قدّم المجتمع الدولي في لندن التزامات قوية بدعم صنعاء في حربها ضد التطرف، مع مطالبتها ببذل مزيد من الجهود في مكافحة الفساد وتعزيز مستوى الحوكمة. وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند ان الاجتماع الذي استضافته بلاده وشاركت فيه 24 دولة شكل «خطوة مهمة الى الامام»، لكنه شدد على اهمية «معالجة جذور التطرف»، فيما دعت نظيرته الاميركية هيلاري كلينتون الى بذل مزيد من الجهود من قبل اليمن والمجتمع الدولي، على حد سواء، من اجل محاربة التطرف. تحديات خارجية وداخلية وفي مداخلة له خلال المؤتمر، قال نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد الصباح ان اليمن يواجه تحديات خارجية وداخلية تهدد امنه واستقراره. وتطرق الشيخ محمد إلى ابرز التحديات الخارجية، وهي انهيار المنظومة الامنية في القرن الافريقي، اضافة الى ظاهرة اللاجئين والقرصنة. واشار الى الخطر الخارجي الآخر، والمتمثل في اعادة تجمع تنظيم القاعدة في اليمن، واثر ذلك في استقرار المنطقة والاقليم. وذكر وزير الخارجية الاخطار الداخلية التي تمثلت في الدعوات الى الانفصال تحت عنوان «الحراك الجنوبي»، اضافة الى قضية الحوثيين. وقدّم الشيخ محمد خلال المداخلة عددا من الحلول لمساعدة اليمن على تجاوز هذه الاخطار، وهي اهمية قيام الحكومة اليمنية بتفعيل مسار الحوار السياسي لمواجهة التحديات الناتجة عن الزامها بتطبيق برنامجها للاصلاح السياسي والاقتصادي. واكد اهمية مساعدة اليمن في موضوع اللاجئين الصوماليين الذين يقدرون ب800 الف لاجئ، اضافة الى دعم الحكومة اليمنية من اجل تنمية قدراتها في مكافحة الارهاب وتعزيز منافذها البرية والجوية، خاصة البحرية لمحاربة القرصنة في القرن الافريقي. وشدد الشيخ محمد على اهمية دعم استقرار ووحدة وسيادة اليمن كأساس ليس فقط لامنه وسلامته، بل لسلامة المنطقة بأسرها. الدول المانحة ووافق شركاء اليمن «على دعم مبادرات الحكومة لتعزيز قدراتها في مجال مكافحة الارهاب وامن الحدود والطيران، ويشمل ذلك الحدود البحرية وتعزيز قدرات خفر السواحل في اليمن». كما اشار البيان الى اطلاق مجموعة «اصدقاء اليمن» في شكل رسمي، على ان تعقد المجموعة اول اجتماع لها في مارس المقبل وتبحث -خصوصا- في برنامج الاصلاح الذي تعهدت الحكومة اليمنية تطبيقه. واعلن الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية خلال الاجتماع ان المجلس سيستضيف في الرياض في فبراير المقبل اجتماعا للدول المانحة مخصصا لليمن. ووفق بيان اجتماع لندن فان اجتماع الرياض «سيتناول الرؤى حول العوائق امام تقديم مساعدات فعالة الى اليمن، على ان يقود ذلك الى حوار مشترك مع حكومة اليمن يتناول، خصوصا اولوية الاصلاح». وقال وزير الخارجية اليمني ابوبكر القربي في مؤتمر صحفي ان «ما خرج به الاجتماع يلبي المطالب اليمنية». مفتاح الحل ويرى محللون ان مفتاح الحل لمعضلة التنمية في اليمن، الذي يعد من افقر دول العالم، وهو في الدول الخليجية الغنية والمرتبطة عضويا بجارها الفقير. وقال المحلل السياسي المقيم في لندن عبدالوهاب بدرخان «لا بد من ان تفكر دول مجلس التعاون الخليجي بجدية وبقوة في تقديم اكبر قدر ممكن من المساعدة لليمن ومن دون ربط ذلك بالضرورة بضم اليمن الى مجلس التعاون»، وهو امر «غير وارد حاليا». وذكر بدرخان ان اليمن «اصبح بؤرة غير مستقرة يمكن ان تتحول الى صومال اخرى ومشاكله بكاملها تعني دول مجلس التعاون، ان كان «القاعدة» او مشكلة الشمال مع الحوثيين او الجنوب الذي يذكر بان النظام السياسي لليمن لم يستقر فعلا بعد». واعتبر ايضا انه «يمكن ان يكون هناك استغلال اقليمي لا سيما ايراني للوضع المتدهور، وهذا بالطبع مصدر قلق للخليجيين، كما ان اي فشل لصنعاء في محاربة «القاعدة» قد يطرح تدخلا دوليا يزيد من تورط الخليجيين في الدوامة اليمنية». ولتفادي ذلك -وفق بدرخان- «لا بد من مساعدة الدولة اليمنية بشكل استثنائي بالمال والمعدات والشروع في مشاريع تنموية كبيرة وبعيدة المدى وتجهيز القوات اليمنية للقيام بما يلزم».