دعا مجلس التضامن الوطني السلطة إلى التعامل مع قضية الجنوب بجدية قبل أن تصل إلى مرحلة يصعب التعامل معها فتدخل اليمن في أزمة غير محمودة العواقب، ولن يستفيد منها سوى الأعداء المتربصين بالوطن. حيث أوضح مجلس التضامن الوطني الذي يرأسه الشيخ حسين بن عبد الله الأحمر خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد أمس الثلاثاء بمقر المجلس بصنعاء بحضور علي عبد ربه القاضي عضو مجلس النواب نائب رئيس مجلس التضامن الوطني ومحمد حسن دماج أمين عام المجلس أن رؤيته لم تقدم بدافع سياسي ولكن بدافع الحرص على وحدة الوطن. وأشارت الرؤية إلى أن للقضية الجنوبية شقان شق حقوقي مطلبي يتعلق بمعالجة كثير من المظالم والحقوق الخاصة بالمواطنين، وشق سياسي يتعلق بحق المواطنين في هذه المحافظات في الشراكة الحقيقية في السلطة والثروة. وشددت الرؤية على ضرورة قيام حكم محلي كامل الصلاحيات على مستوى المحافظات يتيح مشاركة أوسع للمواطنين في كل محافظة ويمكنهم من انتخاب مجالسهم المحلية وقياداتهم الإدارية كالمحافظين ومدراء المديريات من خلال انتخابات حرة ونزيهة ومباشرة من المواطنين. وتضمنت رؤية مجلس التضامن الوطني التي تنشر (أخبار اليوم) نصها -العديد من المقترحات والمعالجات لحل مشاكل الجنوب، حيث دعت السلطة للاعتراف بالقضية الجنوبية. وطالبت الرؤية السلطة الإفراج عن كافة معتقلي الرأي وعودة من تبقى من نشطاء الرأي الفارين من ملاحقات قوات الأمن لهم على ذمة الاحتجاجات الأخيرة إلى منازلهم وأعمالهم والتوقف عن ملاحقتهم أو اعتقالهم بسبب آرائهم. كما طالبت بإعادة الوحدات العسكرية التي انتشرت في بعض المديريات والطرق أثناء الاحتجاجات إلى مواقعها السابقة لما يشكله تواجدها من قلق وتوتر، وتجنباً لأي احتكاك مع المواطنين، إضافة إلى معالجة ما تبقى من مشاكل الصراعات السياسية السابقة ومشكلة الأراضي وإعادة من تبقى من العسكريين والمدنيين الموظفين المتضررين من حرب 94م إلى الخدمة وتسوية أوضاعهم حسب مؤهلاتهم، وكذا إعادة ما تبقى من المساكن والأراضي التي تم الغاء عقودها بعد 94م إلى أصحابها بما تكفله حقوق الملكية. ودعا المجلس في رؤيته المؤتمر الشعبي العام الحاكم وأحزاب المشترك وكل الفعاليات السياسية والحقوقية إلى الحوار الشامل حول مختلف القضايا الوطنية وفي مقدمتها القضية الجنوبية. نص الرؤية : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول المحبة والهداية الأمين وعلى أهله وصحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم حرصاً من مجلس التضامن الوطني على المصلحة العليا للوطن ومتابعة لهموم المواطن فقد كان الحراك الشعبي في المحافظات الجنوبية والشرقية أحد أهم القضايا التي أثارت اهتمام مجلس التضامن حيث سعى إلى عقد العديد من الحوارات التي شارك فيها عدد من أعضاء مجلس النواب وممثلو الفعاليات الحقوقية والمشائخ والمواطنون من أبناء المحافظات الجنوبية وتوجت بالحوارات والنقاشات التي تمت في عدن بحضور رئيس مجلس التضامن الوطني وعدد من أعضاء اللجنة العليا والأمانة العامة أثناء افتتاح فرع المجلس وعلى ضوء ما تم استنتاجه من هذه الحوارات وما توصلت إليه اللجنة المختصة المشكلة من المجلس، وبعد نقاشات مستفيضة داخل هيئات المجلس حول الأسباب واقتراح المعالجات فقد أقرت اللجنة العليا لمجلس التضامن في اجتماعها المنعقد برئاسة الأخ رئيس المجلس بتاريخ 12 مايو الحالي تقديم هذه الرؤية التي تمثل مبادرة صادقة للخروج من هذه الأزمة يتقدم بها المجلس الوطني مع حلول الذكرى ال"18" لتحقيق الوحدة اليمنية المباركة آملين أن تحظى مبادرة مجلس التضامن الوطني بموافقة القيادة السياسية والفعاليات الحقوقية ودعم كافة القوى السياسية. أولاً: رؤية مجلس التضامن الوطني 1. لقد مرت المحافظات الجنوبية منذ الاستقلال عام 1967م بصراعات متعددة خلفت كل منها مظالم واستحقاقات لعدد من الفئات لم يتم معالجتها بعد الوحدة واستخدمت في المكايدات السياسية بين شريكي الوحدة حتى 94م. 2. لم تعمل الدولة بعد 7/7/1994م على المعالجة الكاملة لمخلفات الصراعات السابقة وما تركته حرب 94م رغم إيجابيات قرارات العفو العام الصادرة من الأخ رئيس الجمهورية مما أدى إلى ظهور مظالم جديدة ومظلومين جدد. 3. تم دمج وخصخصة عدد من المؤسسات الحكومية مما أدى إلى تضرر العديد من العمال العاملين فيها وظهرت نفس المشاكل عند دمج ما تبقى من القوات المسلحة والأمن بعد 94م مما أدى إلى خروج العديد من الضباط عن وظائفهم وبقاء العديد ضمن القوى الملحقة وانقطاع العديد عن العمل العسكري. 4. ضاعف من مشكلة أبناء المحافظات الجنوبية سوء ممارسة القيادات الإدارية وعدم الالتزام بالدستور والقانون الذي اعتادوا عليه قبل الوحدة، وقد ضاعف من غضبهم تكالب المتنفذين على الأراضي والوظائف والامتيازات وحرمانهم منها ومن بعض الحقوق اللازمة لهم وعدم تجاوب الجهات المسؤولة في المحافظات مع مظالم المواطنين وحل مشاكل الأراضي والمساكن. 5. لم تقتصر الأضرار بعد 94م على الحقوق الخاصة بل وعلى الشراكة الحقيقية لأبناء المحافظات الجنوبية في السلطة والثروة مما أفقد الشراكة قيمتها وروحها. . وصاحب كل ذلك تذبذب في الممارسات الديمقراطية قرينة الوحدة وأحد أهم أسس قيامها. على ضوء ما سبق وبعد نقاش مستفيض داخل هيئات مجلس التضامن حول مسببات الأزمة توصل المجلس إلى ما يلي: هناك حقيقة لابد من الاعتراف بها وهي أن قضية المحافظات الجنوبية والشرقية من القضايا الهامة التي يجب أن تعمل السلطة وكل القوى السياسية والاجتماعية على التعامل معها بجدية قبل أن تصل إلى مرحلة يصعب التعامل معها فتدخل اليمن في أزمة غير محمودة العواقب التي لن يستفيد منها سوى الأعداء المتربصين بالوطن، ولقضية المحافظات الجنوبية شقان شق حقوقي مطلبي يتعلق بمعالجة كثير من المظالم والحقوق الخاصة بالمواطنين. . وشق سياسي يتعلق بحق المواطنين في المحافظات الجنوبية والشرقية في الشراكة الحقيقية في السلطة والثروة. والمجلس الوطني كمؤسسة مدنية مستقلة تعمل على خلق روح التعاون والتآلف بين أبناء المجتمع لابد وأن يقوم بما يستطيعه في سبيل تقريب وجهات النظر والمعالجة العادلة لما قد ينشأ من مشاكل وأزمات، موضحاً موقفه في القضايا العامة دون انحياز أو مجاملة. ثانياً: المعالجات المقترحة من مجلس التضامن الوطني (أ ) القضايا الحقوقية والمطلبية 1. الإفراج عن كل معتقلي الرأي وكل من لم يرتكب جناية تمس حقوق الآخرين، ومن عليه دعوى جنائية يجب إحالته إلى القضاء خلال الفترة الزمنية التي حددها القانون. 2. عودة من تبقى من نشطاء الرأي الفارين من ملاحقات قوات الأمن لهم على ذمة الاحتجاجات الأخيرة إلى منازلهم وأعمالهم والتوقف عن ملاحقتهم أو اعتقالهم بسبب آرائهم مع التزامهم بممارسة حقوقهم الدستورية والتعبير عن مطالبهم تحت علم الجمهورية اليمنية وبالطرق السلمية والوقوف ضد أي أعمال عنف أو دعوات لبث الكراهية. 3. إعادة الوحدات العسكرية التي انتشرت في بعض المديريات والطرق أثناء الاحتجاجات بحيث يتم إعادتها إلى مواقعها السابقة، لما يشكله تواجدها من قلق وتوتر، وتجنباً لأي احتكاك مع المواطنين. 4. إعادة جميع من تبقى من العسكريين والمدنيين الموظفين المتضريين من حرب 94م إلى الخدمة وتسوية أوضاعهم حسب مؤهلاتهم ومعالجة حقوق من ينطبق عليهم قانون التقاعد وفق درجاتهم ورتبهم وسنوات الخدمة مع تنفيذ التوجيهات الصادرة بهذا الشأن على أرض الواقع. 5. إعادة ما تبقى من المساكن والأراضي التي تم إلغاء عقودها بعد 94م إلى أصحابها بما تكفله حقوق الملكية. . ومعالجة الحقوق الخاصة التي تم تأميمها قبل الوحدة مع معالجة أوضاع المنتفعين منها في آن واحد أو تعويضهم تعويضاً عادلاً بما يوازي ثمن ملكياتهم التي تم أخذها على قاعدة لا ضرر ولا ضرار. 6. معالجة جميع مشاكل الأراضي بما فيها الأراضي المخصصة للاستثمار وتمكين المستثمرين من أراضيهم الممنوحة لهم حسب القانون والحفاظ على أراضي الدولة من السطو عليها. 7. معالجة مشاكل العمالة الفائضة التي تم خصخصة أو دمج المؤسسات التي كانت تعمل بها ومراعاة وضعهم ووضع المتقاعدين عند استكمال تطبيق إستراتيجية الأجور. 8. معالجة جميع ما تبقى من مشاكل الصراعات السياسية السابقة وتعويض المتضررين منهم بعد التأكد من عدم حصولهم على أي تعويض سابق بما في ذلك حقوق العلماء والمشائخ والوجهاء والذين لم يتم تسوية حقوقهم باعتبارهم أحد الفئات المتضررة من الصراعات السابقة. (ب ) القضايا السياسية 1. إيجاد التوازن الوظيفي والشراكة السياسية في المؤسسات السيادية المدنية مع مراعاة التوازن بين المساحة الجغرافية والتعداد السكاني وبشكل خاص في عضوية مجلس النواب. 2. استيعاب الشباب الراغبين في الانضمام إلى القوات المسلحة والأمن وكلياتهما وفق ضوابط جديدة بما يساهم في خلق التوازن الوطني داخل مؤسستي القوات المسلحة والأمن. 3. تم مناقشة كل الأطروحات حول المشاركة في السلطة والثروة، وبعد نقاش مستفيض واستشراف للواقع والظروف واستيعاب المجتمع، ومشاركة أكبر للمواطنين توصل المجلس إلى ما يلي: أ ) إن الأصلح في هذه المرحلة هو قيام حكم محلي كامل الصلاحيات على مستوى المحافظات والذي يتيح مشاركة أوسع للمواطنين في كل محافظة، ويمكنهم من انتخاب مجالسهم المحلية وقياداتهم الإدارية كالمحافظين ومدراء المديريات من خلال انتخابات حرة ونزيهة ومباشرة من المواطنين. ب ) في ظل الحكم المحلي الكامل الصلاحيات يتولى المواطنون إدارة كل شؤونهم المحلية في إطار السياسة العامة للدولة، ويقتصر دور الحكومة المركزية على وضع السياسة العامة للدولة والقيام بالرقابة اللاحقة وإدارة المؤسسات السيادية مع تخصيص نسبة من العائدات السيادية لصالح التنمية في المحافظات المنتجة إلى جانب الموارد المحددة في القانون، ويتطلب كل ذلك تطوير قانون السلطة المحلية بما يكفل تحقيق مبدأ اللامركزية المالية والإدارية، واستكمال البناء المؤسسي للحكم المحلي. ج ) من أجل إنجاح نظام الحكم المحلي كامل الصلاحيات فإنه يتطلب تهيئة الأراضي المناسبة للانتقال إلى هذه المرحلة وتغيير أساليب العمل التي فشلت في إدارة المحافظات والمديريات وتشكيل فريق من الأكاديميين والمختصين في جميع المحافظات بالتساوي يتولى تقييم التجربة وترشيدها وتحديد أولويات التنفيذ. د ) لا يمكن استكمال البناء المؤسسي وتحقيق المشاركة الفاعلة في السلطة والثروة دون استكمال بناء المؤسسات السياسية وتصحيح أوضاعها ومن أهمها القضاء المستقل العادل وغير الخاضع لأي سلطة من خارجه، وكذلك مجلس النواب والشورى والذي لابد وأن تتوفر الإرادة الحرة للمواطن في انتخابهما دونما ترغيب أو ترهيب، وأن تتوفر للانتخابات الحرية والنزاهة والتكافؤ والعمل بشفافية مطلقة وبعيداً عن هيمنة الأجهزة الأمنية، ويلتزم المتنافسون التزاماً حازماً بحيادية سلطات الدولة وإمكانياتها كما نص على ذلك الدستور. 5- دعوة المؤتمر الشعبي العام واللقاء المشترك وكافة الفعاليات السياسية والحقوقية إلى الحوار الشامل حول مختلف القضايا الوطنية وفي مقدمتها هذه القضية وتهيئة الأجواء المناسبة للانتخابات النيابية القادمة. إن مجلس التضامن وهو يقدم رؤيته لمعالجة قضية المحافظات الجنوبية ويطرحها على السلطة وعلى الرأي العام لا يزعم أن رؤيته غير قابلة للتعديل، أو الإضافة أو الشطب فإذا كان يراها صواباً فلا يدعي أنها لا تحتمل الخطأ، وإذا كان يرى الخطأ في الرأي الآخر فإنه يحتمل فيه الصواب، والحوار وحده هو الكفيل بالوصول إلى أرشد الأمور بإرادة صادقة للعمل على تجاوز هذه الأزمة بروح الإنصاف ولما من شأنه المصلحة العليا للوطن. والمجلس ملتزم بدعم وتأييد كل ما من شأنه تحقيق البر والعدل والتقوى انطلاقاً من قوله تعالى "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"، ومجلس التضامن الوطني على استعداد لتقديم الآليات المناسبة لتنفيذ هذه المبادرة حال موافقة الأخ/ رئيس الجمهورية والأطراف المعنية. والله من وراء القصد صادر عن مجلس التضامن الوطني صنعاء 20 مايو 2008م الموافق 14 جماد أول 1429ه