ارتبط قدوم رمضان بنقاشات تدور حول هبوط معدلات الإنتاج وساعات العمل إلى أدنى مستوياتها في العالم ربما وحول العادات السيئة التي تطفو على السطح في هذه المناسبة الإسلامية العظيمة. فلطالما اعتاد الناس أن يكون رمضان بالنسبة لهم شهر للراحة والنوم المفرط وتبديد الوقت في مشاهدة المسلسلات بحجة أن الصيام شيء مرهق يجعل الإنسان غير قادر على العمل والإنجاز. وهذه العادة تأصلت بشكل أكبر في العقود الأخيرة. لكن لا يجب التعايش معها كحقيقة لا مفر منها من حقائق الحياة. فرمضان بلا شك فرصة أغلى من الذهب لتهذيب النفس وإحداث التغيير على المستوى الشخصي والعام. فتغيير النفوس يعتبر الأساس لدخول التغيير الإلهي المرتقب حيز التنفيذ. أيضا فالتغيير المنشود يشمل نواحي تتناول حياة الإنسان بكافة تفاصيلها سواء في العادات أو العبادات والقلبيات والعلاقات والقناعات. ولكي نبرهن على جديتنا في التغيير، يجب أن يكون هذا الشهر مناسبة لتحفيز الطاقات والتغلب على العادات السيئة وترسيخ قواعد سلوكية جديدة مستوحاة من سيرة حياة النبي صلى الله عليه وسلم ومن روح الإسلام وتعاليمه. لذا كان لا بُد من سؤال شريحة من الشباب والفتيات عن خططهم لرمضان هذا العام، خاصة وأنه قادم مع مناخات التغيير التي عمت اليمن والمنطقة العربية عموما ويعلق عليها البعض آمالهم وأشواقهم في الانعتاق والتحرر. وإليكم مقتطفات من أجوبتهم: شهر للتنظيم كمال اليافعي مهندس يتحدث عن رمضان فيقول: بالتأكيد رمضان شهر يعلمنا التنظيم لأمور كثيرة. وهناك العديد من الأمور العشوائية التي نعملها في حياتنا وفي رمضان هي فرصة كبيرة للتنظيم وأن تكون البداية من رمضان. ويضيف: "في رمضان أحب أتفرغ عن أي أعمال وأحاول انهي كل التزاماتي في أواخر شعبان هي استغل رمضان بالقدر الأكبر من العبادة وقراءة القران فهو فرصة لا تعوض للاستزادة من هذا الشهر الفضيل, أتمنى فعلا أن يكون شهر رمضان شهر خير على كل المسلمين وعلى بلدنا اليمن يا رب". لا أحب التشتت بالنسبة للطبيب الصيدلاني محمد الشميري فرمضان لا يختلف كثيراً عن غيره من الأيام العادية. ويقول: "أنا بصراحة لا أختلف كثيرا سوى بكثرة قراءة القرآن عن غيره من الشهور. لكني كما العادة أشتري أو أستعير كتب في مجال واحد وأقرأها في رمضان...وفي هذا الشهر بإذن الله ستكون لحظاتي مع مجلدات شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري(شرح وتعليق الدكتور محمد سعيد البوطي) 5 مجلدات. ولا أحب التشتت في أكثر من مجال". يقول محمد الكنيعي أنه على عكس الناس الذين يستقبلوا رمضان بالسهرات والمسلسلات والأكلات وباقي الأشياء المعروفة، فهو يستعد لرمضان ويقضيه على النحو التالي: "الاستعداد أولاُ بشراء متطلبات الشهر الكريم وشراء اكبر كميه من الغاز والديزل لتوفيره للمولد الكهربائي وأيضا أكثر السنين السابقة اقضي رمضان بمكة المكرمة... وأما كصاحب محلات انترنت أقوم بتوفير منوعات خاصة برمضان من برامج إسلاميه ونصائح ومطويات وبرامج فكاهيه وأيضا أناشيد خاصة بهذا الشهر وفي الجانب الروحاني طبعا سوف يقل التسمر أمام اللاب توب وكذلك الفيس بوك لقراءة القرآن والعبادة وقضاء الأوقات في صلاة التراويح والتهجد وإقامة السمرات مع الأصدقاء". ويتابع: "رمضان فرصه للإقلاع عن الأشياء القبيحة واعرف ناس ابتعدوا عن السجائر نهائيا بفضل هذا الشهر والبعض الأخر ابتعد عن القات والبعض استفاد من هذا الشهر انه بدأ يصلي بعد أن كان لا يعرف الصلاة أبداً والبعض يبدأ بحفظ القرآن في رمضان". أما سمية طه فهي تفكر خلال شهر رمضان بالإقلاع عن الاحتكاك بمن أسمتهم بالناس التافهين، "وعن تبديد عمرها في الأوهام. وستقلع عن كراهية رمضان وتحميله ضيقها واختناقها". بدوره خالد الكينعي يُلخص ما يفكر به بجملة قصيرة فيقول: "الصدق ... أفكر أتخلص من القات ....إذا استطعت". نفس الروتين الكاتبة سلوى الإيراني لا تختلف خططها عن كل عام. فهي كما قالت: "والله يا أحلام، هم بس يلصوا لنا و كل ما هو "حلو" سوف يأتي، أنا اتبع في كل رمضان نفس الروتين الطيب، أنوي أن أنفذه ككل رمضان...أشاهد برامج، أما المسلسلات فنادراً لأنني لا أملك القدرة على متابعة ذات الشيء يومياً، أحسه قيد و إحنا مش ناقصين و سأنتظر الأواخر بفارغ الصبر لأن الله قريب مجيب دعوة الداع إذا دعاه...و سأفعل ما أفعله دائماً ، بس المهم إن الله يكرمنا و يأمنا". بدون تخطيط منير الوشلي لا يفضل التخطيط لرمضان. فعلى حد قوله، يرى أن التخطيط لرمضان يفقده بعض النكهة خاصة وان في كل عام تختلف الظروف والأجواء لذا يدعها على الظروف ولا يلمس تقصيراً تجاه الشهر لأنه لا يتناسى واجبه واغتنامه، فيصلي ويقرأ القرآن ويتصدق. وينتهي حديثه بأن رمضانه بلا تخطيط . أقلعت عن مجالس النميمة تهاني الصلاحي تتحدث عن أهم شيء حدث معها رمضان الفائت: لقد أقلعت عن مجالس النميمة، حيث اعتادت قبل ذلك على الجلوس مع صديقاتها والتحدث عن فلان وفلانة اغلب الوقت، وحينما أتى رمضان عزمت على عدم الخروج من المنزل واغتنام الساعات بالذكر والصلاة، فوجدت نفسها بعد رمضان غير قادرة على الجلوس بمجالس النميمة، وتشترط إذا جلست مع صديقاتها بأن يمتنعن عن النميمة. ضايعة بالنص إيمان أحمد تقف بالمنتصف بين التخطيط والعشوائية. تقول: "أنا لا اخطط لرمضان ولا اسلك العشوائية ضايعة بالنص يعني تقدري تقولي أضع خطه لكل يوم واتركها للظروف وأبرز ما أقلعت عنه برمضان وبعده هو العصبية. كيف نستفيد من رمضان في تخطيط الحياة؟ رمضان دورة مكثفة و فرصة ذهبية للتغيير للأفضل لا تتكرر إلا كل عام. وينصح بإتباع الآتي: التزم بأهداف طموحة و جربها في قوائم عمل. خصص 20 دقيقة للتخطيط للأسبوع المقبل، و10 دقائق للتخطيط لليوم. قسم الأشياء التي تريد أن تقوم بعملها إلى أشياء مهمة ..أقل أهمية ..و أخرى غير مهمة. اشتر مفكرة ودون نشاطاتك. لا تقم بأكثر من عمل في نفس الوقت فالجودة تتأثر في حالة عمل شيئين في وقت واحد. لا تبدأ عمل إلا وأنت عازم على إنهائه. في نهاية كل يوم سجل الأعمال المهمة و ضع علامة على الأشياء التي أتممتها لتشعر بفرحة الإنجاز. من السهل تنظيم الوقت في رمضان وتقسيم الوقت حول الصلوات..استثمر أوقات الفراغ فكل ثانية في هذا الشهر لا تقدر بثمن.. التزم بالأذكار وقراءة القرآن والنوافل وصلة الرحم وقراءة الكتب المفيدة. رمضان مناسبة للإقلاع عن العادات السيئة يعتبر شهر رمضان مناسبة قيمة للتخلي عن العادات السيئة؛ وتصحيح بعض مسارات الحياة التي تحتاج إلى تقويم، وهو كذلك فرصة للقطع مع الفوضى والرتابة اللتين لا تسمحان بحرية تحديد الاختيارات في مناحي الحياة. ومن هذه الفوضى في الحياة، التدخين بما أنه عادة سيئة تسلب صاحبها إرادته وتجعله أسير نزوة تفتك بصحته. وإذا كان رمضان بمثابة مدرسة روحية وتربوية عظيمة، ومنحة إلهية لتقوية الانضباط النفسي لدى الصائمين، وتحصينهم من التبدير والعادات السيئة، ومن مزاياه تأهيل المسلمين للرقي روحيا وبدنيا، فإن التدخين من الأمور التي لا يُقِرّها الدين، ولا العقل السليم، لما فيه من الأضرار ما لا يُعَدّ ولا يحصى على الصحة، والنفس، والمال. وأكدت الأبحاث العلمية أن هناك علاقة وثيقة بين التدخين وكل من سرطان الرئة، تليف الكبد،أمراض الشريان التاجي، الذبحة الصدرية، سرطان الفم، والبلعوم، والحنجرة، وأمراض أخرى عديدة.ويفتك التدخين سنويًّا، بالملايين الأشخاص في العالم وتتراوح ولا تسلم من أضراره الوخيمة حتى الأجنة في الأرحام . فالصوم يقتضي ترك العادات السيئة وعلى رأسها التدخين الذي هو مضر بالصحة. ويلاحظ في شهر رمضان أن كثيرا من الصائمين ما أن يرفع أدان المغرب و يتناولوا بعض طعام الإفطار حتى يبدأوا في تدخين السجائر التي يستنفدون منها علبا بأكملها،وفي اعتقادهم الراسخ أن ذلك سيعوضهم عن النشوة خلال فترة الصيام والبعض الآخر،لا يكتفي فقط بالسجائر وإنما يضيف إليها موبقات أخرى كالحشيش والشيشة. إن أغلب الانتكاسات الصحية التي يصاب بها المدخن هي في الغالب مرتبطة بعلب السجائر التي يدمن على تدخينها تحت مبرر إزالة القلق والتوتر.وأغلب المدخنين يعلمون بمخاطر التدخين إلا أنهم يتجاهلونها. وتبقى فرص النجاح متاحة بشكل كبير في رمضان، للمدخنين في الإقلاع عن هذه العادة السيئة نهائيا من دون اللجوء إلى أساليب طبية أو علمية لمساعدتهم. ويبقى التفاؤل كبيرا في العالم الإسلامي بشأن الإقلاع عن التدخين بين المسلمين في شهر رمضان الذي يسجل كل سنة تفوقا كبيرا لكثيرين في التغلب عن عاداتهم السيئة وعلى رأسها التدخين، حيث تساعد أجواء رمضان على تحقيق هذا المبتغى الذي يمثل هاجسا لدى المدخنين للبحث عن أساليب مجدية لترك هذه العادة السيئة.