سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
- تشكلت المقاومة الشعبية وخاض رجالها معركة الدفاع عن الشرعية في عدن ومأرب والجوف قبل انطلاق العاصفة -«المقاومة الشعبية».. غضب اليمنيون الذي كبحهُ التحالف وحاربته الإمارات وخذلته الشرعية
باجتياح المليشيات الحوثية للعاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014، وانقلابها على الحوار الوطني، وخطفها الدكتور/ أحمد بن مبارك- وهو متوجه لدار الرئاسة ومعه النسخة الأولى من مسودة الدستور، مطلع 2015- إضافة إلى فرضهم الإملاءات على الرئاسة والحكومة، ما دفع الرئيس هادي والحكومة للاستقالة، واضعين بذلك اليمن بين فكي المليشيات الحوثية الانقلابية. في ذلك التاريخ، كانت المليشيات الحوثية تتوسع- بشكل سريع- في المحافظات المختلفة، وهو ما عجل بتبلور «المقاومة الشعبية» كتحالف وطني يجمع مختلف فئات الشعب لمواجهة المليشيات الحوثية، والتصدي لانقلابها بعد أن أصبحت المتحكمة بكل مقاليد البلاد والحاكمة الوحيدة للدولة ممثلة ب«اللجنة الثورية العليا» التي شكلها الحوثيون ونصبوها كسلطة عليا. المقاومة الشعبية ما قبل العاصفة 1- الحراك التهامي وبدأت «المقاومة الشعبية» تتصدر المشهد المناهض للمليشيات، في وقت خضعت كل الأحزاب والقيادات للجماعة الانقلابية, وكان لافتاً حضور المقاومة التهامية، في محافظة الحديدة، وأكثر بروزاً عقب اجتياح المليشيات عاصفة المحافظة ومكتب محافظها/ صخر الوجيه، في 17ديسمبر/كانون الأول 2014. وبحلول أكتوبر، تصدّر الحراك التهامي مشهد الرفض الشعبي، عبر العشرات من المظاهرات الجماهيرية والشعبية والفعاليات الاحتجاجية التي قابلها الحوثيون بالقمع المسلح والاعتداءات العنيفة، قبل أن تدخل المقاومة في دائرة الاشتباك المسلح مع عناصر المليشيات الحوثية في عدد من أحياء وشوارع المدينة. 2- الجوفومأرب تقاوم وكانت الجوف قد سبقت المحافظات الأخرى، بتشكل نواة للمقاومة الشعبية، إثر محاولات المليشيات الحوثية التوسع فيها منذ وقت مبكر، وما أسفر عن تلك المحاولات من تحالف قبلي وطني سياسي، قاده الشيخ /الحسن أبكر والذي قاد القبائل في مواجهة المليشيات الحوثية في أول أيام انقلابها. وتشكلت في مأرب تحالفات قبلية، كانت النواة للمقاومة الشعبية للمليشيات الحوثية، وهو ما عرف بعد ذلك الحين، بالمطارح القبلية، والتي كان لها وللقبائل المنضوية فيها الدور الكبير في حماية المنشآت النفطية والغازية في المحافظة، ومنع المليشيات الحوثية من العبور عبر المحافظة الشمالية إلى محافظة حضرموت كبرى مناطق اليمن. 3- الجنوب وفي عدن ومناطق جنوبية تشكلت وحدات مقاومة شعبية في المدن الرئيسية، وخاضت تلك التشكيلات أولى المعارك دفاعاً عن الرئيس وعاصمته المؤقتة التي أعلنها في فبراير 2015، بعد نجاحه في الهرب من الإقامة الجبرية التي فرضت عليه في صنعاء بعد استقالته. ودارت معارك عنيفة بين المقاومة الشعبية في عدن والمليشيات الحوثية منتصف مارس/أذار التالي، كما وقفت تلك الوحدات في وجه الانقلابات العسكرية- التي حاول قائد المنطقة العسكرية الرابعة الموالي للانقلابيين في صنعاء حينها- افتعالها إضافة إلى محاولة قائد القوات الخاصة اقتحام مقر الرئيس في المعاشيق والذي أفشل بدفاع المقاومة الشعبية عنه، مع مشاركة محدودة لجنود نظاميين في المعركة. ما بعد عاصفة الحزم بدأ تشكل المقاومة اليمنية بصيغتها الشعبية في عدة مدن ومحافظات منذ اجتياح جماعة الحوثي للعاصمة يوم 21 سبتمبر/أيلول 2014، لكنها تبلورت وترسخت أكثر إثر شن التحالف العربي- بقيادة السعودية- عملية «عاصفة الحزم» فجر يوم 26 مارس/آذار 2015. وانطلقت المقاومة في شقها الشعبي بدوافع فردية وقبلية للتصدي لتمدد الحوثيين باتجاه المحافظات الشرقية والجنوبية لا سيما مأرب، عدن، خاصة بعد تفكك الجيش اليمني الرسمي وانحياز الكثير من ألويته إلى جانب الانقلابيين. وانضمت إلى «المقاومة الشعبية» كل أطياف المجتمع اليمني القبلية والسياسية والمدنية وخاصة فئة الشباب ومن كافة المدن والمناطق، وانحازت إلى هذه التشكلات الشعبية مجموعة من ألوية الجيش اليمني الرسمي الموالية للشرعية المعترف به دولياً والمتمثلة في الرئيس/ عبد ربه منصور هادي وحكومته. وبُعيد انطلاق عمليات التحالف العربي، اقتضت الضرورة الميدانية التسريع بوجود مقاومة منظمة وفاعلة وبلورتها، ومما زاد الإلحاح في ذلك، مغادرة الرئيس والحكومة الشرعية- اللذين كانا في مدينة عدن إلى خارج البلاد واعتقال الحوثيين لوزير الدفاع اللواء الركن/ محمود الصبيحي، مما أحدث فراغاً في حكم البلاد وتسييرها، وخروج معظم ألوية الجيش اليمني عن منظومة القيادة والسيطرة الشرعية ودعمها للرئيس المخلوع وحلفائه الحوثيين. مواجهة أطماع المليشيات وإفشال مخططاتها ومع بداية العمليات العربية المساندة للشعب اليمن، وجهت المليشيات أسلحتها إلى مأرب، وهدد زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي في ذلك الحين بالسيطرة على منشأة النفط والغاز وتدميرها إذا لم يوقف التحالف عملياته الجوية، ووقتها كان للمقاومة الشعبية دورها في إفشال مخطط المليشيات الحوثية ووقف زحفها الكبير على مأرب، وتوقف تقدمها في ضواحي المدينة الغربية، مسيطرة بذلك على ثلاثة مديريات في المحافظة، إضافة إلى صرواح التي ما زالت مسرحاً للمواجهات للسنة الرابعة على التوالي. وفي عدن تمكنت المقاومة من منع تقدم المليشيات للمدينة الجديدة في البريقة، وقاومتهم في المنصورة والشيخ عثمان، واستمرت المواجهات بوتيرة أعلى منذ مارس وحتى أغسطس 2015، حيث انحصر دور التحالف العربي في الإسناد الجوي فقط، فيما كان أبطال المقاومة بقيادة/ نائف البكري، يصنعون الانتصارات التي كانت المشجع الأكبر للتحالف العربي ليقوم بعملية إنزال بحري لوحدات عسكرية تابعة للشرعية كان قد جراء تدريبها في حضرموت، إضافة إلى وحدات من التحالف التي شاركت في العملية وتأمين المدينة والمناطق المحررة. وفي الجوف، ظلت عاصمة المحافظة عصية على المليشيات الحوثية التي عجزت، رغم محاولاتها للسيطرة، في السيطرة عليها، حيث كانت القبائل تخوض معارك الدفاع عن المدينة وعن بعض معسكرات الجيش، قبل أن يستغل الحوثيون أول أخطاء التحالف العربي، ليتمكنوا من السيطرة على المدينة في يونيو 2015، بعد ثلاثة أشهر من انطلاق عاصفة الحزم فكانت البداية للتعامل مع المقاومة بمكيالين. صناعة الانتصارات وعلى مدى أربع سنوات من عمر تدخل التحالف العربي في اليمن، كان دور المقاومة الشعبية، رئيسياً في تحقيق الانتصارات السريعة في ثمان محافظات جنوبي البلاد، كما ساهمة بقوه رجال المقاومة في تحرير مأرب وشبوة وعدة مديريات في البيضاء وتحرير معظم مناطق الجوف والتقدم في مناطق بمحافظة صعدة المعقل الرئيس للانقلابيين شمال اليمن. ومع تطور المعارك وما أبدته فصائل المقاومة الشعبية من بسالة وفاعلية في مواجهة الحوثيين وحلفائهم؛ أصدرت حكومة الرئيس هادي، قراراً بدمج هذه الفصائل في "القوات العسكرية والأمنية" الموالية للشرعية، واتخذ هذا القرار مجلس الدفاع الأعلى اليمني خلال اجتماع له بالعاصمة السعودية الرياض يوم 28 يوليو/تموز 2015. محطات تاريخية في إبريل/ نيسان 2015 تشكلت بعاصمة إقليم سبأ، لجنة أمنية، وأسندت مهام المؤسسة العسكرية هناك للمقاومة الشعبية من أجل الدفاع عن المدينة. وفي نفس التاريخ أعلن في إقليم حضرموت (محافظاتحضرموت والمهرة وشبوة وسقطرى) تأسيس حلف قبائل حضرموت لقتال الحوثيين وتنظيم القاعدة. وفي إقليم عدن تأسس يوم 26 أبريل/نيسان 2015 «مجلس المقاومة الشعبية في عدن» برئاسة نائف البكري (عُين محافظاً لعدن بعد تحريرها). ويُعنى هذا المجلس بالناحية السياسية والعسكرية للمقاومة في عاصمة الإقليم عدن. وفي إقليم الجَنَد(تعزوإب) أُعلِن في 30 أبريل/نيسان 2015 بمحافظة تعز تشكيل مجلس عسكري للمقاومة الشعبية بقيادة العميد/ صادق علي سرحان (قائد اللواء 22 حرس جمهوري) ونيابة الشيخ/ حمود المخلافي أحد المشايخ البارزين في المحافظة. وفي إقليم تهامة (يضم محافظاتالحديدة وحجة والمحويت وريمة) أعلن في 17 مايو/أيار 2015 تشكيل قيادة موحدة للمقاومة هناك يتألف من عدد من المشائخ والشخصيات الاجتماعية والقبلية، بقيادة مهدي الهاتف ومفضل الأبارة. كما شكلت عدة مجالس للمقاومة في "إبوذماروصنعاء وصعدة عمران" كان للمقاومة، حينها مهام عسكرية في الميدان، إضافة إلى كونها الرافد البشري للجيش الوطني ومعسكرات التدريب التي استحدثت بشكل متسارع لتواكب معارك التحرير. التهميش والكيل بمكيلين في العام الثاني لعاصفة الحزم، برز التباين في أهداف التحالف العربي للظهور، عبر الدعم أللا محدود الذي تقدمه الإمارات العربية المتحدة، لفصيل واحد من المقاومة الشعبية في الجنوب، على حساب باقي الفصائل التي كان لها الدور الأبرز في معركة التحرير. ومع مرور السنوات أتضحت معالم ذلك التمييز، وتكشفت مشاريع الإمارات العربية المتحدة، عبر قوات أمنية وعسكرية موازية، تتحكم بكل مفاصل الدولة في المناطق المحررة، بعيداً عن سلطة الحكومة والشرعية التي شكت مطلع العام الماضي تلك الممارسات لمجلس الأمن الدولي. وقد عملت الإمارات على تمكين الفصيل الانفصالي في الحرك الجنوبي، مقابل تهميش فصائل كثيرة منها حراك انفصالي ممتد في جذوره إلى عام 2007م، والحراك الحضرمي، وتشكيلات أخرى من المقاومة كانت أكبر قوة لكنها أقصيت وهمشت ويقبع معظم قادتها في السجون الإماراتية والقوات الموالية لهم في الجنوب، فيما باقيهم ممنوعون من دخول عدن، وهي المقاومة المحسوبة على الأحزاب السياسية كالإصلاح والمؤتمر والناصري والاشتراكي. وفي تعز، يستمر الحصار على المدينة الحالمة، للعام الرابع على التوالي، حيث ظل موقف التحالف غير واضح من مقاومتها، قبل أن تتلقى المقاومة وقوات الجيش التي تشكلت من رحمها، ضربات لطائرات التحالف (قيل إنها خاطئة) وصولاً إلى محاولة شق صفوف المقاومة ودعم فصيل أبو العباس، على حساب التيارات المختلفة. طعن المقاومة في الظهر وبحلول العام 2017م، كان الجمود المفروض، أكبر سلاح يوجه إلى ظهر المقاومة الشعبية، من التحالف العربي وبتواطؤ من الحكومة الشرعية بقيادة رئيسها في ذلك الحين/أحمد بن دغر. ومن حينها وجهت للمقاومة سهام الغدر والاتهام، وقيل بحقها مالم يقل، لتكون هي السبب في تأخر الحسم، إضافة إلى الجيش الوطني- الذي يوجه الانتهازيون، بين الحين والآخر، سهامهم وسمومهم للطعن في وطنيته، والتشكيك في عقيدته ووصفه بالمليشيات القبلية والحشود الشعبية. وفيما كان التهميش نصيب المقاومة الشعبية في عموم البلاد، كانت الانتصارات حكراً على الفصيل الانفصالي الذي صنعته الإمارات ونصبته حاكماً بالوكالة عنها في المناطق المحررة. ومن أشكال التهميش، سرعة ضمن الموالين للفصيل الإماراتي في المقاومة الشعبية، في مؤسسة الجيش ضمن إطار المنطقة العسكرية الرابعة، والتي وصلت قوتها البشرية إلى أرقام خيالية، مقارنة بالمقاومة الشعبية في المناطق العسكرية الأخرى، والتي تم إدراج بعض مقاتليها في المناطق العسكرية، لكن العجز المالي، ظل كما هو التسليح والتموين الغذائي السلاح المتحكم بها من التحالف العربي، وما زالت حتى اليوم تشكيلات الجيش والمقاومة ومعظم الألوية العسكرية في المناطق الأخرى، مجرد أسماء على كشوفات الورق دون أي تعزيز مالي. إضافة إلى الأحزمة الأمنية وقوات النخب التي استحدثتها الإمارات، كبديل لقوات الأمن والشرطة في المناطق المحررة، والتي تظهر اليوم بعد اربع سنوات أكثر قوة وتسليح من قوات الجيش، ومرتبات جنودها تصرف بانتظام، مقابل تهميش أجهزة الأمن والشرطة في المناطق المحررة. الحديدة وعتمة وحجور مددت الإمارات- عبر تحكمها بملف الساحل الغربي- سياستها في تهميش المقاومة الشعبية، ودعم كيانات وتشكيلات أخرى بمسميات مشابه «المقاومة الوطنية» «حراس الجمهورية»، كما منعت أي تواجد أو حضور لمقاومة إقليم تهامة، والذي يشكل المزيج الوطني لأبناء الحديدة، إضافة إلى قيامها بالضغط على الرئاسة، وإجبارها على تغيير المحافظ أبو الغيث والذي كان يقود عملية بناء المقاومة التهامية وفق أسس وطنية، في إطار الجيش الوطني والمنطقتين الخامسة والرابعة. وفي عتمة، كان العام الماضي، نهاية للقبائل المناوئة للمليشيات الحوثية والتي تمكنت في الثلاث السنوات الأول من الحرب في فرض سلطة الدولة في محافظة ذمار، ضمن إطار المديرية التي واجه رجالها الحوثي ومنعوا سلطته من إدارة مؤسسات الدولة في مناطقهم، قبل أن يخذل التحالف والشرعية تلك القبائل ويتركها لقمة صائغة للانقلابيين. وقبل أيام تكرر مشهد الخذلان، لكنه بدا أكثر دموية في مديرية كشر بمحافظة حجة، والتي ظل رجالها صامدين يواجهون المليشيات الحوثية لأكثر من 55 يوماً، لم يصدر التحالف- خلالها- أي قرار بالتحرك العسكري لفك الحصار عنهم، رغم توجيهات الرئيس ونائبه وتحريك قوات من مناطق عسكرية عدة إلى المنطقة. تهميش المقاومة ودعم فصائل لا وطنية منها في الجنوب، وخذلان القبائل، التي جاهرت بإسقاط الحوثيين، قبل أن يتم إسقاطها في معادلات حسابية بعيدة عن أهداف التحالف العربي المعلنة ومسؤوليات الحكومة الرئيسية، والتي تظهر جليةً في طول الحرب، ونتائجها السلبية والوخيمة على الشعب اليمني وحكومته الشرعية المتآكلة يوماً بعد يوم لصالح المتحكمين بالمعادلة والممسكين بعصى المليشيات الحوثية في طهران.