السلم والتوافق هدف سامي وغاية نبيلة يسعى إليها اليمنيون بعد عناء الصراع والعنف الذي يسعى إليه دعاة العنفوالقتل والصراع وتجار الحروب الذين لا يريدون لليمن الخير والاستقرار. كان لأبناء تعز بكل مكوناتهم دورا كبيرا في السعي والعمل للوصول إلى اتفاق السلم والتوافق الذي تم الخروج به من خلال اجتماع كل المكونات مع السلطة المحلية ومع قائد المنطقة الرابعة،ومن خلاله تم الاتفاق على تجنيب تعز الصراع والعنف، وعلى أن تقوم السلطة المحلية واللجنة الأمنية ممثلة بالجيش والأمن بواجبهم في حفظ الأمن والاستقرار في المحافظة؛ وعلى رفض كل المليشيات من أي جهة كانت أو لجان شعبية تحل محل السلطة المحلية. كان ذلك الاتفاق التاريخي هو قرار أبناء تعز جميعا. شهيدنا صادق منصور، رحمه الله، كان له دورا فعال في هذا اللقاء مع إخوانه في قيادة اللقاء المشترك ومع بقية المكونات والسلطة المحلية، وقد أخبرني،رحمه الله، أنه كانت هناك محاولات قوية إلى آخر لحظة في إفشال هذا اللقاء ولكن بالتواصل والمتابعة تم إفشال هذه المحاولات التي كانت لا تريد إنجاح هذا اللقاء. صادق منصور الأمين العام المساعد لإصلاح تعز، كان لا يهمه الألقاب ولكنه كان رجلا عاملا متفانيا صادقا أمينا متواضعا عفيفا همه الأول والأخير كيف يقوم بواجبه وكيف ينجح في عمله، كان يعمل ليلا ونهارا وبهمة عالية لإنجاز الأعمال المكلف بها؛ بل يبادر إلى أي عمل يرى فيه خدمة لمجتمعه وأمته، ولذلك عمل ليلا ونهارا في إقناع جميع المكونات والأشخاص في الوصول إلى السلم والتوافق في المحافظة. هذا الدور الكبير والمتميز الذي قام به أغاض أعداء السلم والتوافق وأعداء الأمن والاستقرار لتعز، فدبروا اغتياله. لقد كان صادق منصور حرا ثائرا أبيا يأبى الظلم والاستبداد والطغيان، ولذلك كان في مقدمة ثورة 11 فبراير 2011م، وكان قائدا في ساحة الحرية مع إخوانه في اللقاء المشترك في حل مشاكل الساحة واستيعاب الثوار وحل مشاكلهم. وكان رجلا شجاعا لا يخاف في الله لومة لائم، فكان ليلة محرقة ساحة تعز في الساحة إلى آخر الليل وكذلك في فترة الرصاص المصبوب على مدينة تعز ظل في الساحة وفي الميدان ومع إخوانه. كان صادق منصور رجل علاقات من الطراز الفريد مع كل الناس ومع كل المكونات، فقد استطاع بتواضعه وحنكته التقريب بين كثير من المختلفين وبين المكونات وخاصة بالسلم والتوافق وغيرها. كانت لديه القدرة على امتصاص غضب الآخرين أو انفعالاتهم أو إساءتهم. وكان رحمة الله عليه عفيفا لا يعمل لذاته، فقد خالطته وعشت معه فترة طويلة فلم يطلب شيئا لنفسه أو لأسرته أو لأقاربه مهما كانت ظروفه. وكان رحمة الله عليه معلما ومربيا وناجحا في الأعمال التنظيمية التي كلف بها في إدارة الفروع والمديريات وغيرها.وكان متواضعا لا يحب الظهور وبعيدا عن الكبر والغرور، ولذلك كان يسير وحيدا بدون حراسة ومرافقين. حتى قبل استشهاده رحمه الله رفض مرافقة ولده حرصا على بقائه لمذاكرة دروسه، ولأنه صادق فقد اختاره الله شهيدا "ويتخذ منكم شهداء". ولأنه منصور فسينصره الله ويكشف القتلة المجرمين الجبناء "ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا"والقتلة الذين اغتالوه لا يظنوا أنهم اغتالوا مشروعه وحلمه في السلم والتوافق فإننا على دربه سائرون ومواصلون المشوار. ولا نامت أعين الجبناء.. لقد كان تشييع جنازته بذلك الحشد المهيب من تعز وغيرها من المحافظات ردا عمليا لأعداء السلم والتوافق بأنكم لن تغتالوا مشروع شهيد تعز، شهيد السلم والتوافق، فمشروعه السلم والتوافق والاصطفاف، مشروع تعز، ومشروع اليمن كلها. وهذا الحضور الكبير والحشد المهيب في الجنازة دليل واضح أن دماء الشهيد قد سقت شجرة الحرية والثورة من جديد، فدماؤه الطاهرة ستسري في قلب كل يمني لاستكمال ثورة فبراير التي قدم شهيدنا روحه من أجلها. وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم تقبله الله في الشهداء وأسكنه فسيح جناته وألحقنا به شهداء. الرحمة للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للمعتقلين والخزي والعار للجبناء المجرمين القتلة. "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون"