بالتوازي مع التحركات الأمريكية والأوروبية والخليجية الرامية إلى وضع نهاية لأزمة الاحتجاجات العاصفة بالساحة اليمنية، شهدت العاصمة اليمنية حركة دبلوماسية نشطة مع دخول الأممالمتحدة على خط الأزمة غداة البيان الذي أصدره الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والذي أكد فيه استعداد الأممالمتحدة دعم الحوار الشامل والتوصل إلى تسوية مبكرة للوضع الراهن في البلاد، تلاه سلسلة لقاءات جمعت الرئيس صالح ونائبه الفريق عبد ربه منصور هادي ووزير الخارجية الدكتور أبوبكر القربي مع سفراء أوروبيين وبعض سفراء دول مجلس التعاون الخليجي والتي بحثت جميعها في تفاعلات الأزمة اليمنية وجهود احتوائها . وتزامن ذلك مع لقاءات أخرى جمعت ممثل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عامر والممثل المقيم للأمم المتحدة في صنعاء برتيبا مهاتا مع الرئيس صالح وكذلك مع نائبه الفريق عبد ربه منصور هادي، الذي شدد على أهمية تعاون الأممالمتحدة في الحفاظ على المكسب الديمقراطي وسلامة اليمن من الفوضى الهدامة التي قد تؤثر في الأمن الإقليمي والعالمي ، فضلاً عن تأكيده أن القيادة اليمنية منفتحة بصورة كبيرة على الحوار ومحذراً من أن "المطالب غير الواقعية والبعيدة عن المنطق قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه ومزالق خطرة على سلامة وأمن ووحدة اليمن" في إشارة إلى مطالب المعارضة من اللقاء المشترك بإسقاط النظام . جاء ذلك بعيد اتصال هاتفي أجراه الأمين العام للأمم المتحدة بالرئيس صالح وحضه فيه على وضع حد لأعمال العنف في اليمن، كما باعتبار أن ذلك لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة، ودعا صنعاء والمحتجين إلى أعلى درجات ضبط النفس والدخول في حوار بين الطرفين، كما أبدى ثقته في أن حكمة الرئيس صالح ستشكل حلاً سلمياً في مصلحة كل اليمنيين . وطبقاً لنائب الرئيس اليمني فقد بحث صالح والأمين العام للأمم المتحدة في الاتصال الهاتفي المبادرات الأخيرة لحل الأزمة المقدمة من الطرفين بما في ذلك مبادرة النقاط الثماني المقدمة من علماء الدين، التي ارتكزت على الانتقال إلى النظام البرلماني والحكم المحلي واسع الصلاحيات والعمل على الانتقال السلس والسلمي للسلطة وفقا للضوابط الدستورية، والحفاظ على النظام العام لتجنب الوقوع في الفراغ الدستوري والفوضى العارمة . وبالتوازي مع التعاطي الرسمي بدت أحزاب المعارضة اليمنية في تكتل اللقاء المشترك المعارض هذه المرة أكثر اطمئناناً حيال هذه التحركات، وخصوصا بعد تأكيد الأمين العام للأمم المتحدة إرسال فريق مصغر من المنظمة الدولية للتشاور مع سائر الأطراف بهدف معرفة أفضل الطرق التي يمكن للمنظمة الدولية أن تسلكها لمساعدة اليمن . زاد من ذلك تصريحات الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني الذي أكد حرص المجلس على بذل أي جهود تسهم في الحفاظ على أمن اليمن واستقراره وسلمه الأهلي ووحدته الإقليمية وتأكيده بأن وساطة مجلس التعاون في اليمن لن تكون بأي حال من الأحوال بديلة عما يراه الشعب اليمني بكافة مكوناته . لكن قادة في المعارضة اعتبروا استمرار نزيف الدم الناتج عن مواصلة النظام الاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين في المحافظات التي تشهد حركة احتجاجات متصاعدة دليلاً على نيات مبيتة بعرقلة جهود التسوية الخليجية، كما أشاعت انطباعاً بأن النظام اليمني الذي ما انفك يرحب بالجهود الخليجية والدولية لإنهاء الأزمة لم يعد يكترث لحل سياسي بعدما أدرك أن مسار الجهود الإقليمية والدولية ليست في صالحه وتسير باتجاه تلبية مطالب الشعب في التغيير السلمي والآمن للسلطة . ويشير هؤلاء إلى التصعيد الذي طال قوات الجيش المنشقة التي تعرضت لأول هجوم مسلح من قبل موالين للنظام واتهم فيه اللواء علي محسن الأحمر صنعاء بتدبير محاولة لاغتياله في أثناء اندفاع المئات من مؤيديه إلى موقع الفرقة الأولى المدرعة ضمن وجهاء حضروا للتوسط بينه والرئيس صالح . وأكثر من ذلك التعاطي السلبي للنظام مع التدهور الأمني الخطير الذي يلف خمس محافظات صارت منذ أسابيع خارج دائرة السيطرة الحكومية واتجاهه إلى حشد قوات الجيش الموالية لمحاصرة قوات الجيش المنشقة، التي أعلنت انحيازها لثورة الشباب والدفاع عنهم وقمع حركة الاحتجاجات السلمية التي تشهد كل يوم تزايدا كبيرا، لا سيما مع انخراط أكثر القبائل اليمنية في موجة الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام .