لعل الإنجاز الرياضي الأبرز بالنسبة لأندية عدن في مرحلة ما قبل الوحدة كان تحقيق نادي الشعلة الرياضي الفوز ببطولة الدوري الممتاز للموسم 1989م-1990م بكل جدارة واستحقاق واقتدار ولأول مرة في تاريخه، وكان ذلك فألا حسنا لأندية عدن في أول بطولة كروية أقيمت في ظل الوحدة وهي دوري التصنيف لكرة القدم. ولابد لنا هنا من الإشارة إلى أن الفترة "1986م-1990م شهدت ظهور وتأسيس أندية جديدة في عدن نالت اعتراف المجلس الأعلى للرياضة وقتها وهي: (نادي النصر الرياضي في دار سعد ونادي الجلاء الرياضي في خور مكسر).. كما جرت عملية فك الارتباط بين نادي شمسان وشباب الروضة بالقلوعة بالتوافق مع الإدارة الثمانية، حيث ظهر مجددا في منطقة القلوعة نادي شباب الروضة الرياضي الذي كان قد تأسس أصلا في عام 1951م وبعدها اندمج مع نادي الانتصار الرياضي في القلوعة وليدمج هذا النادي مرة أخرى مع نادي شمسان الرياضي في عام 1975م وهذه هي الحالة الأولى والوحيدة التي شهدتها عدن حتى الآن.. كما ظهر في عام 1996م نادي شباب المنصورة الرياضي، مع العلم بأن التوسع في عدد الأندية بعدن لم يسهم كثيرا في تطوير المستوى العام لأندية عدن، وذلك نظرا لشحة الموارد وضآلة الإمكانيات وعدم القدرة على تقديم الجديد والمفيد. * مفارقات غريبة: ومن المفارقات الغريبة والعجيبة حقا أن أندية عدن كانت في بدايتها موفقة إلى حد بعيد في أول بطولة كروية تقام في ظل الوحدة والجمهورية اليمنية، حيث صعدت ثلاثة من أندية عدن إلى دور الأربعة في الدوري التصنيفي لكرة القدم للموسم 1990م/1991م وهي: (التلال والميناء والشرطة وتوج فريق التلال بطلا للدوري التصنيفي، واحتل فريق الميناء مركز الوصيف، ولكن فرحة أندية عدن لم تدم طويلا، حيث لم تستطع أندية عدن مع هذه البداية الموفقة والفوز المبكر من تحويله إلى دفعات قوية وإيجابية تدفعهم إلى تحقيق التطور المنشود للمستوى العالمي والأداء الفني واستثمار هذه البداية الموفقة والضوء المبكر بشكل جديد ومتطور. لماذا انقلب حال أندية عدن بعد هذه البداية الموفقة والفوز المبكر من النقيض إلى النقيض، حيث شهد مستوى الأداء العام لأندية عدن تراجعاً مخيفاً وشاملاً، أدى في المقابل إلى انتقال أندية من الصدارة إلى مجرد كومبارس وتكملة عدد ومشاركات هامشية في المسابقات الكروية والدليل على ذلك الابتعاد الصريح لأندية عدن عن منصات التتويج وإحراز البطولات والاكتفاء فقط باحتلال مراكز الوسط أو ما قبل الأخير في سلم الترتيب مع بروز بعض المحاولات الخجولة لأندية عدن في بعض الفترات كانت تنتهي النهاية الطبيعية لها ولا يبقى لها أي آثار إيجابية على الإطلاق حتى أصبح حال أندية عدن أشبه ب"عزيز قومٍ ذل"؟. * موعد مع مسلسل الهبوط: وهكذا أصبحت أندية عدن على موعد مع مسلسل الهبوط المثير الغريب والذي تسارعت إيقاعاته وبصورة تدعو إلى الاستغراب والدهشة والحيرة. ونستعرض هنا أبرز إيقاعات مسلسل الهبوط الذي وقعت فيه أغلب أندية عدن وذلك على النحو التالي: 1. في الموسم 1991/1992م دشن فريق الميناء الرياضي مسلسل هبوط أندية عدن وكان بقرار ظالم وجائر وبعد بقاء الميناء أكثر من "15" عاماً في الدرجة الثانية هبط إلى الدرجة الثالثة والتي ما يزال فيها حتى الآن. 2. في الموسم 1994-1995 كان فريق الشرطة ثاني الهابطين، وما يزال في الدرجة الثالثة حتى الآن. 3. في الموسم 1996-1997م هبط وحدة عدن للمرة الأولى إلى الدرجة الثانية وكررها في الموسم 2000-2001م للمرة الثانية وفي الموسم 2009-2010م للمرة الثالثة، وقد استطاع فريق وحدة عدن من العودة إلى الدرجة الأولى مرتين وتصدر تصفيات دوري الدرجة الثانية في المرة الثالثة الذي توقف بسبب الأحداث التي تشهدها بلادنا حالياً. 4. في الموسم 1997-1998م هبط فريق شمسان للمرة الأولى وكررها في الموسم 1999م-2000م للمرة الثانية كما هبط الفريق إلى الدرجة الثالثة في الموسم 2001-2002م، ليعود إلى الدرجة الثانية في الموسم 2004-2005 وما يزال فيها حتى الآن. 5. في الموسم 2000-2001م هبط فريق الشعلة إلى الدرجة الثانية للمرة الأولى وعاد إلى الأولى، ليكرر الهبوط إلى الثانية في الموسم 2009-2010م للمرة الثانية وقد تصدر الشعلة تصفيات دوري الثانية الذي توقف بسبب الأحداث التي تشهدها بلادنا حالياً. 6. في الموسم 2006-2007م هبط فريق التلال إلى الدرجة الثانية لأول مرة، ليعود إلى الدرجة الأولى بعد موسم واحد. * محاولة للإجابة على السؤال: في سياق البحث الجاد والمضني عن إجابة شافية للسؤال المطروح والمحير: لماذا تراجعت الكرة العدنية وهبطت أنديتها؟ وتحديد أسباب ودوافع الهبوط والتي نوجزها في هذا التناول وذلك من باب الاجتهاد لا التعميم وذلك كما يلي: 1. عدم قدرة الإدارات الرياضية لأندية عدن على التأقلم واستيعاب الواقع الرياضي الجديد بكل أبعاده ومتطلباته والذي وجد بعد قيام الوحدة وبالمقابل انتهاء زمن وعهد الاعتماد الكلي على الدولة في توفير كل متطلبات أندية عدن "من الإبرة إلى الصاروخ" كما يقولون. 2. عدم السعي الجاد من قبل قيادة محافظة عدن ومكتب الشباب والرياضة بعدن لإيجاد واستحداث آليات جديدة ومتطورة للعمل الرياضي بشكل تام وكذا ابتكار أساليب ووسائل حديثة لتطوير الأداء العام للأندية شكلاً ومضموناً مع تقديم الاهتمام المطلوب والدعم اللائق لأندية عدن لإعطائها القدرة على التواصل الإيجابي في مسار التطور الرياضي المنشود والمتعدد الجوانب والحفاظ على سمعة ومكانة أندية عدن ودورها الريادي في مجال الرياضة اليمنية. 3. تقليص واختفاء ساحات الملاعب على مستوى المدارس والأحياء الشعبية في عدن بسبب الباسطين والمتنفذين، الأمر الذي أدى بالمقابل إلى انعدام الملاعب بشكل كبير وعرقلة عملية رفد الأندية بالمواهب الناشئة والموهوبة والواعدة بالعطاء المتواصل، خاصة بعد أن تخلت المدارس والرياضة المدرسية عن دورها الهام وتحولت هي الأخرى "أي المدارس" للاستعانة بلاعبي الأندية الجاهزين. 4. استفحال حدة الخلافات الداخلية بين إدارة وأعضاء ولاعبي النادي الواحد وقد بلغ هذا الأمر في ذروته حتى قيام البعض في هذا النادي أو ذك بالعمل السلبي ضد ناديهم والسعي للإسهام في تهبيط فرقهم إلى درجة أدنى والأشنع من ذلك تصريحاتهم بقيامهم بهذا الفعل السيء ضد نواديهم ونشرهم غسيلهم القذر على الملأ. 5. عدم قدرة بعض إدارات أندية عدن على القيام بأداء واجبها على أكمل وجه من خلال التخطيط الجيد والاستخدام المفيد والاستغلال الحسن والمبرمج لإجمالي الموارد المالية المتوفرة لدى هذه الأندية وحتى تحول توفر المال من نعمة إلى نقمة على أندية عدن، كما تحول بعض الإداريين إلى مجرد جامعين للمال على حساب مصالح أنديتهم، فلا شيء يهم لديهم سوى امتلاء وانتفاخ جيوبهم وأرصدتهم في البنوك بالمال الحرام. 6. عزوف وابتعاد الكوادر الرياضية المجربة وذات الخبرة الطويلة -والمنتمية إلى أندية عدن- عن العمل في إطار العمل الإداري والفني لأندية عدن وذلك لأسباب متباينة ومختلفة. 7. الاكتفاء من قبل إدارات وأعضاء ولاعبي أندية عدن بالبكاء على اللبن المسكوب والحسرة والندم على تاريخ مضى والوقوف سلباً من قبل قيادة محافظة عدن ومكتب الشباب والرياضة بعدن وكذا إدارات أندية عدن أمام جملة ما تعاني منه أندية عدن من تدهور واندحار وتراجع دون القيام بالمبادرات الجادة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والعمل الجاد والجماعي لانتشال أوضاع أندية عدن والسعي الدؤوب لإعادة سابق عهد وزمن ومجد أندية عدن لأيامها الذهبية الغابرة. * التحذير المبكر: وللأمانة فإن الإعلام الرياضي بمختلف وسائله ووسائطه في عدن قد شرع في دق ناقوس الخطر منذ وقت مبكر أمام قيادة محافظة عدن ومكتب الشباب والرياضة بعدن وإدارات الأندية ومطالبتهم بالإسراع بالعمل الجاد للوقوف أمام العد التنازلي المتسارع الخطى والتدهور والتدني والتراجع السريع الذي تعاني منه أندية عدن، ولكن لا حياة لمن تنادي. حيث تعاملت جميع الجهات المختصة بالشأن الرياضي مع الأمر كله وكأنه لا يعنيها في شيء، بل لقد اعتبرت كل ذلك وكأن قدر أندية عدن الذي لا راد له ولا مفر منه ولو حتى بأضعف الأيمان أو السلبي ولا تملك أندية عدن تجاه هذا كله إلا الامتثال والرضى والقبول بالأمر الواقع. وهكذا تحولت أندية عدن بفعل الإهمال وعدم الدعم وانعدام الرعاية إلى مجرد "عزيز قوم ذل".