الجراد تصل إلى اليمن من حدود السعودية دون أن تهتز لنا شعرة؛ ليس ثقة بل جهل بحقيقة (الجراد) أو لأنه لا يوجد لدينا ما نخسره من زرع وحبوب بعد ما خربنا أرضنا واستبدلناها بالقات و(التنباك) وأهملنا المدرجات الزراعية الجبلية التي شيدها أجدادنا، واعتمدنا على الخارج وما يعطينا من (طابونة) مضرة بالصحة وحبوب مستوردة ليستعمرنا بها من أمعائنا!!. الجراد تهجم على اليمن هذا الخبر كان المفترض أن ينزل علينا مثل الصاعقة ويوقف عراك أعضاء لجنة الحوار وحتى ضرب الكهرباء لو أننا (اليمن)... يمن السنابل والحبوب التي كانت تورد إلى الجوار بعد ما نكتفي ذاتياً، كان للمزارعين والزرع عدوان اثنان هما أخطر من القحط وانقطاع المطر هما (الجراد) الطائر وحشرة (الجدام) الزاحف تأكلان الزرع وتحول الأرض الخضراء إلى قاع صفصفا، كان بعدها الناس يذرفون الدمع ويقولون الأهازيج بكاء على الزرع الذي يرتبط به اليمني بعلاقات حب لا تنتهي!! وكانوا عندما يعلمون بقدوم (الجراد) أو (الجدام) يعلنون حالة طوارئ لمواجهة العدو ومع هذا كانت (الجراد) أرحم من (الجدام) لأن هذه الأخيرة أخبث عندما تأكل الزرع لا يقوم له بعدها قائمة ويصل خرابها وفسادها إلى التربة.. بينما الجراد مجرد ما تذهب ويأتي المطر ينبعث الزرع من التراب أكثر اخضراراً خاصة إذا كان الزرع مازال صغيراً، وكان المزارعون يرددون دعاء (يا الله بمبرود وإلا بمجرود قبل ما يجربح العود) ولهذا يتعاملون مع (الجراد) بنوع من الاحترام مقارنة بحشرة (الجدام) الزاحف التي إذا لم تكن تعرفها فاعرف الفساد اليمني والفاسدين حيث لا تجد البلاد بعدهم عافية.. يسير الجراد بأسراب رهيبة مثل أسراب الطائرات الغازية أو مثل السحب السوداء الكثيفة تملأ الأفق وتسد الشمس محدثة رعباً وجلبة.. أقل سرب جراد يتكون من 30 إلى 40 مليون جرادة؛ ويأكل أكثر من 80 طناً من الزرع والأشجار الخضراء في اليوم الواحد بما يكفي لإطعام 3000 إنسان خلال سنة كأملة، وعليك أن تتصور مدى الكارثة التي تلحق بالأرض والزرع عندما تصبح الجراد جاهزة بطورها الأخير دون مكافحة، ومع هذا نجد أن الجراد أقل خطراً من فاسدي بلادي؛ فهؤلاء رغم عددهم القليل جداً أقل بنسبة1 % من الشعب؛ إلا أنهم أكلوا ثروة الشعب لخمسين سنة قادمة وزيادة، وباعوا الباقي وهو في باطن الأرض عن طريق صفقات بيع معلنة وملحقات سرية تمنعنا حتى من شرب مائنا واستغلال ثرواتنا والتنفس بهواء بلادنا!! لتكن الجراد بأسرابها الرهيبة وقدرتها الهائلة أرحم؛ خاصة واليمنيين يستطيعون أن يحولوها إلى مادة غذائية دسمة، حيث يسقطونها ويأكلونها هي وما أكلته من زرع ويحولون الموسم إلى موسم (صيد الجراد) كأفضل أكلة، فهي صالحة للأكل أكانت حية أم ميتة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أحلت لكم ميتتان.. السمك والجراد) يعني الجراد يأكل ويؤكل؛ لكن جراد (بني آدم) في اليمن تأكل حتى العظم والباقي ترمي به للبحر أو للبنوك الأجنبية ولحمها لا يصلح للأكل مثل حشرة (الجدام) الزاحف التي لا حل لها إلا الرش بالمبيدات السامة قبل أن تنهي الزرع والضرع وتفسد التربة وتسمم الناس. عموماً الجراد القادم من السعودية بحاجة إلى أن تتنبه له الحكومة وتواجهه بحالة طوارئ، وهي الآن في طور التشكل قبل أن تأكل ما تبقى من مساحتنا الزراعية ويفاقم خطر المجاعة الذي يحوم على رؤوسنا بفعلنا وفعل الحشرات البشرية الزاحفة والسامة والتي نحاول أن نتعايش معها جهلاً بما يشبه الانتحار البطيء!!. [email protected]