القرود تتوحش في البيضاء وتفترس أكثر من مائة رأس من الأغنام    من المرشح لخلافة محمد صلاح في ليفربول؟    مفتاح: مسيرة التغيير التي يتطلع اليها شعبنا ماضية للامام    افتتاح بطولة 30 نوفمبر لالتقاط الأوتاد على كأس الشهيد الغماري    منتسبوا وزارة الكهرباء والمياه تبارك الإنجاز الأمني في ضبط خلية التجسس    المنتصر يدعوا لإعادة ترتيب بيت الإعلام الرياضي بعدن قبل موعد الانتخابات المرتقبة    تألق عدني في جدة.. لاعبو نادي التنس العدني يواصلون النجاح في البطولة الآسيوية    تركيا تعلن مقتل 20 من جنودها بتحطم طائرة شحن عسكرية في جورجيا    دربحة وفواز إلى النهائي الكبير بعد منافسات حماسية في كأس دوري الملوك – الشرق الأوسط    جنود في أبين يقطعون الطريق الدولي احتجاجًا على انقطاع المرتبات"    إيفانكا ترامب في أحضان الجولاني    عالميا..ارتفاع أسعار الذهب مدعوما بتراجع الدولار    الإخوان والقاعدة يهاجمان الإمارات لأنها تمثل نموذج الدولة الحديثة والعقلانية    حضرموت.. تُسرق في وضح النهار باسم "اليمن"!    خبير في الطقس: برد شتاء هذا العام لن يكون كله صقيع.. وأمطار متوقعة على نطاق محدود من البلاد    زيارة ومناورة ومبادرة مؤامرات سعودية جديدة على اليمن    عين الوطن الساهرة (2)..الوعي.. الشريك الصامت في خندق الأمن    القائم بأعمال رئيس هيئة مكافحة الفساد يكرم والد الشهيد ذي يزن يحيى علي الراعي    احتجاج على تهميش الثقافة: كيف تُقوِّض "أيديولوجيا النجاة العاجلة" بناء المجتمعات المرنة في الوطن العربي    إيران تفكك شبكة تجسس مرتبطة بالولايات المتحدة وإسرائيل    اليوم انطلاق بطولة الشركات تحت شعار "شهداء على طريق القدس"    وزير الإعلام الإرياني متهم بتهريب مخطوطات عبرية نادرة    عسل شبوة يغزو معارض الصين التجارية في شنغهاي    تمرد إخواني في مأرب يضع مجلس القيادة أمام امتحان مصيري    حلّ القضية الجنوبية يسهل حلّ المشكلة اليمنية يا عرب    أبين.. الأمن يتهاوى بين فوهات البنادق وصراع الجبايات وصمت السلطات    30 نوفمبر...ثمن لا ينتهي!    الواقع الثقافي اليمني في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"    تغاريد حرة .. انكشاف يكبر واحتقان يتوسع قبل ان يتحول إلى غضب    كلمة الحق هي المغامرة الأكثر خطورة    "فيديو" جسم مجهول قبالة سواحل اليمن يتحدى صاروخ أمريكي ويحدث صدمة في الكونغرس    قاضٍ يوجه رسالة مفتوحة للحوثي مطالباً بالإفراج عن المخفيين قسرياً في صنعاء    قرار جديد في تعز لضبط رسوم المدارس الأهلية وإعفاء أبناء الشهداء والجرحى من الدفع    مشاريع نوعية تنهض بشبكة الطرق في أمانة العاصمة    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    النفط يتجاوز 65 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ 3 نوفمبر    قراءة تحليلية لنص "خطوبة وخيبة" ل"أحمد سيف حاشد"    انتقالي الطلح يقدم كمية من الكتب المدرسية لإدارة مكتب التربية والتعليم بالمديرية    مواطنون يعثرون على جثة مواطن قتيلا في إب بظروف غامضة    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    لملس يبحث مع وفد حكومي هولندي سبل تطوير مؤسسة مياه عدن    الحديدة أولا    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    نائب وزير الشباب والرياضة يطلع على الترتيبات النهائية لانطلاق بطولة 30 نوفمبر للاتحاد العام لالتقاط الاوتاد على كأس الشهيد الغماري    حكاية وادي زبيد (2): الأربعين المَطّارة ونظام "المِدَد" الأعرق    عدن في قلب وذكريات الملكة إليزابيث الثانية: زيارة خلدتها الذاكرة البريطانية والعربية    البروفيسور الترب يحضر مناقشة رسالة الماجستير للدارس مصطفى محمود    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    عالم أزهري يحذر: الطلاق ب"الفرانكو" غير معترف به شرعا    الدوري الاسباني: برشلونة يعود من ملعب سلتا فيغو بانتصار كبير ويقلص الفارق مع ريال مدريد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" مآب".. طفولة تغتالها الأبوة القاسية
"أخبار اليوم" تنفرد بنشر خفايا و أسرار الجريمة الأكثر بشاعة وغموضاً في اليمن..
نشر في أخبار اليوم يوم 17 - 01 - 2015


تحقيق: محمد الواشعي- محمد شيخ الدين
السادس والعشرون من ديسمبر العام الماضي استيقظت مدينة ذمار على جريمة قتل بشعة هزت كيان المجتمع لهول المشهد الذي رأوه.. طفلة صورتها تقشعر منها الأبدان.. ما الذي حدث.. وكانت الفاجعة الأعظم أن القاتل هو والدها..
مآب .. طفلة قتلت على يد والدها.. القضية الاجتماعية الأكثر غموضاً في اليمن والتي أثارت الرأي العام وحفيظة الشارع.
"أخبار اليوم" تتبعت خيوط الجريمة وتكبدت عناء البحث والتحري لتكتمل الصورة وتكشف غموضها لتنفرد بنشر معلومات جديدة من خلال تحقيق استقصائي شمل ثلاث محافظات يمنية هي ( ذمار - إب - صنعاء ).. إلى التفاصيل:
في حضرة القاضي
صباح الأربعاء عقدت محكمة غرب محافظة ذمار أولى جلسات محاكمة المتهم المدعو نوح اليمني على خلفية ارتكابه جريمة قتل لابنته الطفلة " مآب - 10 سنوات" وذلك نهاية ديسمبر الماضي.. محاكمة المتهم في جلستها الأولى برئاسة القاضي عبده الحجوري رئيس محكمة غرب ذمار شهدت حضوراً مجتمعياً واسعاً في قاعة وساحة المحكمة..
استمع القضاة لقرار الاتهام المقدم من النيابة العامة والذي تضمن قيام المتهم بقتل ابنته بعد تعذيبها لعدة أيام بالضرب والكي في أنحاء متفرقة من جسمها, مستخدماً قطعة حديد صلبة وكاوية كهربائية وأخذها لمنطقة غير مأهولة في مرتفع سماره ليطلق عليها هناك رصاصات قاتلة وتركها جثة هامدة.
وعند ذلك طالب المتهم المحكمة بمهلة زمنية ممتنعاً عن الكلام حتى يتمكن من توكيل محامي للترافع عنه ، وأفادت أدلة الاتهام الموجهة من الادعاء بان المتهم دبّر وخطط للجريمة، وأعد العدة اللازمة لذلك بشراء مسدس نوع شيكي نص لقتل المجني عليها، حيث قام بأخذها على متن سيارته وقام بمحاكمتها بأوهام شيطانية ليس لها وجود إلا في مخيلته وهذا حسب ما نقلته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية – سبأ.
وعرض على المحكمة أداة الجريمة مسدس شيكي "نص" والمقاذف النارية التي تم استخرجها من جثه الطفلة، بالإضافة إلى تلفون المتهم ، ويحتوى مقاطع فيديو مصورة للطفلة مآب أثناء تعرضها للتعذيب..
وطالبت النيابة من المحكمة إنزال عقوبة الإعدام تعزيراً بحق المتهم ، وفقاً لنص الفقرة الأخيرة من المادة (234) من قانون العقوبات، بناءً على الأدلة المبينة في قائمة أدلة الإثبات ، وقد أقرت المحكمة استكمال جلساتها في الواحد والعشرين من يناير الجاري.
على لسان المتهم
وكان الأب قال في حديث سابق خاص ل"أخبار اليوم" إن الجريمة وقعت بعد صلاة المغرب من مساء يوم الجمعة السادس والعشرين من ديسمبر الماضي ، حيث طلب – أي الوالد- من ابنته مآب أن تدخل لقراءة القرآن مع أخواتها " أفنان - بيان "..
كانت "مآب" تجلس في المطبخ وحيدة وتتراسل مع والدتها بالواتس اب، ثم هربت إلى الحمام، و هددها بان يقتل نفسه اذا لم تخرج من الحمام، وعندما خرجت طلب منها أن تعترف له بالحقيقة ومع من كانت تتراسل؛ مالم فإنه سوف يقتل نفسه، وقام بإحراق نفسه بالكاوية الكهربائية أمامها..
وقد شاهدت "أخبار اليوم" أثار تعذيبه لنفسه والحروق على جسده، مشيراً إلى أنه غضب عندما كانت ابنته تراسل والدتها دون علمه وقال بأن "مآب" اعترفت له أن والدتها كانت تهددها بأن تبقي معها على تواصل أو أنها ستخبر أهلها أن ابنتها على علاقة مع أولاد.
في قبضة الأمن
يقول مدير البحث الجنائي بذمار العميد الركن محمد علي الحدي إنه تسلم أول بلاغ بصفة شخصية من الوكيل المساعد لوزارة الداخلية لشئون القيادة والسيطرة اللواء صالح عبد الحبيب، حيث أخبره بأن هناك سيارة نوع كامري تحمل رقم "معين " و تلقى معلومات تفيد أن هذه السيارة يقودها شخص أعتقل ابنته و قتلها أو أنه على وشك أن يقتلها والمتبقي 20 دقيقة فقط قبل أن يصل إلى ذمار.. مشيراً إلى أن الوقت المتبقي كان قصيراً جداً ، حيث قام مباشرة بإبلاغ مندوبي البحث في النقاط الأمنية على مداخل مدينة ذمار ، و أبلغهم بأوصاف السيارة و رقمها و اسم السائق..
وأضاف: بعد أن شاهدنا في المواقع الإخبارية خبر العثور على طفلة مقتولة في نقيل سمارة قمت بالتواصل مع مدير البحث الجنائي بمحافظة إب ، ثم ربطت بين المعلومات التي تلقيتها شخصياً من اللواء صالح عبد الحبيب و الخبر المنشور في المواقع الإخبارية، و عند وصول السيارة المشتبهة بها إلى نقطة ذمار القرن، تم مراقبة السيارة و تتبعها حتى توقفت في مطعهم العباهي بمدينة ذمار، و هناك تم ضبط الجاني و نقله إلى البحث الجنائي و الذي أعترف بجريمته طواعية.
العميد الحدي قال في لقاء مع "أخبار اليوم" إن الأب قد قام بتعذيب أبنته "مآب " مستخدما الكاوية الكهربائية, و تصويرها بتلفونه أثناء التعذيب و هي تتألم و ما تزال حية، و دماءها تنزف من أنحاء متفرقة من جسدها، وقد تم العثور على تلك المقاطع في تلفونه والتي لم يُسمح لنا بنشرها من قبل البحث الجنائي، وبأن المتهم كان يقوم بتعذيب الطفلة من أجل أن تعترف له بأنها قد ارتكبت فاحشة، مع أن الطفلة طاهرة و لم يتجاوز عمرها ال10 أعوام.. وقد قام والدها القاتل قبل فترة حسب اعترافاته خلال التحقيقات بعرضها على 3 أطباء في صنعاء وتعز وأكد له الأطباء أنها ما زالت "بكراً"..
ويضيف الحدي انه لا يصح لأب مثل هذا أن يربي أطفال و يجب أن يعرض على طبيب نفسي. ونقلت "أخبار اليوم" عن العقيد الحدي أن والد الضحية أعترف بكل طواعية خلال التحقيق بأنه قتل ابنته مآب، حيث أصطحب الطفلة معه من منزله في محافظة إب إلى السيارة بعد أن قام بتعذيبها..
يوم الجمعة في المساء انطلق بها حتى وصل إلى نقيل سمارة ،، و تردد 3 مرات قبل أن يقتلها، حيث كان يقوم بإنزالها من السيارة، ثم يعيدها وفي المرة الأخيرة أنزلها من السيارة وأخرج مسدسه و أطلق عليها 4 طلقات نارية..
مشيرا إلى أن الأب قد كان طلق زوجته - والدة مآب - التي تنتمي إلى مديرية حبيش بمحافظة إب, بينما يتنقل هو باستمرار بين اليمن و قطر و الإمارات, حيث يعمل في بيع العقيق ويترك أبناءه عند ناس آخرين، لذا ينقص الأطفال حنان وعطف والديهم نتيجة غياب الأب و الأم و بعدهم عنهم ، و غالبا ما تكون الأسباب و الدوافع في مثل هذه الجرائم هو التفكك الأسري و الخلافات الزوجية.
بناتي في خطر
والدة الطفلة مآب ناشدت في لقاء مع "أخبار اليوم" السلطة المحلية بمحافظتي ذمار و إب وأصحاب الضمائر الحيّة أن يعيدوا إليها ابنتيها الباقيتين (أفنان و بيان) وقالت إن ابنتيها في منزل أحد أقارب طليقها في محافظة إب، مشيرة إلى أن حياتهن في خطر، و ناشدت السلطات التدخل لإعادة ابنتيها إليها .
البحث عن "أفنان" و "بيان"
الاثنين الثاني عشر من شهر يناير الجاري انتقل طاقم "أخبار اليوم" واللجنة الحقوقية الخاصة لمناصرة الطفلة " مآب " إلى محافظة إب للكشف عن مصير شقيقتي الطفلة " مآب " ، أفنان - وبيان والاطلاع على أوضاعهن الصحية والنفسية بعد شكاوى متكررة من الأم والتي قالت إن حياة بناتها في خطر وأنهن يتعرضن للتعذيب الجسدي ما دفعنا للقيام بالبحث والتحري لمعرفة مكان تواجدهن..
اكتشفنا بعد أيام بحسب معلومات خاصة بأنهن في محافظة إب في منطقة مفرق حبيش فقررنا التوجه إلى هناك والبدء بالتواصل مع الشخص الذي تقول المعلومات بأنهن متواجدات في منزله من قبل وقوع الجريمة بساعات، حيث قام الوالد بقضاء ساعات في ذلك المنزل بصحبة الثلاث الشقيقات ( مآب 10 سنوات - أفنان 8 سنوات - بيان 6 سنوات ) ثم غادر واخذ معه الشقيقة الأكبر- مآب- وكانت مصابة بجروح وادعى ذهابه بها لمعالجتها، وحمل الأب صاحب المنزل أمانة الحفاظ على بناته حتى عودته في الوقت الذي كان الأب قد خطط فيه للجريمة.
في مفرق حبيش
بمجرد وصول كاتبي التحقيق ومرافقوهما منطقة مفرق حبيش كان محمد علي الحفافي في استقبال الفريق الإعلامي والحقوقي لننتقل بعد ذلك لمنزلة الذي تقيم فيه شقيقات مآب منذ ذلك الحين وكانت المفاجئة عند باب المنزل الذي فتحته الطفلة أفنان وخلفها بيان وهن بحالة صحية جيدة إلا أن الخوف من القادمين كان متملكاً لهن وعند سؤالنا لهن عن أسمائهن تفاجئنا من تغيرهن لأسمائهن ببراءة خوفاً من مجهول في نفوسهن تعرفنا عليه لاحقاً..
دموع مشورة
انتقل الفريق إلى مدينة إب وفي منتزه مشورة بصحبة البنتين للترويح عنهن في محاولة لكسر حاجز الخوف والتوجس الذي واجهتانا به، وبعد 5 ساعات من اللعب والتنزه والتقاط الصور التذكارية وحكاية القصص و الألغاز وتبادل النكات، شعرت البنات بالاطمئنان معنا لنفاجئ ببدئهن باسترجاع ذكرياتهن مع والدهن لتنهمر دموعهن من بين الكلمات ليبكي كل من كان في الجوار من زوار المنتزه..
لم تخفِ البنتان سعادتهن البالغة بحياتهن القديمة التي كن يقضينها مع أبوهن بين دول الجوار العربي مصر و الإمارات و قطر حيث كان يصحبهن الأب معه خلال سفرياته التجارية المرتبطة بعملة في تجارة العقيق اليمني وكان مغدقاً عليهن بالدلال والحنان منذ طلاق أمهن اللاتي لا يعرفنها و يخشين بشده العودة لها أو تذكرها.
كابوس العودة
وعن الجريمة قالت أفنان بأن والدها ذهب لعلاج أختها الكبيرة مآب وماتت عليه في الطريق فقاموا بحبسة واجهشتا معاً بالبكاء لتطلبا إعادة أبوهن لهن وعند سؤالها عن أمها اقتضبت ردها من بين الدموع " اقتلونا ولا تأخذونا إليها " ، وعن ذكرى مآب قالت أفنان بأن أمها المطلقة كانت على تواصل بالضحية وانها كانت تعلمها أن تقوم بوضع السم لوالدها في الطعام لتأخذ ثروته وتعيش مع أمها وعند سؤالنا عن مصدر هذا الكلام الذي تتحدث عنه أفنان بصدق الطفولة ، أجابت بأن مآب هي من قالت لها ذلك.
تراتيل الوطن
في طريق العودة بهن إلى المنزل بعد مزيج يوم من السعادة والدموع تبدلت نفسية الطفلتان لنتفاجأ بطلبهن مشاركتهن غناء النشيد الوطني .. رددي أيتها الدنيا نشيدي فرددناه كما لم نردده من قبل نزولاً عند رغبتهن اللطيفة، لنطلب منهن عند ذلك أن نعود معاً لذمار لزيارة والدتهن فواجهتانا برفض قطعي للفكرة مؤكدات بأنهن لا يردن سوى انتظار أبوهن في المكان الذي تركهن فيه.
قريب الشقيقات
محمد علي الحفافي الذي تعيش عنده الطفلتان هو قريب والدة مآب وابن عمها وهو أيضا قريب والد مآب وابن أخته, يؤكد بأن الطفلة مآب قبل الجريمة بساعات كانت في منزله وخرجت مع والدها للعلاج, فيما بقيت أخواتها لديه ولاحظ أنها كانت مصابة بجروح في يدها وتظهر على وجهها ندبات بسيطة.
وقال بأن أبا الطفلة أقنعه بأنها بسبب حادث بباص دون أن يذكر له تفاصيل، وبأنه لم تراوده أي شكوك حول صحة ما قاله له الأب وتيقن بأنه سيذهب فعلاً لعلاجها بعد طلب أبو مآب من الحفافي أن يحتفظ بأفنان وبيان عنده إلى حين عودته من المستشفى وفوجئ بخبر الجريمة بعد استدعاءه من قبل البحث الجنائي في محافظة إب ليدلي بأقواله.
وحول مصير الطفلتين التي يتمسك بهما الحفافي يقول بأنه لن يمانع في تسليمهن إلى المحكمة في أي وقت تطلب فيه ذلك مادام المكان الذي ستختاره المحكمة سيكون آمن بالنسبة للطفلتين .
شهادات طبية
منذ الساعات الأولى لصباح الأربعاء انتقلت أخبار اليوم واللجنة الحقوقية للعاصمة صنعاء لاستكمال التحقيق الصحفي حول وثائق طبية لحالة المتهم حصلت عليها اللجنة وتفيد بإصابة المتهم بمرض نفسي – وفي العاصمة كان اللقاء بأثنين من كبار الاستشاريين النفسيين في اليمن و أكدوا أنه يعاني من مرض الذهان الانفصامي والشكوك والأوهام، وبأن هذا المرض يدفعه لسلوكيات عدائية تجاه أقاربه بصورة غير مسئول عنها وأكد الدكتور محفوظ عبد الحبيب الطبيب المعالج للمتهم بأن نوح اليمني كان يخضع للعلاج من تلك الإمراض لديه في العام 2010 م.
في لقاء مع "أخبار اليوم" قال الدكتور محمد الخليدي – استشاري الأمراض النفسية و العصبية بأن هذا المرض مزمن وان المصاب به يعتبر شخص غير واعي وتبرز أعراض المرض من خلال شكوك يخطط لها العقل لا إرادياً بحيث يشك المصاب في أشخاص معينين ممن هم حوله ويتصرف معهم بعدائية وهو مدرك ثم يعود للندم على تصرفه، و من الممكن أن يكون الشخص المصاب طبيعياً في حياته وتعاملاته .
وعرف الدكتور الخليدي حالة الشك المرضية بأنها تفكير سلبي يدور في الدماغ عبر التحليل لمواقف معينة في لحظة غضب تؤدي لقيام الشخص بأي تصرف بدافع الانتقام لتصوراته و في حالة عدم العلاج المستمر للشخص المصاب فإن أعراض المرض تعود من فترة لأخرى بتصاعد في شدة الأعراض ونواتجها وتكون لها مضاعفات خطيرة.
وأوضح الدكتور خلال اللقاء بأن هناك الكثير من الحالات المشابهة في اليمن وتزداد مضاعفات أعراض الحالات المصابة بالذهان الانفصامي لدى الأمراض مدمني تعاطي شجرة القات المخدرة وأوصى الخليدي بعاملة الحالة كمريض وليس كجاني لأنه فاقد للأهلية التي تجعله مسئولاً أمام القانون .
السحر والجن
في مدينة معبر المركز الحيوي لشيخ ديني معروف كان عثور "أخبار اليوم" على وثيقة هامة تحمل ختم الشيخ محمد بن عبد الله الإمام لتضاف لقائمة المستندات المتعلقة بتحقيقنا الصحفي حول القضية ، يقول الشيخ الإمام أن ما قام به والد مآب يعتبر من أعمال من أصيب بالسحر الشيطاني الذي تشبه عوارضه ما يسميه الأطباء الوسواس القهري, واصفاً حالة المتهم الذي كان يتعالج عنده بالقرآن حالة إيذاء من الجن عن طريق السحر أو المس ، ويوصي الشيخ الإمام بالمبادرة لعلاج المتهم بالرقية الشرعية وألاّ يترك للشياطين لتعبث به .
موقف الشرع
خطيب الجامع الكبير بمدينة ذمار القاضي محمد علي داديه- عضو جمعية علماء اليمن- التقته "أخبار اليوم" للتعرف عن الموقف الشرعي حول مثل هذه الجريمة، حيث قال إن الموقف الشرعي من قتل نوح اليمني لابنته مآب والذي سبقه تعذيب وإيذاء شديد فإن الجمهور ذهبوا ومنهم الزيدية إلى انه "لا يقتل الأصل بالفرع" وبهذا اخذ قانون العقوبات اليمني وذهب المالكية إلى خلاف ذلك وهو الأقرب إلى الصواب, حيث أن الحديث المستدل به ضعيف عند اكثر أهل الحديث..
ويضيف داديه بأن للقاضي أن يحكم بالإعدام تعزيراً لا قصاصاً وذلك لبشاعة القتل وللتعذيب ولان القضية قضية رأي عام وتهدد القيم والسلم الاجتماعي .
رسالتنا
يلزم الإشارة في ختام هذا التحقيق إلى انه يأتي من منطلق التزام الحياد المهني الإعلامي والحقوقي وكشف الحقائق كما هي على أرض الواقع لتكتمل الصورة دون انحياز أو عاطفة تدعو للانتقام من قاتل أو لرأفة بمريض، و يجدر الذكر بأن توجه إنجاز هذا الاستقصاء من قبل اللجنة الحقوقية لمناصرة قضية الطفلة مآب, بتكليف رسمي من منظمة جسور اليمن الجديد BNY بناءً على مبادرة إنسانية ذاتية من النشطاء الإعلاميين؛ معدي التحقيق والناشط الحقوقي صادق محمد الكحسة.
/////////////
رأي الشقيق
منذ وقعت الجريمة هرع عشرات الصحفيين اليمنيين لمحاولة الاتصال بشقيق المتهم نوح اليمني ومنهم مراسل أخبار اليوم التي لم تتمكن من لقاء الشقيق الأكبر صالح اليمني إلا بعد إلحاح ومتابعة استمرت لأسابيع في محاولة لإقناعه باللقاء.
وعلل الشقيق صالح اليمني ذلك بقوله أن مقتل مآب بتلك الصورة المرعبة على يد أبوها لم يترك له مجال للتصريح بأي شيء وبأنه لا يوجد إنسان يمتلك ضمير يمكن له ان يتقبل بسهولة ما قام به نوح حتى أقرب الناس له. ويضيف" لولاء أني أريد براءة ذمتي تجاه أخي لما اقتنعت بأجراء هذا اللقاء الذي أريد أن يعرف عبره كل انسان سمع عن مآب، بأن أبوها كان يعتبرني بسبب مرضه عدواً له و أقول أمام الله ان أخي تعبان ومريض نفسي و أطالب القضاء بعرضه على أطباء نفسيين لإثبات صحة ذلك أو بطلانه وأن يراعوا حالة نوح- المرضية- التي عانينا منها لسنوات كان يفقد خلالها شعوره و لا يدرك ما يقوم به من تصرفات غير طبيعية اطلاقاً ولا يقوم بها إنسان عاقل وأخرها إقدامه على قتل أبنتنا مآب".
ويؤكد صالح اليمني ان شقيقه لا يعترف بمرضه وأنه كان يصحبه بصعوبة للعلاج عند مشائخ ومعالجين بالقران الكريم وأطباء نفسيين، و يطالب شقيق المتهم محكمة غرب ذمار برئاسة القاضي الحجوري للاستماع لشهاداتهم. ولم يخفِ بالغ استياءه من منظمات المجتمع المدني المحلية بحشدها للرأي العام ضد شقيقه دون تعرفها على الأسباب الحقيقية للحادثة المؤسفة حيث تتناول تلك المنظمات جانب مهم للقضية المتمثل بمآب والقصاص لها فيما تغفل جانب آخر مهم ويتمثل بمرض نوح المزمن الذي لابد من أن تلتفت له بحرص لخدمة مبادئ وأخلاقيات حقوق الإنسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.