منذ حوالي من ثلاثين عاما والحاج (حسن الفقيه) يعمل كمسحراتي يعتمد عليه سكان قريته وقرى مجاورة في تحديد مواعيد السحور والفطور خلال شهر رمضان المبارك. يسكن رجل الخير الحاج حسن (87 عاما)، في قرية ريفية بمنطقة بني العسكري مديرية السلفية محافظة ريمة، وهو فقيه القرية وإمام مسجدها ومعلم كثير من أبنائها القرآن الكريم. في الثمانينات بدأت حكاية (الطاسه/ المرفع) الخاصة به، تم شراؤها لاستخدامها في عرسه كطاسة برع، بحكم ارتباطه كقيم ومؤذن لجامع القرية وبعد تلقيه شكاوى من السكان بعدم استيقاظهم لتناول وجبة السحور تولدت لديه الفكرة. لم يكن لجامع القرية كغيره من سكان جوامع القرى بالمنطقة ميكرفونات، كان الآذان يرفع فيها حتى سنوات ما قبل عام 2000م بذات الآلية التي رفع بها الصحابي بلال بن رباح، أول آذان بالمدينة المنورة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قبل أكثر من 1400 عام. يقول نجله الأكبر (محمد) وهو أحد المتطوعين العاملين مع منظمات محلية ودولية في المجال الإنساني ويقيم مع عائلته في العاصمة، أن والده (حسن) فكًر في استخدام (الطاسه) للتطوع كمسحراتي لمساعدة الناس على إقامة سنة السحور والفوز ببركته. يستخدم أبناء المنطقة في الأعراس فقط، لكن الحاج استخدم (الطاسه) في هذه الأعراس الايمانية، موسم أفراح الصائمين. لم يكن أبناء القرية وحدهم يحظون بخدمته؛ قرى ومناطق مجاورة اعتمد أهلها حتى اليوم على طاسته، يصومون بسماعها ويفطرون على دقاتها. مع حلول ساعات الفجر الأولى يتناول طاسته ويصعد إلى سطح منزله غير آبه بالبرد القارس الذي كان يتزامن مع شهر رمضان خلال العقود الماضية، يداعب بعصاتيه ترانيم الطاسه، دقات الشوط الأول لإيقاظ السكان، والشوط الثاني قبل لحظات من الأذان. يعتمدون على طاسته لمعرفة أول أيام الصيام وآخرها كذلك، في حال لم يسمعون طاسته فجراً يعرفون أن رمضان ولّى وعليهم أن يتجهزوا لأفراح عيد الفطر. صار حسن معروفا لدى أبناء المنطقة، وفي كل مرة لا يسمعون طاسته يعرفون أنه إما مسافر أو مريض، يلتقون يوم الأربعاء في السوق المركزي ويسألون عنه في حال لم يجدوه في السوق. رجال ونساء القرية يهبون إلى منزله للاطمئنان عليه. تقادم سن الرجل ولم يعد قادراً على الالتزام بمواعيد هذا العمل المرتبط بالوقت، سلًم المهنة الخيرية والطاسه أيضا في رمضان الماضي للحاج (علي) ليحل محله. رغم حرصه على نيل أجر عمله آثر التنازل عنها مضطراً، لتبقى بدعةً حسنةً ينفع الله بأجرها واقفها والقائم عليها.