أتي مؤتمر لندن وكذلك من ورائه مؤتمر الرياض بوعود كثيرة لليمن العاجز عن بلورة خطة تنموية ناجحة تصرف فيها الأموال الموهوبة ضمن جداول أعمال دقيقة . يستجدي اليمن مساعدات تدعى حكومته أنها ستوظف في قطاعات كثيرة إلا أن المجتمع الدولي ودول مجلس التعاون الخليجي فقدت الثقة في كل طروحات ووعود السيد على عبدالله صالح وحاشيته . فقد تدفقت من سابق أموال إلي اليمن كان عليها أن تصب في خزائن الدولة لتنمية المشاريع . إلا أنها تحولت إلي ما يشبه الغنيمة حيث يتم وضعها في حسابات خاصة وإنفاق القليل منها على أمور لم تفد الموطن اليمني في شيء . الفساد الإداري هو العنوان الرئيس لكل سلوكيات الحكومة اليمنية. أمر لم يعد سرا لدى دول الخليج المانحة التي طلبت من السيد على صالح تحديد برنامج تنموي واضح وجدول أعمال وخطط وميزانية على إثرها قد تثق هذه الدول المانحة في صدق ما تعد به الحكومة . لكن على ما يبدوا فالخطة التنموية قد تبلورت : ضرب الحوثيين والقضاء على ألإرهاب بكل أشكاله , ألإرهاب كما تراه اليمن وبعض هذه الدول . لم يعد مفهوم التنمية مفهوما اقتصاديا واجتماعيا مرتبطا بالقضاء على الأمية وتطوير مناهج التعليم وتطوير البني التحتية والمواصلات والاتصالات وتطوير قطاع الصحة بجانبيه التوعوي الوقائي والعلاجي وبات مفهوم التنمية مفهوما مرتبطا بأمن الرئيس والحاشية والبلاط . وذلك بأن اعتبروا الخروج في مظاهرة سلمية إرهابا والانخراط في عمل حزبي منظم إرهابا والعمل في المجال الحقوقي إرهابا والمطالبة بأدنى الحقوق إرهابا . وهاهو الموقف ألأمريكي يأتي ليعزز هذه المفاهيم حيث يقوم بحملة واسعة ضد ما يسميه تنظيم القاعدة في اليمن اليمن الذي تم وعده بدعمه ماليا ولوجستيا وعسكريا إن اقتضى الأمر ولقد سارع اليمن في توظيف الطاقات لا لضرب الإرهاب الحقيقي وإنما لضرب كل أشكال ألمعارضه الوطنية . قبضة حديدية تحاول التحكم في توجهات المواطنين السياسية واهم تجلياتها تبدو في ما تفعله الحكومة مؤخرا في جنوباليمن اعتقالات وقمع وقتل وحظر التجوال . ولعل من أهم مميزات هذه الحكومة أنها لم تسعى يوما إلي الحوار مع الإطراف المعارضة بل تتعامل معهم بازدراء واحتقار في بداية الأمر مما يوصد كل الأبواب أمام التفاوض والتناظر وتكون الحكومة بذلك قد حفرت الهوة بينها وبين فئات المجتمع أو بعض منه فيقوم هذا الأخير مطالبا بحقوقه فتقمعه السلطة . نفس السيناريو يتكرر في اليمن منذ عقود . ولو أن الحكومة تصرفت بحكمة لكانت استوعبت مذ البداية الأزمة الحوثية وهاهي ألان تصاعد مع الجنوب لتقود البلاد إلي أزمة لا يعرف انعكاساتها احد . وبهذا تكون مساعدة اليمن ماليا في هذه المرحلة نقمة على مواطنيه وليست نعمة حيث أن جزء منها سيذهب إلي خزائن الناهبين والجزء الأخر سيصرف في قمع الموطنين على فاضل سويسرا