اعتبر الإعلامي والباحث السعودي، فايد العليوي، أن عاصفة الحزم، على الرغم من ضعف جدواها في مواجهة النفوذ الإيراني، كشفت حقيقة إيران وصحة النظرية القائلة بتمددها في الفراغ فحسب، داعياً في الوقت ذاته دول الخليج إلى إسقاط توجسها من الديمقراطية خلال تعاملها مع الأطراف المحلية في الدول التي تسعى لتقويض النفوذ الإيراني فيها؛ كي لا تسمح له بالتمدد مجدداً. وأوضح العليوي، في ورقته البحثية التي افتتح بها، الأربعاء، مؤتمر "توجهات الخليج الاستراتيجية بعد عاصفة الحزم"، الذي يقيمه "الخليج أونلاين" في إسطنبول التركية، ويستمر ليومين، أن العقيدة السياسية للعربية السعودية ثابتة على مختلف الأصعدة، ولا سيما على المستوى الإقليمي وتحديداً إزاء الثورة الإيرانية. وفي موضوع عاصفة الحزم، أكد أن ثمة موضوعين متداخلين في الوقت الراهن، وكانت السعودية تتعامل مع كل ملف على حدة إلا أنهما الآن اجتمعا في ملف واحد؛ وهما اليمن من جهة وإيران من جهة أخرى. واعتبر الإعلامي والباحث السعودي، في ورقته المعنونة ب"عاصفة الحزم ضربة خاطفة أم تحول استراتيجي؟"، أن اليمن ليس ملفاً جديداً على طاولة الخارجية السعودية؛ فالمملكة خاضت أو دعمت تقريباً خمسة حروب في اليمن؛ هي حرب المؤسس والمتوكل، وحرب فيصل والسلال، وحرب الوديعة مع اليمن الجنوبي، وحرب الانفصال 94، وحرب الحوثيين 2009 التي كان سببها احتلال جماعة الحوثي لجبل دخان داخل الأراضي السعودية خلال حربها مع الحكومة اليمنية آنذاك. ولفت إلى أن ما يختلف في هذه المرة عن سابقاتها أن هناك تساهلاً دولياً مع الحوثي، وتقارباً أمريكياً إيرانياً، وتغير نيات أمريكا إزاء المنطقة وإشعالها لحروب طائفية. وأشار العليوي، وهو مؤلف كتاب الثقافة السياسية في السعودية، إلى أن عجز الرئيس عبد ربه هادي، بعد توليه الرئاسة وفقاً للمبادرة الخليجية، عن تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، أو حتى إجراء انتخابات رئاسية بموعدها المقرر، وإقصاء الثوار، وتساهل الرئيس مع مليشيات الحوثيين طيلة ستة أشهر، هو ما جعل الحوثي ينتهز الفرصة ويبتلع صنعاء، وهذا هو أس الصراع الأول. ورأى العليوي أن الحيلولة دون سقوط نظام الخميني إبان حرب الثماني سنوات مع العراق، وفضيحة إيران غيت، تعدان من المعطيات التي تؤكد رغبة الولاياتالمتحدة بوجود نظام ثيوقراطي في إيران يثير القلاقل، ويبقى كصداع مزمن لبقية الأنظمة الحليفة للولايات المتحدة. وأضاف: "نستطيع أن نقول أنه مع وجود هيمنة أمريكية مباشرة على المنطقة لن يكون هناك قرار سيادي مستقل بوسعه رسم استراتيجية مغايرة للاستراتيجية الأمريكية، إلا إذا توفرت شروط". وأوضح أن هذه الشروط تشمل مأسسة القرار، والقوة الاقتصادية، ووحدة السياسة الخارجية لدول مجلس التعاون. وفي معرض تحليله لخيارات الدول الخليجية أمام هذا الواقع في التعامل مع إيران ونفوذها في المنطقة، أشار الإعلامي السعودي إلى أن توجس دول الخليج من الديمقراطية يجعلها تفضل التحالف مع القوى غير الديمقراطية والتي لا تهدد أمنها أو استقرارها، معرباً عن اعتقاده بأن السعودية لن تستطيع كبح نفوذ إيران في العراق وسوريا من دون دعم الشعب هناك بشكل مباشر، ودعم القوى المدنية والديمقراطية، "وهذا مأزق سياسي يحول دون تبلور استراتيجية ناجحة في محاربة نفوذ إيران"، بحسب العليوي. ورغم مآخذه على عاصفة الحزم، أكد الإعلامي السعودي أن هذه العملية أظهرت إيران على حقيقتها؛ فهي لم تبذل شيئاً على المستوى العسكري، وبقي جهدها العسكري لا يرتقي لمستوى العبث حتى، وأكدت نظرية أن إيران لا تتمدد إلا في الفراغ الذي يصنعه النفوذ الأجنبي. ودعا فايد العليوي، في ختام ورقته البحثية، القوى المدينة والديمقراطية في الأحواز والعراق وسوريا إلى استثمار التوجه الحالي للقيادة السياسية لعاصفة الحزم لترميم أوضاعها، وتساميها عن الاختلافات وتحقيق أكبر قدر من الحضور السياسي؛ لبناء دولة القانون والمساواة وملء الفراغ السياسي.