تمثل قضية الأسرى الفلسطينيين في غياهب السجون الصهيونية ملفاً عُمره بعمر الاحتلال الغاصب لفلسطين أرض الإسراء والمعراج ، كما أنها قضية كانت في بدايتها تلقى من التفاعل -سواء العربي أو الدولي- ألقاً وزخماً ، ولكن مع مرور الأيام والسنين أصبحت تلك القضية مرتعاً خصباً للمزايدات والمراهنات مِن قِبَل من لا خلاق لهم ، سواء على المستوى الدولي أو العربي ، بما فيهم السلطات الفلسطينية نفسها . وفي ضوء ذلك كله كان لزاماً علينا ومن باب «مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا شتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» . فحال أولئك الأسرى أضحى تنفطر له القلوب وتدمع له العيون ، وخصوصاً إذا علمنا أن من وسائل التعذيب هو : هتك الأعراض ، وإطلاق الكلاب المسعورة على النساء وتعريتهن ، سواء عند التحقيق أو غيره . ولعل ما تعرضه لنا وسائل الإعلام ما بين فينة وأخرى فيه ما يندى له الجبين ، من الانتهاك الصارخ لكرامة الإنسان ، فالصهاينة أشد الناس عداوة للذين آمنوا ، فهم قد أهلكوا الزرع والنسل ، وعاثوا في فلسطين فساداً . وفي هذه التناولة نسلط الضوء على الأسرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية ، وما يتعرضون له من إجرام في ظل صمت عربي ودولي ، وتواطئ وصمت من قبل السلطات الفلسطينية . ومنذ عام 1967م إلى يومنا هذا فقد اختُطف آلاف الفلسطينيين ، حيث لم يبقَ بيت فلسطيني إلا وقد اعتقل أحد أفراده أو أكثر ؛ فقد وثقت الإحصائيات ما نسبته 20% من مجموع أبناء الشعب الفلسطيني مروا بتجربة الاعتقال ، بلغ عددهم 750 ألف فلسطيني منذ لك التاريخ ، ومنذ انتفاضة الأقصى بلغوا 70 ألف فلسطيني . ويتراوح عدد المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني ما يقارب 7000 أسير يتوزع كالتالي : - 720 من قطاع غزة . - 400 من القدس وأراضي 48 والباقي من الضفة الغربية . - 5000 أسير محكوم عليهم بأحكام مختلفة . - 800 أسير يقضون أحكام السجن المؤبد لمرة أو عدة مرات ، أعلاهم حكماً الأسير عبدالله البرغوثي ، حيث حُكم عليه حكماً مؤبداً 67 مرة . - 1700 أسير موقوف . - 190 أسيراً يخضعون للاعتقال الإداري. - 7 أسرى يخضعون لقانون (مقاتل غير شرعي) جميعهم من سكان قطاع غزة . النساء : كما أن الاحتلال الصهيوني اعتقل منذ عام 1967م أكثر من 10 آلاف امرأة فلسطينية ، لا يزال 37 أسيرة منهن داخل السجون يعانين من القهر والإذلال ما الله به عليم ، حيث لا يستطعن إيصال رسائل إلى ذويهن في الخارج ، ويتعرضن لعمليات الاقتحام المفاجئ للغرف والأقسام وممارسة التفتيش العاري ، ويحرمن من التعليم والزيارة والعلاج ، وتفرض عليهن الغرامات المالية ، ويتعرضن للإهانة والاحتجاز في أقسام الجنائيين . الأطفال : وفيما يخص الأسرى الأطفال ؛ فإن الاحتلال يحتجز أكثر من 310 أطفال ما دون سن 18 عاماً ، حيث يمارس بحقهم كل أصناف التعذيب ، حيث أكدت الإحصائيات أن 99% من الأطفال الذين اعتقلوا تعرضوا للضرب أو أحد أشكال التعذيب التي تستخدمها سلطات الاحتلال ضد الأسرى ، ويُمارس بحقهم ضغوط نفسية مهولة ؛ للعمل لصالح المخابرات الصهيونية . النواب : وفيما يخص النواب ، فإن الاحتلال الصهيوني اختطف في سجونه 10 نواب من المجلس التشريعي الفلسطيني وبشكل غير قانوني ، من بينهم 7 محسوبون على كتلة التغيير والإصلاح ، و 2 من النواب محسوبون على حركة فتح ، ونائب واحد من الجبهة الشعبية . الأسرى الإداريون : يحتجز الاحتلال في سجونه 190 معتقلاً إدارياً بدون تهمة أو محاكمة ، وغالبيتهم تم تجديد احتجازهم لفترات أخرى. والمعتقل الإداري يُحرم من حقه في معرفة التهمة الموجهة له ، ولا يطلع عليها سوى رجل المخابرات وقاضي التمديد ، وهذا يحرمه من توكيل محامٍ للدفاع عنه . المقاتل غير الشرعي : يحتجز الاحتلال 7 أسرى من قطاع غزة تحت قانون المقاتل غير الشرعي ، وابتكر المحتل هذا القانون للتحايل على القانون الدولي ، لتبرير احتجاز الأسرى دون تهمة لفترات طويلة ، ودون عرضهم على المحاكم ، ومعظمهم انتهت فترة محكومياتهم . الشهداء في سجون الاحتلال : منذ العام 1967م استشهد في سجون الاحتلال أكثر من 200 أسير ، وذلك لعدة أسباب ، أهمها : - 52 أسيراً نتيجة الإهمال الطبي المتعمد. - 71 أسيراً : بتهمة التعذيب القاسي والمحرم دولياً . - 70 أسيراً : الإعدام الميداني بعد الاعتقال. - 70 أسيراً : رمياً بالرصاص داخل السجن. الانتهاكات ضد الأسرى : لا شك أن الأسرى الفلسطينيين يتعرضون لأبشع الجرائم من قبل الاحتلال الإسرائيلي ومعاناتهم وعذاباتهم ، وما يتخذ من إجراءات اعتقالية بحقهم لا تتوقف ، وما يترتب على فراقهم عن مجتمعاتهم وأبنائهم وذويهم ؛ جريمة أكبر . الاحتلال الإسرائيلي ومصلحة السجون لا يكترثان لقوانين حقوق الإنسان ، ولا للمواثيق والاتفاقيات الدولية التي تحفظ كرامة الإنسان وحريته وحقه . لذا سنقف على بعض من صور هذه المعاناة ؛ عسى أن يتحرك أحرار العالم لنصرة هذه القضية العادلة ، قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي. 1- استمرار سياسة التفتيش العاري بحق الأسرى . 2- التضييق على أهالي الأسرى ومنع الزيارات . 3- قانون شاليط : قانون عنصري تقدم به عضو الكنيست الصهيوني (داني دنون) يقضي بتشديد ظروف الاعتقال التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون ، ومساواتهم بشروط احتجاز الجندي الصهيوني شاليط . 4- قانون (المقاتل غير الشرعي) : ابتدع الاحتلال هذا القانون العنصري ؛ ليشرع لنفسه بموجبه استمرار اختطاف الأسرى دون محاكمة إلى ما لا نهاية ، ويحرم الأسير من ممارسة حقوقه في الدفاع عن نفسه والاطلاع على التهم الموجهة ضده. 5- أساليب تعذيب قاسية يستخدمها الاحتلال ضد الأسرى : - أولاً : أساليب تعذيب جسدية : • الشبح . • الضرب المبرح . • سكب الماء البارد على الأسير . • وضع الأسير في زنازين نتنة . • وضع الأسير داخل ثلاجة . • حشر الأسرى في زنازين صغيرة . • تعريض الأسير للموسيقى الصاخبة . • منع الأسير من قضاء حاجته . • تغطية وجه الأسير بكيس نتن . • منع الأغطية عن الأسير في الشتاء. • إجبار الأسير على النوم جالساً . • رش الأسير بالغاز . • حرمان الأسرى المرضى من الأدوية . • حرمان الأسرى من النوم . • حرمان الأسير من الفورة (الاستراحة) . • تكبيل الأسير عند الدخول والخروج من وإلى الزنزانة . - ثانياً : أساليب تعذيب نفسية : • التعمد في إهانة الأسير أثناء التحقيق ، من خلال استفزازه بشتمه وعائلته وتنظيمه وقادته الوطنيين بألفاظ نابية ، وقيام المحقق الصهيوني بالبصق في وجه الأسير ، وتعريته من ملابسه . • الضغط النفسي على الأسير ، من خلال حرمانه من زيارة أهله ولعدة مرات ، حيث يتواجد أعداد من الأسرى محرومون من زيارة ذويهم منذ سنوات ، وعددهم أكثر من 1500 أسير . • تنتهج مصلحة السجون سياسة الإهمال الطبي بحق الأسرى المرضى ، حيث تبتزهم بالعلاج مقابل العمالة . • تمنع سلطات الاحتلال الأسرى من مواصلة تعليمهم ، والتقدم لامتحانات الشهادة الثانوية والجامعية . • الاعتقال الإداري : هو اعتقال مناف لكل الأعراف والقوانين الدولية ، حيث يتم احتجاز الأسير لفترات طويلة من دون توجيه تهمة محددة له . • العزل الانفرادي : ويتم العزل في زنازين صغيرة ، تفتقر الواحدة منها لأدنى مكونات الحياة ، بحيث لا تصلح للعيش . • فرض مصلحة السجون الغرامات المالية بحق الأسرى . • تستخدم مصلحة السجون الأسرى في التجارب الطبية الصهيونية . • الاقتحامات المتكررة لغرف الأسرى والأسيرات دون سابق إنذار . • تقوم مصلحة السجون بنقل الأسرى من سجن لآخر ، كخطوة لزعزعة حالة الاستقرار لدى الأسير . • تفرض سلطات الاحتلال على الأسرى ارتداء الزي البرتقالي خلال التوجه إلى المحاكم . • تمنع مصلحة السجون الأسرى من مشاهدة وسائل الإعلام بمختلف مسمياتها . ثالثاً : سياسة الإهمال الطبي وقد نتج عن ذلك : - 71 أسيراً يحتاجون إلى عمليات جراحية عاجلة . - 15 مصاباً بالسرطان . - 25 يعانون من أمراض الفشل الكلوي . - 88 يعانون من مرض السكري . - 20 أسيراً يستخدمون الكرسي المتحرك . - 3 أسرى فاقدو البصر . - 3 أسرى مصابون بالشلل النصفي . - 40 أسيراً مصابون بالشظايا . الصعوبات التي يواجهها المحامون ومؤسسات حقوق الإنسان حول قضية الأسرى : 1- يواجه نشطاء منظمات حقوق الإنسان خطر التعرض للاعتقال من قبل الاحتلال . 2- تقييد حرية الحركة داخل الضفة الغربية وقطاع غزة من وإلى خارج البلاد . 3- إجراءات العقوبات الجماعية التي تفرضها سلطات الاحتلال العسكرية الإسرائيلية على المناطق الفلسطينية كمنع التجول والحصار ، وهي الإجراءات التي تؤثر على كافة جوانب الحياة . ولعل جميع المعلومات عن انتهاكات حقوق الإنسان هي واحدة من المهمات الصعبة في ظل الظروف المذكورة ، والتي تفرضها سلطات الاحتلال على المناطق الفلسطينية بشكل عام . 4- لا يسمح للمنظمات الحقوقية بدخول السجون أو زيارتها . 5- عدد المحامين لا يفي بالحاجة للدفاع عن المعتقلين في ظل الزيادة الهائلة في عدد المعتقلين . 6- يسمح للمحامين الفلسطينيين بالترافع أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية فقط ، والواقعة في المناطق الفلسطينيةالمحتلة ، بينما يتطلب المثول أمام محكمة العدل العليا الإسرائيلية عضوية نقابة المحامين الإسرائيليين . 7- الصعوبات التي يواجهها المحامون في عملهم ناتجة في الأصل عن عشوائية القانون العسكري الإسرائيلي ، وعدم وجود استقرار في الإجراءات القانونية. 8- في كثير من الأحيان لا يتم إبلاغ المحامين بموعد الجلسات . 9- محدودية زيارات المحامين للسجون ، وعند زيارتهم يتعرضون للتفتيش الجسدي الاستفزازي . 10- الاعترافات المنتزعة تحت الضغط ، والملفات السرية التي تعتمد عليها المحاكم ، تحد من إمكانية المحامين للدفاع عن المعتقلين ودحض الاتهامات . 11- رفض الاحتلال تطبيق نصوص القانون الدولي فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان . السجون الصهيونية ومراكز التوقيف : تعد السجون الصهيونية بمثابة قلاع حصينة يقوم عليها من هم على قدر عالٍ من التدريب على انتهاك آدمية الإنسان وإهانة كرامته ، وأخطر هذه السجون : سجن النقب : يقع جنوبفلسطينالمحتلة 50 كم إلى الجنوب الشرقي من مدينة بئر السبع . سجن بئر السبع : ويقع بقسميه (أشيل والعلي كيدار) جنوبفلسطينالمحتلة ، ويبعد عن سجن النقب 50 كم2 ، ويقع إلى الشرق من مدينة بئر السبع . سجن عقلان : يقع على البحر ، في السهل الساحلي شمال قطاع غزة ، جنوبفلسطينالمحتلة . سجن نفحة : يقع جنوبفلسطينالمحتلة وشرق صحراء النقب . سجن هشارون : يقع في وسط فلسطينالمحتلة . سجن مجدو : يقع شمال مدينة جنين – قرب موقعة حطين ومعبر جيوش الفتح الإسلامي الذي عسكر فيه صلاح الدين ، وهو قلعة قديمة. سجن ريمون : يقع شمال فلسطينالمحتلة ، ويوجد فيه ثلاثة أقسام ، وتعمل إدارته على فتح 7 أقسام جديدة . سجن جلبوع : يقع شمال فلسطينالمحتلة . سجن هداريم : يقع شمال فلسطين يوجد فيه قسمان . سجن شطة : يقع شمال فلسطين . سجن عوفر : يقع قرب رام الله . سجن الرملة : ويضم سجن (نتسان) ويسمى الرملة نتسان ، وسجن الرملة المستشفى . وأما مراكز التوقيف فأهمها : - مركز سالم قرب جنين . - مركز عتصيون في بيت لحم . - مركز حواره قرب نابلس . - مركز بنيامين قرب عوفر في رام الله . - مركز بيت حتكافا ، وهو مركز تحقيق في شمال فلسطين . - مركز الجلمة للتحقيق والمسكوبية . - مركز عسقلان للتحقيق . وختاماً : ما سبق هو تقرير غير مفصل عن قضية الأسرى من إخوتنا في فلسطين ، أحببنا أن نطلع القارئ الكريم على أبرز معالمها ؛ حتى لا ننساهم ولو من أبسط ما نقدر عليه ، وهو الدعاء والمناصرة حتى تحريرهم . نسأل الله عز وجل أن يفك أسرى المسلمين في فلسطين وفي كل بقعة يذكر فيها اسم الله ، وأن يُبرد لواعج قلوب ذويهم بأنوار اليقين. [email protected]