعة لا تميز بين الرئيس والمرؤوس للحد من الرعونة والاستهتار وبهدف التقليل من حوادث السير قدر المستطاع حفاظاً على أرواح المواطنين. ج. المبيدات الحشرية والسموم التي تقتل المواطن بشكل تدريجي رغم أنه يدفع ثمنها مقدماً قبل أن تقتله حيث يشترك في الجرائم من هذا النوع وكلاء استيراد وتسويق تلك المبيدات وكذلك وزارات الزراعة والصحة ثم الجمارك والأجهزة الرقابية والمهربين وكذلك المزارعين الذين يفرطوا في استخدام المبيدات بهدف التسريع في نضوج مزروعاتهم من القات والفواكه والخضروات . وقد سمعنا الكثير عن ذلك وشاهدنا وسمعنا حلقة نقاش تلفزيونية من الفضائية اليمنية تأكد لنا من خلالها أن أكثر من 120 نوع من المبيدات المحظورة دولياً تجد لها سوقاً وحيداً هي اليمن وبمعرفة ودراية الجهات المختصة في الدولة حيث حصدت هذه السموم عشرات الآلاف من المواطنين وعشرات الآلاف كذلك يعانون من مختلف الأمراض القاتلة مثل السرطانات والجلطات والشلل والفشل الكلوي وتليث الكبد وتقرحات المعدة والأمعاء والسل الرئوي وأمراض القلب وتصلب الشرايين والتهابات القولون وغيرها من الأمراض المميتة وكذلك الإصابات المرضية التي تؤدي إلى تعطيل بعض الوظائف في جسم الإنسان مثل علاقة البنكرياس بسكر الدم وعلاقة الشرايين والأعصاب بالدماغ وعلاقة الدماغ بالذاكرة وبالسمع والبصر وسواها، فكلما غزت السموم جسم الإنسان عبر القات أو الفواكه والخضروات وبعض المأكولات الأخرى تسببت في إضعاف مقاومة جهاز المناعة لدى الإنسان وأتلفت الكثير من أعضاء الجسم. هذا الأمر مزعج ويؤكد غياب الضمير وانعدام المسئولية وممارسة القتل غير المباشر للمواطنين من قبل عصابة تتاجر بأرواح الناس على مرأى ومسمع أجهزة الدولة الحاضرة الغائبة، فهل هناك شيء من الأخلاق يوقف هذا العبث الذي لا تتطلب عملية التصدي له إلا قليل من الجهد وبعض الإجراءات الرادعة وإخضاع عملية استيراد المبيدات للرقابة الحقيقية؟ هذه ثلاثة نماذج من البينات المتسببة بتعجيل مواعيد الموت بالجملة وبالتفاريق، ورغم ضخامة الأعداد من المواطنين الذين يموتون قتلاً بالأسلحة أو بحوادث السير أو بالأمراض القاتلة الناجمة عن المبيدات، رغم كل ذلك فإن هناك شيء أخر أشد وطأة مما أسلفنا ذكره والمتمثل بالمخدرات التي هي كوم كبير يساوي كل الوسائل القاتلة الثلاث المشار إليها حيث أن خراب المجتمع ليس أقل سوءً من قتله، سوف نخصص بمشيئة الله تعالى الموضوع القادم للحديث عن آفة المخدرات (أضرارها ومخاطرها الاجتماعية ودوافع تسويقها)، والله نسأل أن يحفظ البلاد والعباد ويخلص مجتمعنا من كل هذه الآفات والمصائب إنه سميع الدعاء .