أمس ظهر الرئيس التونسي المنصف المرزوقي اليساري الليبرالي، والرئيس المصري محمد مرسي الاخواني الإسلامي، بحسب التقسيمات المتداولة.. بدا الرجلان متشابهين في مسارهما السياسي حد التطابق إضافة إلى مسحة تشابه في السلوك الشخصي الميال إلى البساطة والشعبوية وحب الناس.. المهم هنا وحدة المشروع الوطني العربي الكبير بعمقه الإسلامي والعالمي حيث تترابط هذه الدوائر بنجاح عندما تبدأ حركة الدائرة الأولى على قاعدة صحيحة، أعني الدائرة العربية بل الدائرة القطرية الوطنية وتأسيس الدولة التي تؤسس لهوية عربية تستعيد الأمجاد بواسطة مجد المواطن البسيط، تتصرف كبقية الأمم تنافح عن حقها بعيداً عن الشعارات والعنتريات نحو استغلال الممكنات المتاحة التنموية والثقافية التي تخلصنا من الفقر والتخلف الذي يسحب معه انعدام الأمن ومستنقعات النزاعات الأهلية. لأول مرة اشعر أنني أمام شعبين يتحدثان بلسان ممثلين وليس صنمين يشعران أنهما يملكان الشعب! ..لم يدعيا قدرة خارقة وإنما الحرص المتواضع على تمثيل وخدمة الناس عن طريق فتح أبواب البلدين بعيداً عن الغبار الذي تراكم فوق ملفات التعاون العربي..لندع الغبار لأهله ونبدأ في تلمس خطواتنا نحو النور بحسب المرزوقي ومرسي..هناك من يحاول إشغال قطار الثورات الناجحة بمعارك جانبية قبل أن تتحرك العجلة أو تدويرها إلى الخلف بإدخالها في معركة إسلامية وليبرالية ودولة مدنية ودينية بدلاً عن الاجتهاد في برولة مشروع عام وتحقيق الدولة المدنية.. الحديث على هذا النحو يهدف إلى إيقاف قطار الكرامة والنهوض العربي المنطلق من والى عمق الشعوب، هذه المرة هناك ثورة مضادة تصاحب كل الثورات تحاول أن تتمسك ولو بقشة في محاولة لقصم ظهر البعير.. على الشعوب أن تتسلح بالوعي والثقة بنفسها وعندما تملك الشعوب هذه الثقة تغيب الإيديولوجيات المتحجرة وتتقدم مصالح الشعوب والشريعة الإسلامية التي هي معتقد للشعوب العربية هي شريعة مصالح بالأساس وهدفها تحقيق المصالح بمرونة كبيرة وهو ما يحقق مفهوم الدولة المدنية التي يصيغها الناس بما يحقق الحد الأقصى لمصالح الشعوب ولا وجود لدولة دينية بالمفهوم الكنسي ولا يجب علينا أن نستدعي مفهوم الآخرين لمفهوم المدنية كمعادٍ للدين، هذا تقليد غير رشيد ينافي مبادئ النهضة بما فيها مبادئ ومفهوم الحداثة التي تقتضي الإبداع دون تقليد حرفي للآخرين ودون انفصال عن الماضي بتجاربه المشرقة، فالحداثة هي الإبداع الذي يستفيد من اشراقات الماضي والاستفادة من تجارب الأمم وتنقيحها بما يلائم الواقع ويفيده وابتكار الجديد من الوسائل لننطلق من حيث انتهى الآخرون بدلاً من البقاء نتصارع عن البيضة والدجاجة أيهما قبل والمدني والديني والنتيجة سنبقى جميعاً في الحفرة وسنستدعي من جديد(رجل) أحمر عين يحكم خيبتنا الهزيلة وستعود إبداعاتنا إلى حالة (ما شئت لا ما شاءت الأقدار.. فاحكم فأنت الواحد القهار).