بات من المؤكد أن مرحلة العزلة الدولية على بلادنا قد دخلت حيز التنفيذ بعد التسارع الدراماتيكي في غلق الدول الأجنبية والعربية سفاراتها في صنعاء وإجلاء بعثاتها الدبلوماسية من البلاد. تأتي هذه الخطوات بعد يوم واحد من خطاب زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، الذي حاول تطمين هذه الدول وطمأنة البعثات الدبلوماسية في صنعاء. معتبرا أن الوضع الأمني في صنعاء مستقر جدا. يعد إغلاق السفارات مؤشر على أن الأحوال في اليمن مقبلة على مزيد من التدهور في ظل سيطرة جماعة الحوثي على نصف المحافظات تقريبا ومحاولتها التوسع أكثر. وقال محللون اقتصاديون إن إغلاق السفارات الأجنبية والعربية في صنعاء يعزل اليمن اقتصاديا، ويؤدي إلى فقدان ثقة العالم في البلاد وهروب الاستثمار الأجنبي والمحلي. كما أن الاقتصاد اليمني "الهش" سيشهد تأثرا كبيرا، وربما ينهار، لا سيما في ظل توقف المساعدات، الخليجية والاوربية لليمن، احتجاجا على سيطرة الحوثي على العاصمة وبعض المحافظات منذ سبتمبر الماضي. زعيم الحوثيين قال إن مغادرة السفارات والبعثات غير مبررة، مضيفا: إن كانت هناك أي مخاوف ذات طابع أمني فلا مبرر لها، ليطمئنوا، إن كانت الامور في سياق لعب سياسية أو أوراق ضغط أو ما شاكل ذلك فلن تجدي نفعا.. لن تجدي نفعا". رئيس المجلس السياسي لجماعة الحوثي ومستشار رئيس الجمهورية عن الجماعة صالح الصماد، حاول استعطاف المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وقال إن "الأشقاء في المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج أرفع وأكبر من أن يعكسوا مواقفهم السياسية على علاقتهم بالشعب اليمني الذي تربطهم به علاقات أخوية منذ القدم". الناطق الرسمي باسم الحوثيين محمد عبدالسلام، قلل هو الآخر من مغادرة السفارات. وقال إن الحياة لن تنتهي "إذا غادرت سفارة من هنا أو من هناك مع أن هذه السفارات هي ترعى مصالح بلدانها وليس مصالح الشعب". مسؤول العلاقات الخارجية بجماعة الحوثي حسين العزي، اعتبر القرارات التي اتخذتها بعض الدول الغربية لإغلاق سفاراتها في صنعاء قرارات غير مبررة على الإطلاق. وقال العزي في تصريح نشرته وكالة "سبأ" إن هذه القرارات تندرج فقط في سياق الضغط على شعبنا في ما صنعه من تحولات عظيمة على طريق عزته وكرامته وسيادته واستقلاله وامتلاك قراره السياسي وحقه المشروع في الحياة الكريمة كأحد أهم مقتضيات وأهداف ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر". وأضاف: "نحن على ثقة في أن حكومات الدول الشقيقة والصديقة الحريصة على تطوير وتعزيز العلاقات مع بلدنا الكبير والعظيم، ستدرك في القريب العاجل بأن مصلحتها تقتضي التعاطي الايجابي مع ارادة الشعب اليمني الواجبة الاحترام". وذهب عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي عبد الملك العجري، إلى تفسير خطوة إغلاق السفارات بأنها استجابة لضغوط دول إقليمية، إذ لا يمكن اعتبار المخاوف الأمنية مبرراً منطقياً، بحسب رأيه. ويشير العجري، في حديثه ل"الخليج أونلاين"، إلى أن جماعته استوضحت من بعثات تلك الدول عن أسباب إقدامها على تلك الخطوات، وحاولت بث تطمينات متكررة لهم، وعرضت أن تقدم الجماعة حماية خاصة لبعض أفراد تلك البعثات، لكن الهاجس الأمني ظل مخيماً على تعاطيها معهم. وبين العجري، أن الاتحاد الأوروبي أوضح لهم أن الخطوة الخاصة ببعثة الاتحاد مؤقتة إلى حين تشكيل بعض الهيئات، وعلى رأسها المجلس الرئاسي، وأكد أن جميع البعثات الدبلوماسية أكدت عدم تخليها عن دعم مسار العملية السياسية، وتأييد المفاوضات بين المكونات والقوى اليمنية. عضو المكتب السياسي للحوثيين علي القحوم، قال إن الوضع الأمني في صنعاء مستتب ومستقر ولم يكن هناك داع ولا مبرر لإغلاق تلك السفارات أو تعليق عملها، مقللاً من شأن حدوث تداعيات بشأن إغلاقها. مضيفا في تصريح لصحيفة السياسة الكويتية أن هذا الأمر عائد إلى دول تلك السفارات ولا يحوز تحميل اليمنيين تبعات قرار اتخذته دول تلك السفارات ولا نعتقد أن يكون له انعكاس على الوضع الاقتصادي لأن حجة تلك الدول هي الوضع الأمني وهي حجة غير صحيحة. وأضاف "هناك من يقول إن البلد ستنهار بسبب إغلاق السفارات والاقتصاد سيتدهور، وهذا أمر بعيد عن الواقع ولا صحة له". رحيل جماعي يرعب إيران أثارت حالة الرحيل الجماعي للسفارات من اليمن الفضول لدى دولة إيران الداعم الرئيسي للحوثيين، حيث وصفت طهران إغلاق سفارتي أمريكا وبريطانيا في صنعاء، بأنه "إجراء متسرع، وذو مغزى، وأن تطورات اليمن شأن داخلي"، وقالت إنها تعتبر أمن اليمن من أمن المنطقة بأسرها. وقال مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبداللهيان، بحسب وكالة أنباء "فارس"، إن إغلاق سفارتي أميركا وبريطانيا في صنعاء إجراء متسرع وذو مغزى، وإن تطورات اليمن شأن داخلي، متحدثاً عن دعم طهران للسلام والاستقرار باليمن. واعتبر أن تطورات اليمن زادت من أمن المنطقة، وعقدت الأمور على الإرهابيين في هذا البلد، وقال إننا ندعم استقلال اليمن ووحدتها الوطنية. وقال إن طهران تعتبر أمن اليمن من أمن المنطقة بأسرها. وتحدث عن دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية "إرساء دعائم السلام والاستقرار والرفاهية لشعب هذا البلد".