"سيذكرني قومي إذا جد جدهم ... وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر" تبادر إلى ذهني هذا البيت من الشاعر عندما أخبرني صديق لي عن عودة الأستاذ عبد القادر باجمال إلى أرض الوطن، وعندما أخبرت صديقي بالبيت ضحك قائلاً: (وهل باجمال البدر ونحن في الليلة الظلماء؟)، فبادرته بالجواب أننا بلا شك في أظلم ليلنا، وأحلكه سواداً، فلم تمر على بلدنا العزيز أيام كهذه، وأما مسألة البدر، فعلى الرغم من خلافات كثيرة في الرؤى كانت لي مع الأستاذ عبد القادر إلا أن كلمة الحق تفرض علي القول: أن من الرجال رجال تختلف معهم وتحترمهم، ومن هؤلاء الرجال الأستاذ عبد القادر. إن بلادنا تحتاج لمجموعة من الرجال في السلطة والمعارضة أشد الاحتياج في هذه الأيام المريرة، فهم من العقلاء الذين مهما كانت اختلافاتنا معهم وانتقاداتنا لهم، فنحن لا نستطيع التشكيك في وطنيتهم، أو التقليل من شأنهم. من هؤلاء الرجال، الأستاذ عبد القادر باجمال، والأستاذ عبد العزيز عبد الغني، والدكتور عبد الكريم الإرياني، والأستاذ محمد سالم باسندوه، والأستاذ علي ناصر محمد، ورجال كهؤلاء لا يجب علينا أن ننحيهم جانباً، أو حتى أن نقبل أن يتنحوا هم جانباً، ومجمل فكرتي التي بدأت لها بهذا التمهيد الطويل هو: (تأليف وزارة من رجال اليمن الشرفاء العاقلين المخضرمين تعبر باليمن إلى شاطئ الأمان). إن حملاً كبيراً يقع على عاتق رئيس الجمهورية يتمثل في محاولة تشكيل حكومة تضم أسماء كبيرة سواء كانت من الحزب الحاكم أو من أحزاب المعارضة، ويكون المعيار في اختيار هذه الشخصيات هو الكفاءة والخبرة، وليس المناطقية ومراكز النفوذ. إننا قادمون على مرحلة سوداء قاتمة لا يعلم إلا الله كيف يمكن لليمن الخروج منها سالماً، فالتعامل مع الوضع الدولي الذي وجدت اليمن نفسها فيه يحتاج إلى عقل راجح، وخبرة كبيرة، فنحن لا نريد الوقوع في خطأ (تحدي المجتمع الدولي) بطيش الشباب وحماسهم الزائد، ولا نريد أيضاً الوقوع في خطأ (الانقياد للمجتمع الدولي) والانجرار وراء قراراتهم بعمى ودون تفكير، نريد موقفاً وسطاً متعقلاً هادئاً رزيناً حكيماً، لا يمكن أن يتخذه إلا رجال مخضرمون سلكوا دروب السياسة وخبروا تعقيداتها ومشاكلها. وضعت لكم بذرة الفكرة القائمة على تشكيل حكومة متميزة من رجالات اليمن المخضرمين، وأنا على ثقة بأن الكثير من هذه الأسماء الكبيرة قد يعتذر بدعاوى (السن، والمرض، والتعب) إلا أنهم يجب أن يعلموا وأن يفهموا أن هذا ليس تشريفاً بل تكليفاً لا مناص لهم من قبوله. أتمنى من القراء الأعزاء والزملاء الكتاب، إثراء الموضوع باقتراح الأسماء بناء على القدرة والكفاءة والوطنية بعيداً عن أي أغراض سياسية دنيئة، والابتعاد عن التجريح الشخصي.