ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    شاهد:الحوثيون يرقصون على أنقاض دمت: جريمةٌ لا تُغتفر    ليست السعودية ولا الإمارات.. عيدروس الزبيدي يدعو هذه الدولة للتدخل وإنقاذ عدن    عدن تنتفض ضد انقطاع الكهرباء... وموتى الحر يزدادون    "امتحانات تحت سيف الحرمان": أهالي المخا يطالبون بتوفير الكهرباء لطلابهم    "جريمة إلكترونية تهزّ صنعاء:"الحوثيون يسرقون هوية صحفي يمني بمساعدة شركة اتصالات!"    "الحوثيون يزرعون الجوع في اليمن: اتهامات من الوية العمالقة "    صراع على الحياة: النائب احمد حاشد يواجه الحوثيين في معركة من أجل الحرية    البريمييرليغ: السيتي يستعيد الصدارة من ارسنال    زلزال كروي: مبابي يعتزم الانتقال للدوري السعودي!    الوكيل مفتاح يتفقد نقطة الفلج ويؤكد أن كل الطرق من جانب مارب مفتوحة    الارياني: استنساخ مليشيا الحوثي "الصرخة الخمينية" يؤكد تبعيتها الكاملة لإيران    الرئيس الزُبيدي يثمن الموقف البريطاني الأمريكي من القرصنة الحوثية    مانشستر يونايتد الإنجليزي يعلن رحيل لاعبه الفرنسي رافاييل فاران    ارتفاع طفيف لمعدل البطالة في بريطانيا خلال الربع الأول من العام الجاري    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزي في وفاة الشخصية الوطنية والقيادية محسن هائل السلامي    أمين عام الإصلاح يبحث مع سفير الصين جهود إحلال السلام ودعم الحكومة    كريستيانو رونالدو يسعى لتمديد عقده مع النصر السعودي    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    المنامة تحتضن قمة عربية    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    بريطانيا تؤكد دخول مئات السفن إلى موانئ الحوثيين دون تفتيش أممي خلال الأشهر الماضية مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الولايات المتحدة: هناك أدلة كثيرة على أن إيران توفر أسلحة متقدمة للمليشيات الحوثية    مجازر دموية لا تتوقف وحصيلة شهداء قطاع غزة تتجاوز ال35 ألفا    اليمن تسعى للاكتفاء الذاتي من الألبان    طعن مواطن حتى الموت على أيدي مدمن مخدرات جنوب غربي اليمن.. وأسرة الجاني تتخذ إجراء عاجل بشأنه    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بيان عاجل لإدارة أمن عدن بشأن الاحتجاجات الغاضبة والمدرعات تطارد المحتجين (فيديو)    برشلونة يرقص على أنغام سوسيداد ويستعيد وصافة الليغا!    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    لاعب منتخب الشباب السابق الدبعي يؤكد تكريم نجوم الرياضة وأجب وأستحقاق وليس هبه !    ليفربول يسقط في فخ التعادل امام استون فيلا    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    استعدادات حوثية للاستيلاء على 4 مليار دولار من ودائع المواطنين في البنوك بصنعاء    ما معنى الانفصال:    جريمة قتل تهز عدن: قوات الأمن تحاصر منزل المتهم    سيف العدالة يرتفع: قصاص القاتل يزلزل حضرموت    مقتل عنصر حوثي بمواجهات مع مواطنين في إب    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع ''صنعاء القديمة''    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    قارورة البيرة اولاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د محمد صالح قباطي: الشعب صنع الانتصار وهو قادر على حمايته
دعا الى إعادة النظر في قانون الحصانة واستبداله بقانون العزل السياسي والعدالة الجنائية
نشر في الاشتراكي نت يوم 05 - 06 - 2012

النص الكامل للحوار الذي أجرته صحيفة أخبار اليوم مع الدكتور/ محمد صالح القباطي رئيس الدائرة السياسية للحزب الاشتراكي اليمني والقيادي في اللقاء المشترك .
ونظرا لعدم نشر النص الكامل وسقوط بعض فقرات الحوار في الصحيفة لأسباب خاصة بها، وكان الإشتراكي نت قد نشر الحوار نقلا عن الصحيفة ناقصا كما جاء فيها.
يعيد "الاشتراكي نت" نشر النص الكامل للحوار ، كما هو في الأصل على النحو التالي :-
أتى ربيع الثورات العربية من رحم الشتاء القارص الذي كانت تتقلص فيه الكيانات الحزبية وتتجمد حول خيارات محدودة ، كيف تقرؤون المشهد السياسي العربي الذي سبق الربيع الشبابي ؟؟
أولاً أشكركم على الاستضافة وأتاحتكم فرصة التواصل مع شباب الثورة عبركم ونأمل أن تصل رسالتنا إلى الشباب المعنيين بالأمر.
فيما يتعلق بسؤالكم حول المشهد السياسي الذي كان قائم عشية ثورات الربيع العربي ، بالتأكيد كان مشهد قاتم بكل المقاييس حيث وصلت فيه الأوضاع بشكل عام في الوطن العربي إلى مرحلة يصعب معها بقاء الشعوب تحت السيطره في ظل الظروف التي كانت قائمة أن ذاك ، حيث كانت المقدمات الأساسية للثورة موجودة في الواقع ، ولاسيما إذا انطلقنا في التوصيف من الواقع اليمني وتجربة الثورة في اليمن، فقد تختلف هذه الأوضاع في مصر أو تونس من حيث المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي لشعوب تلك البلدان، والتي تغيرت فيها الأولويات ففي مصر وتونس كان المستوى المعيشي للناس أفضل بكثير إذا ما قارناه باليمن فالفقر في اليمن أشد إرتفاعا إذ تصل نسبة الواقعين تحت خط الفقر الى67% من السكان ووصلت نسبة البطالة إلى أعلى مؤشراتها قدرت ب 47% معظمهم من الشباب 58% منهم من خريجي الجامعات . لذلك فهذه المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في كل بلد على حده , تعكس الأولويات التي من أجلها خرجت الشعوب في ثوراتها ، ففي تونس سميت الثورة بثورة الكرامة والحرية , وهو المطلب الأول الذ ي دفع بقيام الثورة والذي فجر شرارتها احتراق البو عزيزي .
اما في اليمن تتغير الأولويات ، فليست الحرية والكرامة فقط هي الدوافع الوحيدة للثورة، فإلى جانبها كان الفقر والبطالة والوضع المعيشي للناس هي الدوافع الأساسية لخروج الناس للشارع بالكثافة التي انعكست على الساحة الوطنية , وغذت استمرارية وتواصل الزخم الثوري حتى الأن في عموم ميادين وساحات التغيير والحرية في مختلف محافظات الجمهورية . فربما أن الدوافع الرئيسية للثورة في اليمن تأتي في مقدمتها الفقر والبطالة ثم الحرية والكرامة .
ما تأثيرات الربيع العربي على الكيانات الحزبية العربية والأحزاب اليمنية على وجه الخصوص؟
في الحقيقة ثورات الربيع العربي أعطت رسالة قوية للأحزاب والكيانات الحزبية وكذالك للمثقف العربي التقليدي ،حيث دخلت عوامل ووسائل جديدة في أطار الثورات العربية الشبابية كوسائل التواصل والاتصال غير المعهودة في السابق , ودخل عنصر الشباب والشباب المستقل، فهذه العوامل الجديدة لم تكن حاضرة في سياق الفكر السياسي والاجتماعي الثوري حتى لدى المفكرين والمثقفين العرب وغير العرب الذين كانوا يقرؤون المشهد الاجتماعي والسياسي في البلدان العربية ، فكان المشهد صادم لهم ،وأعطى مؤشرات جديدة تقضي بضرورة إعادة النظر في تلك المسلمات التي كانوا ينظروا من خلالها للمجتمعات العربيه- التقليدية . بمعنى أخر كانت الثورات الشبابية السلمية صادمة للمفكرين المعنيين بشؤون البلدان العربية والنامية بشكل عام وحتى المستشرقين الذين كانوا ينظرون للتغير الاجتماعي في البلدان النامية والبلدان العربية وفقا للنظريات التقليدية السائدة ،وقفوا حائرين أمام الثورة الشبابية السلمية والتي جاءت على خلاف ما كانوا يتصورون ، حيث سقطت هنا ضرورة وجود حزب قائد للثورة ، أوضرورة أن تكون الثورة مسلحة ، فجاءت ثورة الشباب بطابعها السلمي وآلياتها ووسائلها الجديدة لتغير تلك المفاهيم , وتطرح تلك النظريات والمفاهيم التقليدية على المحك ، بدلالة أن الكثير من أولئك المفكرين أبدوا اندهاشهم بالمشهد السياسي القائم في بلدان الربيع العربي .
لذلك هناك الآن عملية مراجعة لتلك الأفكار والنظريات التقليدية ،بما في ذلك النظريات التي تدرس أوضاع ودورالأحزاب ذاتها في الثورات ، فثورات الربيع العربي أكدت على ضرورة تغيير تلك المفاهيم التي كانت ترى بان الأحزاب حصريا أدوات لقيادة عملية التحول الثورية ، كما أثبتت بأن الشباب وبقدر من التنظيم يستطيعون أن يقودون عملية ثورية , بدون قيادة الأحزاب إذا ما توافرت الظروف والشروط الموضوعية التي تهيئ الوضع للتغيير ،وسبق وأن أشرت بأن الظروف الموضوعية كانت مهيأة في الوطن العربي ، لكن العامل الذاتي لم يكن مهيئ بعد.
فللوضع الثوري كما هو معلوم عاملين أساسيين عندما ينضجان تكون الثورة متاحة وممكنة وهما العوامل الموضوعية والعوامل الذاتية .
العوامل الذاتية : تتعلق بمن يقود التغيير الاجتماعي ، أما العوامل الموضوعية : فتعني حضور جملة من المظاهر الدافعة بعملية التغيير كالفقر والبطالة مترافقة مع حالة من الاستبداد والممارسات الديكتاتورية والامعان في القمع للحقوق والحريات وإمتهان كرامة الإنسان مع عجز من في السلطة عن إنتاج المعالجات والحلول لهذه الاوضاع المعيشية المتفاقمة ، وإنسداد بوابة التغيير في وجه الشعوب , وكل هذه الشروط والأوضاع المنتجة للتمايز الاجتماعي بين قله ثرية تمتلك كل شيء وغالبية مسحوقة لا تملك سوى آلامها وعوزها , ولم تعد معها قادرة على البقاء والعيش في ظل هذه الاوضاع ، التي تشكل في مجموعها الظروف الموضوعية الممهد ة للتغيير.
أما العوامل الذاتية غير المهيأة والتي نعني بها هنا الأحزاب والقوى السياسية , التي أصبحت تلعب دورا كابحا لحركة الشباب المنطلقة نحو التغيير ، حيث لعبت هذا الدور في أكثر من بلد من البلدان العربيه ، وا ضطرت في بعض الحالات أن تلحق في ما بعد بركب حركة الشباب وكان لا بد للشباب من تجاوز هذا الكابح اعتمادا على الذات ، فكان الشاب البوعزيزي الذي أحرق نفسه في تونس , هو من كسر هذا القيد , وعبر عن المشهد بصورة غاضبة , متجاوزة للمألوف , أنتجت حالة من الغضب والتعاطف الشعبي الصاخب , الذي دفع بإ نفجار الثورة في تونس .
وباعتقادي أن الأحزاب التي لعبت دور الكابح في تلك الفترة بما في ذلك المثقفين التقليديين , كانوا يلعبون دور الملطف للصدام بين الأنظمة الاستبدادية الحاكمة وجماهير الشعب التواقة للتغيير , وساهمت في هذه العملية منظمات المجتمع المدني وغيرها من التكوينات الاجتماعية والسياسية , المنتمية للطبقة الوسطى في المجتمع , والتي تنهض في الغالب بهذا الدور الملطف للصدامات بين الطبقات - الأشد فقرا وتلك الأكثر ثراء في المجتمع ، كونها الطبقة القادرة على إنتاج المشاريع السياسية الدافعة بعملية الإصلاح ، فكانت الإصلاحات تعمل بدورها على ترحيل الازمات وتهدئة الصراعات وتلطيفها في نفس الوقت .
اما أحزاب المعارضة في اليمن , والتي لم تعلن أنها تسعى للثورة أو للتغيير ، فكانت تسعى لإصلاحات انتخابية وقانونية في البداية , بهدف إصلاح العملية الانتخابية وإتاحة التغيير عبر صناديق الانتخابات . وحتى وقت قريب من إنطلاق الثورة , كانت أحزاب المشترك المعارض تدير محاولات عدة لاستئناف الحوار مع السلطة بهدف الخروج من الوضع المتفاقم القائم آن ذاك , بإجراء إصلاحات محدودة على قانون الانتخابات , تشمل القائمة النسبية والآليات الانتخابية وتغيير اللجنة العليا للانتخابات , وكانت تلك الإصلاحات التي يريدها المشترك تستهدف الحد من تزوير الانتخابات وجعلها آلية نزيهة ومقبولة للتغيير عبر صندوق الاقتراع ، و لكن السلطة التي كانت ترفض هذه الإصلاحات بشكل قاطع , أعلنت في مؤتمرها الصحفي في نوفمبر 2010 م , عن إغلاق باب الحوار والسير منفردة نحو الانتخابات ، وهنا أغلقت أمام تلك الأحزاب السياسية بوابة التغيير عبر الانتخابات , وسدت بوابة الحوار, وهما البوابتان اللتان كان من الممكن أن تاتي عبرهما الإصلاحات المنشودة .
وعندما انسدت بوابات التغيير في وجه المشترك , لم يعد أمامه غير طريق إجباري واحد هو طريق الشارع فنزل المشترك ببرنامج المراحل الثلاث للنضال السلمي و التصعيد الاحتجاجي , عبر حشد أعضائه وأنصاره , رفضاً لانقلاب الحاكم على الدستور والاتفاقات المبرمة معه بشأن الإصلاحات , ورفضا لتلك الإجراءات التي تفرد بها الحاكم ، فكان المشروع الاحتجاجي للمشترك بمراحله الثلاث , يبدأ بالأرياف والمديريات بهدف أشراك الناس في صناعة التغيير , انطلاقا من ادراكه سلفا بأن أحزاب المشترك وحدها دون الناس لا تستطيع أن تقود عملية التغيير بشكل سلمي وديمقراطي الى النهاية كما تريد , والدفاع بالتالي عن نتائج التغيير ، وأن إشراك الناس في صناعة الحدث كفيل بأن تجعلهم يدافعون عن نتائجه وينتصرون له . وفعلا بدأت المرحلة الأولى في المديريات والأرياف وكانت أخر فعالية في 3 فبراير 2011م , والتي حدثت أمام جامعة صنعاء ، وحتى ذلك اليوم كان الشعار المرفوع للمشترك هو الإصلاح السياسي , فكان هذا اليوم يوما فاصلا في تحول النضال السياسي لأحزاب المعارضة اليمنية المؤتلفة في المشترك , لمواكبة ما يحدث من ثورات في بقية بلدان الربيع العربي ،و خصوصاً مع الحضور الجماهيري الكبير في ذلك المهرجان المتزامن مع عدة مهرجانات حاشدة أخرى في العديد من عواصم المحافظات . ففي نفس هذا المهرجان شرع الشباب في ساحة المهرجان بترديد الشعارات التي تدعو لتغيير النظام , بينما كانت شعارات المشترك الرسمية تدعو للإصلاح السياسي , ومع استمرار الهتافات الداعية للتغيير وإسقاط النظام , والتي كانت شبيهة بتلك التي تردد في تونس والقاهرة ، اضطرت قيادة المهرجان من قيادات المشترك الموجودة على المنصة , الى ترديد ذات الشعار "إذا الشعب يوماً أراد الحياة ....الخ لتشتعل الساحة حماسا , إيذانا بتد شين مرحلة نضالية جديدة للمشترك .
أعقب هذا التحول في توجه المشترك آن ذاك , الالتحاق بالشباب والذي تم فعليا بعد أسبوعين من ذلك اليوم , حيث أصدر المشترك وشركاؤه بيان رسمي أعلنوا فيه التحاقهم بشباب الثورة , الذين كان لهم شرف السبق في الدعوة للثورة وإسقاط النظام وشخص الرئيس , والذي كان مجرد مسه بسؤ أو الإساءة إليه من المحظورات ، و بعد حملة قمع شرسة لشباب الثورة السلميين , وتجاوز حالة الخوف , التحق بهم عشرات الالاف من المواطنيين متدفقين الى مختلف الساحات وفي مختلف المحافظات .
وبإعتقادي فان تجربة أحزاب المعارضة في اليمن , قد أكسبت الوضع الثوري في بلدان الربيع العربي نوع من الاستثناء ، فأحزاب المعارضة في اليمن شاركت في الثورة , وكانت موجودة بشبابها في قلب الثورة منذ البداية , وهي التي قادت العملية الثورية والسياسية خلال الفترة الماضية ، بينما إقتصر دور الأحزاب في بعض بلدان الربيع العربي على الحضور الضعيف أوالمحدود , أوالتحقت متأخرة في صفوف الثورة , ولم تكن قائدة لها .
فتجربة أحزاب اللقاء المشترك في اليمن , كانت تجربه فريدة في الوطن العربي , وكان لهذه التجربة خصوصيتها , حيث استطاعت أن تجمع الأطراف المختلفة في المعارضة في أطار تكتل سياسي واحد , ووسعت من قاعدة تحالفاتها السياسية الى صيغ أكثر شمولا لم تعهدها أي بلد عربي آخر.
لقد كان لاشتعال الثورة في تونس ومصر دور تثويري للاوضاع التي كانت تغلي في اليمن , ولاسيما بعد سقوط مبارك في مصر ، لتشتعل بعدها الثورة في اليمن , والتي كان قد تم التهيئة لها بتنفيذ المرحلة الأولى من البرنامج النضالي الاحتجاجي للمشترك ذو المراحل الثلاث , والتي كان من المقرر الانتهاء من تنفيذ فعالياتها التصاعدية في إبريل 2011 م , تزامنا مع الانتخابات البرلمانية , التي شرع الحزب الحاكم في المضي بها منفرداً ، الا أن ثورات الربيع العربي كانت لها قوة دفع سحرية في تثوير الناشطين الشباب الذين كان لهم السبق في رفع شعار الثورة والتسريع بموعد انطلاقتها .
ما الدور الذي أضافه الحراك السلمي وساهم بالتالي في إنجاح الثورة السلمية وأكسبها تجربه سابقة منذ أنطلقه في 2007؟
الحراك السلمي ظاهرة يمنية سبقت الثورة السلمية في الوطن العربي وسبقتها في النضال السلمي ، ويعتبر مدرسة نضالية لها الاسبقية في تبني نهج النضال السلمي أسلوبا حضاريا في الاحتجاج من أجل تحقيق المطالب والحقوق المشروعة المغتصبة ،والاحتجاج ضد السياسات التي كانت تنتهجها السلطة آن ذاك ، وهذه المدرسة عكست نفسها على صعيد الداخل والخارج ، فكا نت نموذجا يحتذى من ذوي المظالم والمطالب الحقوقية الذين كانوا يقتدون بالاحتجاجات السلمية في الجنوب , وحتى القبائل التي كانت تحتج بقطع الطريق أصبحت تحتج بنصب الخيام في المناطق المستهدفة أمام أو قرب المصالح الحكومية أوفي مناطق النزاع ، وشهدنا احتجاجات عديدة نفذتها قبائل كانت لديها مطالب لدى الدولة آن ذاك ،فكان هذا التأثير الإيجابي للأسلوب النضالي الذي أتبعه الحراك السلمي ،والذي بدأ تأثيره وفاعليته بشكل يلفت الإهتمام منذ مطلع عام2007 م , وبالتأكيد كان الحراك السلمي مدرسة نضالية سبقت ثورات الربيع العربي بأسلوبها النضالي السلمي الذي تميزت به وسبقت الثورة السلمية الشبابية اليمنية , فكان الحراك السلمي أحد العوامل الدافعة بالتغيير في اليمن ، وما حدث في الجنوب على مر السنتين 2007|2008 م كان احد أهم العوامل الممهدة والمنتجة للثورة.
هل الأحزاب السياسية أو تكتل اللقاء المشترك قادر على استيعاب المرحلة ومواكبات ثورة الشباب ؟ أم لا زال بنفس النهج الذي كان أيام الهبات الشعبية ؟
باعتقادي أن الأحزاب السياسية في اليمن , قد تأثرت تأثيرا مباشرا أ وغير مباشر بما حدث خلال عام من الثورة , ولأن شباب الأحزاب كمكون فاعل من المكونات الثورية في الساحات , ستلعب ولاشك دورا فاعلا , كقوة ضغط داخل الأحزاب ستنقل معها مبادئ وقيم التغيير والثورة من الساحات إلى داخل الأحزاب ومؤسساتها , وستؤثر عليها دون شك، فمن ايجابيات الفترة الطويلة لبقاء الشباب في الساحات , أنها خلقت ثقافة جديدة في النضال السلمي وثقافة مدنية, تحترم التنوع والتعدد والقبول بالأخر، وكل هذه القيم تنتمي لقيم المجتمع الحديث والدولة المدنية ، حيث إنصهرت في هذه الساحات الثقافة التقليدية السابقة , والتي كانت نتاج للفساد والاستبداد وثقافة القوة والعنف ، وشكلت الساحات النموذج لمجتمعات المستقبل و للدولة المدنية التي تستهدفها الثورة , ويحلم بها الشباب الذين تعايشوا رغم التنوع والتعدد السياسي والثقافي والفكري في أطار واحد في هذه الساحات , وكان من الصعب قبل ذلك الالتقاء بين شباب وأعضاء الأحزاب في ظل الأوضاع الانعزالية عن المجتمع والاختلاط بالناس ، لكن عندما ألتقت في الساحات من مختلف مكونات المجتمع بنسائها وشبابها وشيوخها ، كونت مزيج إجتماعي متنوع , ليس أمامه سوى التعايش معاً في هذه النماذج المجتمعية , التي نشأت في الساحات , وفرضت قيم جديدة تنتمي إلى المجتمع المدني , وقيم الديمقراطية والتسامح والقبول بالآخر، وهذه القيم الجديدة ستفرض نفسها على الأحزاب وعلى تكويناتها وبناها الداخلية وفي مواقع صناعة القرار في هذه الأحزاب ، والأحزاب التي لا تستطيع مواكبة ما حدث فمصيرها الانقراض لا محالة، أو سيفرض عليها التغيير كما فرض اليوم على الكثير من مؤسسات الدولة ، وإن كانت هذه العملية تسير ببط الا أنها لا تتراجع إلى الخلف، ولا يمكن اليوم القبول بفكرة توريث الحكم مثلا ، أوبالحكم الفردي أو العائلي أوالدكتاتوري-الاستبدادي مجددا ، وبالتأكيد أن هذه القيم المتكونة في وعي الشباب وجموع الثوار عموما، ستفرض نفسها داخل الأحزاب والتي ستضطر إلى التعاطى إيجاباً مع هذا المتغير ألقيمي والأخلاقي الذي أنتجته الثورة .
أرى هنا أن الأحزاب ككيانات سياسية في ظروف اليمن هي أحزاب تنتمي للحداثة وليست ظاهرة تقليدية ، ولذلك فإن تعزيز دور الأحزاب وتكاملها مع الثورة أمر مطلوب , يكمل بعضه بمعنى هناك تأثر وتأثير متبادل بين سقف الأحزاب وسقف الثورة ، صحيح الثوار والشباب سقفهم أعلى ويمكنهم أن يتحدثوا بصوت عالي بينما الأحزاب سقفها مرتبط بالمسئولية التي تستشعرها ، وقد يكون صحيحا أيضا أن الشباب عندما يرفعون شعاراتهم أو يقدمون على خطواتهم الثورية ، لا يتأملون كثيرا بالتبعات و المسؤوليات المترتبة على هكذا قرار على عكس الأحزاب التي لاتتعجل في إ تخاذ القرار ،فتدرس تبعاته والمسؤوليات المترتبة على مثل هذا القرار . أما الفارق الذي يبدو بين المسار الثوري الذي يتبناه الشباب والمسار السياسي الذي ذهبت إليه أحزاب اللقاء المشترك وفقا للمبادرة الخليجية -رغم كل مثالبها - باعتقادي لايكرس التعارض بين المسارين بقدر ما يجسد التكامل الضروري بينهما ، فما تم إنجازه من خطوات عملية حتى الآن يمثل إنجازا سياسيا حقيقيا بكل المقاييس في اتجاه تحقيق أهداف الثورة وان بصورة تدريجية – بطيئة لكنه في الطريق الصحيح الذي يفضي في الأخير إلى تحقيق الأهداف الأساسيه للثورة في أحداث التغيير والنقل السلمي للسلطة ، فلم يعد من المقبول أن تستمر الأوضاع كما هي , ومن المؤكد أن عجلة التغيير قد دارت في البلد ولا مجال للتراجع بعد الآن ، وهنا أتصور أن الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية في مضمونها تودي إلى إنجاز عملية التغيير المستهدفة .
دكتور ينظر للحزب الاشتراكي بأنه الشريك الأساسي للحزب الحاكم المؤتمر في الشمال آن ذاك في إفشال طموحات اليمنيين وقتل أحلامهم عندما ذهب إلى الوحدة على أساس المقاسمة الحزبية دون وضع أسس لدولة مدنية ؟ هل توافقني في هذا الرأي ؟
عندما ننظر للوحدة والآليات التي تحققت من خلالها آن ذاك ينبغي أن ننظر لها في الإطار التاريخي الذي حدثت فيه ، حيث كانت في مقدمة ا لمطالب الشعبية الجماهيرية التي لا تقبل التأجيل ، وكان هناك حماس وعاطفة لاتقاوم تكتنف موضوع الوحدة ، فكلما جاء ذكر الوحدة جأت عاطفة اليمنيين جياشة دافعة بها إلى صدارة جدول الأعمال ، فالصيغة الاندماجية للوحدة اليمنية جاءت في هذه الأجواء المثقله بقدر كبير من العاطفة ؟ وبالعكس تعامل الألمان عندما قرروا توحيد بلادهم فلم يتوحدوا على الطريقة اليمنية ، بذلك الشكل الاندماجي العاجل - وانتهى الأمر - حيث كانت هناك رؤية متكاملة لكيفة تحقيق الوحدة , معززة بتصور إستراتيجي لمعالجة القضايا التي يمكن أن تنتج عن الوحدة , فنفذوا استراتيجيات خاصة للتعاطي مع الوحدة ، اذ لا يكفي أن تتحقق الوحدة ، بل الأهم هوكيفية الحفاظ عليها . اما اليمنيون فكان همهم الوصول الى الوحدة ، والتي كانت تحمل من حيث المضمون مشروعها الوطني الديمقراطي الذي جاءت من أجله , والذي يمثل مشروعا وطنيا ديمقراطيا وتاريخيا كبيرا بكل المقاييس .
ان الحزب الاشتراكي اليمني لا يتنكر لشراكته للمؤتمر في الوحدة بالعكس انه يفخر بشراكته في تحقيق منجز الوحدة ، وأذكر هنا بأن الشرط الوحيد الذي تقدم به الحزب الاشتراكي هو اقتران الوحدة بالديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية ، فكانت الديمقراطية هي الوجه الأخر للوحدة ولم يكن ذلك عبثا ، بل أدراكا من الحزب للتنوع القائم في البلاد والذي ينبغي أن يجد تعبيرا له في أطار دولة الوحدة . حيث شهدت السنوات الأولى للوحدة كم هائل من الاحزاب والتنظيمات السياسية الى جانب المؤسسات والنقابات والاتحادات ومنظمات المجتمع المدني عبرت عن نفسها علنا ، منتجة حراكا سياسيا غير معهود بدا من خلاله وكأن اليمن يبعث من جديد ، على إثر حالة الكبت التي كانت سائدة سوا في الشمال أوفي الجنوب ، حيث كانت الحزبية محرمة في الشمال وفي الجنوب كانت دولة الحزب الواحد ، الأمر الذي راكم حالة الكبت الذي عبر عن نفسه في السنوات الأولى للوحدة ، عندما تم أقرار مشروع التعددية السياسية والحزبية وحرية التعبير عن الرأي في تلك الفترة عبر ذلك الكم من الأشكال المتعددة للتكوينات الحزبية والتنظيمية السياسية والنقابية التي أعلنت عن نفسها في تلك الفترة .
ومن وجهة نظر اليوم عندما نراجع آلية تحقيق الوحدة وما لحق بها من تشوهات نشعر أن الأخطاء التي ارتكبت بحق الوحدة كانت جسيمة ، ومما لاشك فيه أن جزء من تلك الأخطاء قد شارك فيها الحزب الاشتراكي بقصد أو بدون قصد ، فعندما تم أقرار الوحدة لم يتم مراعاة الوضع في الجنوب وما هي الحلول والمعالجات التي ينبغي أن تكون ، صحيح إن أتفاقية الوحدة التي تم التوقيع عليها في ال30 من نوفمبر1989م , قد تم التأكيد فيها على أن يتم الأخذ بما هوا أفضل في تجربة النظامين الشطريين ، ولكن هذه الفقرة لم تتحول إلى برنامج عملي ، وحتى عندما حاول رئيس الوزراء آنذاك أبوبكر العطاس ان ينفذ برنامج الإصلاحات السياسيه والاقتصادية والاجتماعية كان الوقت قد تأخر ولم يتح تنفيذ مثل ذلك البرنامج والذي كان يراد منه تصحيح الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المختلة التي كانت قائمة في البلاد ، ولذلك تحولت الوحدة إلى مأساة بالنسبة للجنوب ولا سيما عندما تم تحديد تمثيل الجنوب في مؤسسات الوحدة وحصتها من مقومات التنمية وفقا للمعيار السكاني فقط - وليس كطرف شريك في الوحدة - ، فكان تمثيل المحافظات الجنوبية كلها وفقا للمعيار السكاني , بمقابل محافظة واحدة من المحافظات الشمالية ذات الكثافة السكانية ، وبالتالي شعر الجنوبيون بحالة من الدونية والتمثيل غير المتوازن وبقدر من الامتهان ،وكان له أكبر الأثر ضمن عوامل أخرى انعكست سلبا على أوضاع الناس في الجنوب .
و في حقيقة الامر لم يكن الطرف الأخر في السلطة يستهدف بناء المشروع الوطني الديمقراطي الكبير لدولة الوحدة ، دولة الشراكة الوطنية ، بقدر ما كان يستهدف الاستيلاء على الجنوب والاستفراد بالسلطة والثروه – كما إتضح لاحقا - وبالتالي التوسع في إستملاك الجنوب كمنطقة بكر واعدة حيث الثروات النفطية والغازية والأراضي والممتلكات العامة التي كانت عبارة عن أملاك عامة ملكا للدولة في الجنوب ، وتحولت بعد حرب صيف 94 م إلى مجرد غنائم حرب ، ولذلك لم تكون هناك ارادة صادقة لدى رأس السلطة في الشمال (علي عبد الله صالح ) لاقامة شراكة حقيقية في السلطة والثروة ، الامر الذ ي عبرعنه البعض بوضح في الحديث عن الفرع والأصل ، وهذا التعبيرعلى ما يحمله من معاني الاستملاك والدونيه ، يعكس حقيقة ما تم التعامل به مع الجنوب , وبمعنى آخر ألحاق الجنوب بالشمال , فمبدأ الشراكة والندية والتكافؤ لم يكن ضمن حسابات النظام في الشمال والذي كان يسعى الى ضم الجنوب وبمعنى أدق إلحاقه بالشمال .
وهذا ما تكشف لاحقاً عندما تم الشروع بتصفية الشراكة الوطنية عبر استهداف الحزب الاشتراكي الذي كان يمثل الجنوب في السلطة , بدءا بإستهداف كوادر الحزب بالتصفيات والاغتيالات ، فخلال الفترة الانتقالية فقط تم تصفية حوالي 157 شخص من قيادات الحزب الاشتراكي في صنعاء وبعض المدن الرئيسية ، حيث جأت هذه التصفيات وما تلاها لاحقا من حرب شاملة على الجنوب في صيف عام 94م في سياق عملية ممنهجه تستهدف تصفية مشروع الشراكة الوطنية كخطوة أولى ضرورية على طريق النكوص عن الديمقراطية , والعودة الى تكريس أ سس الحكم الفردي الاستبدادي والذي تجلى بشكل وأضح في الخطوات اللاحقة ، فبمجرد التخلص من الشريك الرئيسي في الوحدة ، جاء الدور على الشريك الجديد في حرب 94م ، وفي سلطة مابعد الحرب التجمع اليمني للاصلاح ، والذي أقصي عبر الغالبية المريحة للحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية عام 97م ، وترافق ذلك مع التعديلات الدستورية التي منحت رئيس الجمهورية صلاحيات مطلقة دون أن يحاسب أمام أي من مؤسسات الدولة المعنية ، وهكذا تم التفرد بالسلطة والثروة ومواقع صناعة القرار ، فكانت الغالبية الكاسحة المستهدفة في الانتخابات البرلمانية عام 2003م وما سبقها من تعديلات دستورية جديدة تستهدف التمديد لفترة الرئاسة لدورتين انتخابيتين جديدتين مدة كل منها سبع سنوات ، تجسيدا حقيقيا للنزوع الاستبدادي المتنامي لدى رأس النظام , تمهيدا لاستكمال عملية الانقلاب على ماتبقى من المشروع الديمقراطي ، وإستبداله بالمشروع العائلي القائم على استملاك السلطة والثروة والعمل على توريثها ، الامر الذي عبرت عنه بوضوح المحاولات الأخيرة خلال عامي 2009م ومطلع 2011م للسير منفردا في الانتخابات البرلمانية وفي التعديلات الدستورية الجديدة والاعلان عن( قلع عداد الرئاسة عوضا عن تصفيره )، ايذانا باستملاك السلطة مدى الحياة ، ومن ثم توريثها للأبناء في سياق المشروع العائلي الاستبدادي الفاسد الذي كرسه (صالح)منذ قيام الوحدة وحتى اليوم .
ان المستجدات الثورية الراهنة ، التي أطاحت برأس النظام العائلي السابق ، تعود ببداياتها الأولى إلى حرب صيف 94م ، فحينما توهم (صالح ) إنه حقق نصرا في هذه الحرب الظالمة ، كان في حقيقة الأمر يخطو الخطوة الأولى نحو الانهزام الذي تراكمت شروطه منذ ذلك الحين حتى السقوط المدوي الذي نشهده اليوم .
في ظل ظهور الحراك الجنوبي هل ما زال الحزب الاشتراكي محتفظاً بقواعده؟ وما مدى تأثير الحراك الجنوبي على شعبية الحزب الاشتراكي وحضوره في الجنوب ؟
تطورت العلاقة بين الاشتراكي والحراك في الجنوب منذ نشأته إلى الآن واختلفت طبيعة هذه العلاقة بسبب المستجدات التي حدثت على الحراك , وطبعاً موقف الحزب وأضح ومعلن منذ البداية بأنه مع الحراك السلمي الاحتجاجي الذي كان يستهدف في البداية تحقيق مطالب حقوقية مشروعة , بدأ بجمعية المتقاعدين فانخرط الحزب الاشتراكي في أطار هذا الحراك ووجه أعضائه وكوادره بأن يكونوا جزء من هذا الحراك دون أن يتصدروا لقيادته , وأصبح هذا التوجه أيضاً هو توجه المشترك , فنحن نشارك في فعاليات الحراك طالما أنه حراك احتجاجي مطلبي سلمي , فنحن مع هذا الحراك لكننا لا نقوده .
وبالطبع اندمج الاشتراكي بقياداته في أطار هذا الحراك وكاد ان يكون معظم كوادر الحزب الاشتراكي في للجنوب قد انخرطوا في الفعاليات الاحتجاجية السلمية منذ البداية في أطار مثل هذا الحراك باعتباره مقاومة للظلم واستعادة لحقوق الناس .ومع تطور مسيرة الحراك في عامي 2007و2008 م بدأت تظهر بعض الشعارات التي تتعارض مع رؤية الحزب , الا أن الحزب ظل يناصر القضية الرئيسية التي ترفع في الجنوب بأبعادها الحقوقية والقانونية والسياسية , إدراكا للظلم الذي وقع على الجنوب وماأنتجته السلطة بممارساتها الاقصائية الفاسدة ,والتي كانت تغذي مشاعر الانفصال لدى الناس وتزيد من اشتعال الأوضاع في الجنوب , فمنذ ما بعد الحرب مباشرة بداء الحزب في الدعوة للمصالحة الوطنية وأزالت أثار الحرب – حيث أن أي حرب أهلية تحدث في العالم وفي أي بلد مهما كانت صغيرة - كان يتم معالجة أثارها حتى لا تستمروتتعقد ، أما الحرب في اليمن فبالرغم من أنها تمت بين شطرين حديثي الاندماج في أطار دولة الوحدة الا أنه تم رفض أصلاح ما خربته الحرب وبالتأكيد فمع أي حرب هناك منتصر ومهزوم وهناك مصالح يتم ضربها وضحايا وكوارث تنتج عن الحرب ولا بد من إزالة أثارها إذا ماأرادت الدولة المعنية تحقيق العدالة وتوفير متطلبات الأمن والاستقرار في البلاد .
ومع ذلك كانت تواجه دعوات الاشتراكي بالرفض وعدم القبول وظل الحزب يواجه بتهم التخوين والانفصال الا أنه أستمر بالدعوة إلى تبني قضية الجنوب وإصلاح أوضاعه بما يخدم أصلاح الوحدة وضمان بقأها وديمومتها ، وبعد ظهور الحراك السلمي في الجنوب وأصبح يعبر عن القضية الجنوبية و الحامل الاجتماعي لها ، فكان من حق التكوينات الاجتماعية المنخرطة في الحراك والمطالبة بحقوق المنتمين لها ان يتم بحث هذه المطالب معهم مباشرة طالما هي مطالب حقوقية - قانونية مشروعة وبالتالي يتم التفاوض بشأنها معهم ، لكن فيما يتعلق بالشأن السياسي والبعد السياسي للقضية الجنوبيه ، فنحن شركاء فيها مع الحراك وغيره من الأطراف السياسية الموجودة في الجنوب ، وأستمر حزبنا في تبني هذه القضية والمطالبة بمعالجتها في الحوارات التي كانت تدور مع السلطة ،الا أن السلطة لم تكن ترغب في ايجاد حل سياسي لهذه المشكلة أوايجاد معالجات جادة لمظاهرها المتفاقمة، ولذلك ظلت القضية الجنوبية كقضية وطنية ساخنة ومتفاقمة حتى الآن ، وقد تمت الاشارة اليها في أطار المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذيه ضمن القضايا الملحة المطروحة على جدول أعمال الحوارات السياسية في اليمن وفي أطار اجندة مؤتمر الحوار الوطني الشامل وهي من القضايا الرئيسية الساخنة التي ينبغي أن يعالجها الحوار الوطني القادم .
وفي هذا السياق تاتي الجهود الوطنية والدولية الجاده التي تبذل مع الحراك في الداخل أو المعارضة في الخارج لتقريب ومقاربة ا لأراء المتعددة داخل صفوف الحراك وسيناريوهات حل المشكلة في الجنوب ,ودخل المجتمع الدولي على الخط في هذه القضية والتي لم تعد قضية وطنية فحسب , بل وقضية إقليمية ودولية أيضا , تتعدد معها الرؤى لآليات الحل وتختلف فيما بينها , الا أن المتفق عليه هو أن تطرح هذه القضية على طاولة الحوار لمناقشة كل السيناريوهات المطروحة بصددها والاتفاق على الحل العادل والأمثل للقضية الجنوبية والذي يكمن من وجهة نظرنا في سياق دولة مدنية ديمقراطية اتحادية حديثة ذات نظام برلماني تمثل حلا لكل القضايا الساخنة في البلا د التي انتجها نظام الفساد والاستبداد على مدى اكثر من33عام .
يرى شباب الاشتراكي أنكم تتجهون إلى الانقراض حيث أن الحزب ومنذ الوحدة وما بعدها وصولاً إلى عهد الثورات العربية لا زالت مشاهد التفكك والانسلاخ مصاحبة للحزب الاشتراكي ، فهل هذا عائد على السياسة التي تنتهجوها في قيادة الحزب ؟ أم تعود على العوامل الخارجية والظروف المحيطة ؟
ربما تأتي هذه القراءة الذاتية الانطباعية لوضع الحزب في أطار السياقات اللا موضوعية المناهضة للحزب أوالمشوهة لدوره ، وأنا لا أتفق مع هذه القراءة بشكل كامل .
فالحزب كأي حزب هو عبارة عن فكرة تأ تي تعبيرا عن حاجة انسانية محددة ، فإذا انقضت هذه الحاجة و لم يعد لها ضرورة في الواقع تضمحل الفكرة المعبرة عنها في وعي الناس وتنتهي وتتلاشى وينتهي معها الحزب ذاته . فالحزب الاشتراكي اليوم أكثر من أي وقت مضى يمثل الفكرة الأكثر حضورا في وعي الناس والتي لاتزال الحاجة الاشد الحاحا في حاضر ومستقبل الشعب على المدى المنظور تقريبا .
فالحزب الاشتراكي اليوم لم يعد موجودا كتنظيم حديدي كما كان عليه الامر في المرحلة السابقة للوحدة بكل تأكيد , فقد أختلف وضعه اليوم ولم يعد ذلك التنظيم القائم على المركزية الديمقراطية التي كانت سائدة في حياة الحزب الداخلية سابقاً . فهو اليوم ينشط في فضاءات واسعة , متمثلا في الفكرة الأكثر انفتاحا والأوسع أفقا على المستوى السياسي والاجتماعي , هذه الفكرة المعبرة عن مطلب الثورة وحاجة الثوار للدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التي ظلت ولا تزال هدف نضالي يستقطب اهتمامات المناضلين والثوار اليمنيين , انها الفكرة المشروع الذي حمله الحزب الاشتراكي اليمني منذ النشأة فكانت الديمقراطية والشراكة الوطنية والتعددية الحزبية والسياسية ، والحرية والكرامة والحقوق والحريات العامة والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية جملة القضايا المرفوعة اليوم في الساحات من مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية في ميادين وساحات الفعل الثوري . ولذلك الحزب كفكرة لا زال حاجة ملحة لدى الناس ، وعندما تغيب هذه الحاجة ولا يعود لها ضرورة لدى الناس سينتهي الحزب وهذا مصير أي حزب في الدنيا .
ولذلك عندما ننظر للحزب الاشتراكي اليمني من هذه الزاوية نستطيع أن نقول أن الحزب – كيانا وفكرة - حاضرا وحاضرا بكثافة في الواقع وفي وعي الناس وعلى جدول أعمال المرحلة الراهنة وفي المستقبل المنظور على الاقل , فقدر الاشتراكيون في كونهم دعاة تغيير , ولا يمكن لهم إلا أن يكونوا في طليعة قوى التغيير , بل وفي قلب عملية التغيير التي تجري اليوم في بلادنا .
ما مدى استعدادكم في قيادة الحزب الاشتراكي لتسليم القيادة للدماء الشبابية الصاعدة ؟
الحزب الاشتراكي قد يكون هو الحزب الذي تتوافر لدى قياداته قدر أكبر من العزوف الذاتي عن التمسك بالمناصب والمواقع القيادية أوالسعي لها ، فحتى عشية الثورة كان مجرد بقاء العنصر القيادي في الحزب وفي إطاره القيادي تضحية بالنسبة له ، وليست مزية ، فأن تكون قيادي في الاشتراكي يعني أن تكون فدائيا ، فالحزب الاشتراكي اليمني منذ حرب 94م ظل محاربا ومقصيا من قبل السلطة ، وتعرضت جل كوادره و قياداته الى الاقصاء من الوظيفة العامة بسبب إنتمائه الحزبي ، وعانى من ظل منهم في وظيفته مختلف أنواع التضييق والاجراأت التعسفية والعقابية ، فالبقاء مجرد البقاء في الحزب كان مغرما بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، وبالتالي كانت المواقع القيادية في الحزب هي مواقع للمناضلين ، و لم تكن مغرية أو جاذبة الا لهذا النوع من الفدائيين ، والأمين العام للحزب الدكتور/ياسين سعيد نعمان كان سباقا في تقديم مشروع التدوير في المواقع القيادية للحزب بدء بموقع الأمين العام . كما أن النظام الداخلي للحزب المقر في المؤتمر العام الخامس لايسمح بشغل المواقع القيادية في الحزب لذات الشخص لاكثر من دورتين إنتخابيتين ، فالتغيير والتجديد في قيادة الحزب بمستوياتها المختلفة بات أمرا ملحا لاخلاف عليه ، ولاسيما في الظروف الراهنة التي أنتجتها ثورة التغيير الشبابية الشعبية السلمية ، والتي تخرج من مدارسها النضالية الكثير من القيادات الشابة والتي ستشق طريقها الى المواقع القيادية في الحزب خلال الدورات الانتخابية القادمة ، وقد كان لمنظمة الحزب في محافظة تعز السبق في التجسيد العملي لمبداء التغيير , والعديد من المنظمات التي لم تعقد بعد دوراتها الانتخابية هي الاخرى على موعد مع التغيير ، فالاشتراكيون لايمكنهم الا أن يكونوا دعاة للتغيير بل وفي صدارة قوى التغيير .
ونحن في قيادة الحزب على إستعداد تام لتسليم مواقعنا القيادية للدماء الثورية الشابة التي أعتركتها الحياة في ساحات وميادين الفعل الثوري ، منتجة قيادات شابة من طراز نوعي فريد ، وكأن الثورة أعدتها لقيادة عملية التغيير في الاحزاب والمؤسسات المنتمية لها ، ونتشرف نحن في الاشتراكي ، بالكوكبة النوعية المتميزة من هذه القيادات الشابه المنتمية للحزب وكأن الثورة أبت الا أن تهدي الحزب هذه الثروة البشرية الثمينة والتي ستكون - ولاشك في ذلك - قيمة مضافة في حياة الحزب وقيادته المستقبلية .
وفي هذا السياق أعتقد جازما بأن الاستجابة لهذه المتغيرات المستجدة على الساحة السياسية ، أصبحت ضرورة لأي حزب للتكيف مع الظروف الجديدة ، فالتغيير كمبداء سيتحول إلى ضرورة في المؤسسات الحزبية ، فالشباب الذين تخرجوا من ساحات الثورة كقيادات نوعية جلهم ينتمون للأحزاب السياسية ، ولا يمكن للأحزاب المضي قدما بعد اليوم بقياداتها التقليدية العتيقة والعاجزة عن التكيف مع متطلبات الواقع الجديد المتغير.
باعتقادي أن الحزب الاشتراكي اليمني لن يكون الا مرحبا بهكذا قيادات شابه لتحتل مواقعها الطبيعية في قيادة الحزب خلال الدورات الانتخابية القادمة.
أثارت القرارات الرئاسية الأخيرة بخصوص تعيين مستشارين وتشكيل لجنة تواصل جدلاً واسعا حيث أبدت أطراف سياسية عديدة تخوفها من تكرار التقاسم السياسي الذي أنتجته انتخابات 93وما أعقبها من حرب صيف94؟ فهل التاريخ يعيد نفسه ؟
باعتقادي أن قرأت هاذين الإجراءين أو القرارين منفرد ين عن بقية العوامل المحيطة بهما – كما ذهبت بعض الوسائل الإعلامية للاصطياد في المياه العكرة - تبدو قراءة قاصرة ، فالموقف لو أقتصر على هذين القرارين بالتأكيد سيكون موقف غير موفق ، يعطى للموضوع أكبر من حجمه . فالامر في رأينا يرتبط بحاجة المشترك الى تقييم تجربته ، فخلال الفترة الماضية كنا معارضة ، والظرف إختلف اليوم بعد إن أصبحنا جزء من الحكومة ، ولابد من اعادة النظر في آليات عمل المشترك لمواكبة المستجدات الراهنة .
والقضية الأهم في رأينا ليست لجنة التواصل الرئاسية بل هي اللجنة التحضيرية للحوار الوطني ، التي ينبغي أن يشرك فيها الجميع ، وان تكون كل الأطراف المعنية بالحوار ممثلة في إطارها ، أما مسالة تشكيل لجنة التواصل ولجنة المستشارين فلنا مآخذ على الطريقة التي تمت بها ، حيث لم تكن هناك معرفة مسبقة بهذه التشكيلة ، فالمعروف أن الآلية التنفيذية قد نصت على تشكيل لجنة تفسير مرجعية للآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية ، أما الآلية التي شكلت بها لجنة التواصل والمستشارين ، فلا ند ري ما هي التقديرات والاعتبارات التي على أساسها أتخذ الرئيس /عبد ربه منصور هادي هاذين القرارين ، ومع ذلك فانا اعتقد أن المشكلة ليست في الأشخاص بل في الآلية التي يعملون عليها ، والقضية الأهم تتمثل في كيفية تحقيق الأهداف التي نصت عليها التسوية السياسية وفي المقدمة منها استكمال نقل السلطة ، وأولى الخطوات في هذا الاتجاه والتي أضحت مطلبا وطنيا وإقليميا ودوليا هي توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية على أسا س الولاء الوطني وتحت قيادة وطنية واحدة , والتغلب على المعوقات المفتعلة في طريق التسوية السياسية , والمعرقلة لتنفيذ قرارات الرئيس عبدربه منصور هادي , وفي مقدمة كل ذلك إلزام رأس النظام السابق ورموز حكمه العائلي بالتوقف عن ممارسة النشاط السياسي وفقا لمقتضيات قانون الحصانة , أوإعادة النظر بالقانون وإستبداله بقانون العزل السياسي , والعدالة الجنائية , وهو أمر لايقبل التأجيل , وعلى حكومة الوفاق الوطني النهوض به , ووضع رعاة التسوية السياسية أمام مسئولياتهم الأدبية والاخلاقية في هذا الصدد , للإنطلاق قدما نحو إنجاز المهام الوطنية اللاحقة المنصوص عليها في الألية التنفيذية للمبادرة الخليجية , وفي الصدارة منها إنجاز مهام الحوار الوطني الشامل بعيدا عن المخططات التآمرية الانتقامية التدميرية التي ما إنفك رأس النظام السابق ورموز العائلة تحيكها بوهم إعاقة عملية التغيير والنقل السلمي للسلطة , وإستكمال تحقيق اهداف الثورة .
طرح الحزب الاشتراكي 12 نقطة كمنطلق للحوار وتهيئة المناخ المناسب للحوار وحل القضية الجنوبية ،ما مدى تقبل الجهات الرسمية في الحكومة ورئاسة الجمهورية لهذه النقاط؟
معظم النقاط التي طرحت متوافق عليها سلفا ، وموجودة في برنامج المشترك للإصلاح السياسي والوطني الشامل والذي أعلن نهاية 2005 ، ومنصوص عليها في وثيقة الإنقاذ الوطني للمشترك وشركاءه ضمن المهام التي أسميناها بالمهام العاجلة ، وهي تتحدث عن المطالب الحقوقية القانونية المشروعة ، و من حق الناس في أي ظرف عادي الحصول عليها كاملة غير منقوصة ، وسبق للسلطة السابقة - تحت ضغط الشارع آنذاك – إن باشرت بالتعاطي مع بعض هذه المطالب وإن بطريقة غير مكتملة ومشوهه ، والآن وفي ظل هذا الوضع الجديد ، المطلوب ارسال رسالة تطمينية للناس بشأن حقوقهم المشروعة كتعبير عن حسن النوايا للسلطة الجديدة في تهيئة مناخات الحوار الوطني الشامل ، على طريق معالجة القضية الجنوبية ، و كمدخل طبيعي لخلق نوع من الطمأنينة والثقة لدى المعنيين في الجنوب بجدية الحوار الوطني و معالجة القضايا السياسية الاكثر سخونة والمشاركة في صياغة حاضر ومستقبل اليمن .وفي هذا الصدد ذهب البعض للاسف الشديد وبطريقة فجة تفتقر الى روح التضامن الانساني مع الضحايا المنتهكة حقوقهم والمعنيين بتلك النقاط المعلنه إلى اعطاء تفسيرات ذاتية تفتقد إلى الموضوعية معتبرة تلك النقاط شروط مسبقة للحوار الوطني ، وهو أمر لم يقل به أحد لا في نص البيان ولا في أي مناسبة أخرى ، وعلى العكس من ذلك فالجميع يؤكد على أهمية الحوار كأولوية ينبغي العمل على تهيئة المناخات الملائمة لنجاحها .
المستجد في الأمر هو طلب الاعتذار للجنوب ، وباعتقادي أن هذا الأمر جدير بأن يطلب الآن قبل الغد ، فالاعتذار أصبح اليوم ضرورة وليس ترفا , كمقدمة لابد منها للحل العادل للقضية الجنوبية , على طريق بلسمة الجرح النازف للجنوب منذ ما يقارب عقدين من الزمن , فالجنوب يستحق من الجميع أكثر من مجرد الإعتذار , إنه الصانع الحقيقي للوحدة , وهو الذي قدم دوله ونظام وشعب وأرض وكيان مستقل , وقبل بموقع الرجل الثاني في كيان دولة الوحدة , ومع كل ذلك كان هو الطرف المغدور به بالحرب , فبأي منطق نجرؤ على الاحجام عن الاعتذار للجنوب وقد دارت رحى حرب صيف 94 م على ساحاته , وحولته إلى مجرد غنيمة حرب , وأرض بدون شعب , وما تلى ذلك من أعمال سلب ونهب وإقصاء وتهميش , وقتل وقمع وعنف غير مبرر , وغيرها من الممارسات التي ترتقي إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية .
إن المطلب الملح اليوم هو أن نرتقي جميعا في أدائنا السياسي والوطني إلى مستوى التحديات التي تفرضها متطلبات المرحلة , بعد الثورة الشبابية الشعبية السلمية , وفي مقدمة هذه المتطلبات مغادرة ثقافة العنف والقتل والتطرف والارهاب والحروب الاهلية العبثية التي أنهكت اليمن واليمنيين على مدى العقود المنصرمة من التاريخ اليمني المعاصر, والتهمت موارد التنمية المحدودة , بما في ذالك الموارد البشرية التي لاتقدر بثمن , ففي حروبنا العبثية الطاحنة ننفق الاموال الطائلة و بسخاء لانظير له , وبما يفوق بأضعاف إجمالي ما ينفق على التنمية , لنجد اليمن بعد نصف قرن من الزمن يعيش ذات الحالة , مصنفا ضمن أكثر البلدان تخلفا , وفي ذيل قائمة البلدان العربية والنامية الاشد فقرا , والأكثر عوزا وتخلفا .
إن الخطوة الاولى على هذا الطريق الجديد تتمثل بالإعتذار بكل شجاعة ومسئولية ومصداقية عن الحروب ودورات العنف العبثية جميعها , التي شهدها اليمن خلال تاريخه المعاصر , وفي المقدمة منها حرب صيف 94 م الظالمة , وحروب صعدة العبثية , حتى لانعود الى مثل هذه الحروب أو نكررها في المستقبل .
فإذا كان مطلب العدالة الانتقالية يشترط على مقترفي الجرائم والأخطاء بحق الآخرين الإعتراف بتلك الجرائم والاخطاء والإعتذار علنا لضحاياها على مستوى الأفراد والجماعات حتى لاتتكرر تلك الاخطاء والجرائم مستقبلا , فحري بنا أن نبادر إلى الاعتذار عن تلك الحروب ودورات العنف , والجروح النازفة في جسمنا الوطني , كخطوه أولى على طريق بلسمتها وإعادة الاعتبار لضحاياها , وتعويضهم تعويضا عادلا – طالما والمجتمع الاقليمي والدولي مستعدا في الوقت الراهن لدعم هذه التوجهات وتشجيعها ودعمها والانتصار لها - , بما يكفل تجفيف البيئة المنتجه للعنف والارهاب , للإنطلاق جميعا متخففين من أعباء الماضي , للنهوض بجدارة وإقتدار بمهام بناء المستقبل المنشود لشعبنا اليمني العظيم , في إعادة الاعتبار لمشروعه الوطني الديمقراطي , وبناء أسس ومقومات الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة – دولة القانون والمواطنة المتساوية , والعدالة الاجتماعية , دولة الشراكة الوطنية , والقبول بالآخر , والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع , إنه المشروع الذي يعول عليه شعبنا كثيرا , لتحقيق آماله وطموحاته المشروعة بحياة معيشية أفضل , آمنة ومستقرة - حرة وكريمة .
وفي هذا السياق يأتي مشروع قانون المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية – المدعوم دوليا - والمطروح للإثراء والنقاش الواسع , ليغدو بصيغته النهائية إضافة إيجابية تنتصر لضحايا العنف والحروب الأهلية , وضحايا الصراعات السياسية العنيفة , وفي مقدمة كل ذلك شهداء وضحايا الثورة الشبابية الشعبية السلمية الراهنة .
وفي هذا الصدد ونحن نتابع النقاشات الساخنة الطبيعية إزاء هذا القانون , نستطيع تفهم دوافع بعض أطراف النظام العائلي السابق الرافضة للمشروع من حيث المبداء , لأسباب ربما تتعلق بالإمعان في الانتقام من الضحايا من شباب الثورة , أو لإذكاء النقمة ضد حكومة الوفاق الوطني , وإفشال جهودها في هذا الصدد , وربما لأسباب أخرى ليس من بينها إنصاف الضحايا وتعويضهم تعويضا عادلا عما لحق بهم .
إلا أن الأمر غير المفهوم عندما تأتي الممانعة والرفض من حيث المبداء لمشروع هذا القانون المطروح للنقاش والتعديل والإضافة أمام الجميع من أطراف محسوبة على الثورة , ولاسيما بعد إستيعاب الكثير من الملاحظات , المعززة لقوة القانون بمافي ذلك فترة سريانه المرتبطة بفترة سريان قانون الحصانة .
وندعو بإخلاص هؤلاء الممانعين الى التفاعل إيجابا مع مشروع القانون , بإبداء ملاحظاتهم ومقترحاتهم التي يعتقدون بصوابها على مشروع القانون , وأن يتحملوا مسؤولياتهم الوطنية والأخلاقية تجاه الضحايا الذين ينتصر لهم هذا المشروع , وأن يغادروا مواقع الممانعة المبدئية لمشروع هذا القانون المدعوم إقليميا ودوليا كجزء من التسوية السياسية , في مقابل قانون الحصانة الذي سبق منحه لصالح ورموز نظامه خلال فترة حكمه , ويبقى انصاف وتعويض الضحايا المرتبطين بمصير مشروع القانون هذا , حتى لا يتحملوا وزر إعاقته أو إفشاله .
ينظر البعض إلى النقاط بشكل إيجابي مع القول بضرورة إضافة نقطة أخيرة تتعلق باعتذار الحزب الاشتراكي عن الأحداث التي حصلت أثناء حكمه للجنوب والاحتكاكات والخلافات الداخلية في الثمانينات ، فهل أنتم مستعدين للاعتذار للجنوب ؟
أعتقد أن الذي يطرح هكذا سؤال هو بكل تأكيد – مع احترامي - لا يعرف الحزب الاشتراكي اليمني ، فمن يعرف الاشتراكي عن قرب يدرك أن الاعتذار عن الاخطاء في الحياة السياسية للحزب هي ثقافة وسلوك وليس أمر طارئ عليه، فلا تكاد تخلو أي من وثائقة المقدمة لدورات اللجنة المركزية وهيئاته القيادية من نقد للأخطاء والممارسات الخاطئه داخل الحزب ناهيك عن تقارير الدورية لهيئاته الرقابية ، والوقفات النقدية التقييمية الخاصة ، فقد أعتذر الحزب أكثر من مرة عن أخطائه خلال فترة حكمه للجنوب ، كان آخرها في المؤتمر العام الخامس للحزب عام 2005م ، وسبق أن قدم قبل ذلك انتقادا علنيا موثقا في إطار ماسمي بالوثيقة النقدية التحليلية عقب أحداث يناير 1986 وهذه الوثيقة علنية ومنشورة ضمن وثائق الحزب ، وقد خلص في تقييمه لتجربته السابقه آنذاك إلى التأكيد على أن غياب الديمقراطية كانت أحد أهم الأسباب المنتجة للصراعات العنيفة التي شهدها الحزب .
وفيما يتعلق بالمستجدات اللاحقة حتى انعقاد المؤتمر العام الخامس للحزب في العام 2005 م ، تم تقييمها في المؤتمر وأعلن الحزب اعتذاره بكل وضوح لأبناء الشعب في الجنوب عن الاخطاء التي حدثت خلال فترة حكم الحزب للجنوب ، كما أعلن عن مصالحة داخلية أعاد فيها الاعتبار لمن وقعت عليهم الأ خطاء من قيادات الحزب ومناضليه خلال مختلف المراحل النضالية التي مر بها الحزب .
إن الحزب الاشتراكي اليمني يكاد أن يكون هو الحزب الوحيد في التاريخ السياسي المعاصر لليمن ، الذي أعتذر عن أخطاءه علنا ، الأمر الذي لم يقم به أي حزب آخر حتى الآن . ولذلك فالاعتذار لم يعد مشكلة لدى الحزب الاشتراكي فعلى العكس من ذلك يعتبر نقد الاخطاء والاعتذار عنها وعدم تكرارها أحد عوامل قوة الحزب ، وسر بقائه واستمراره رغم الاحداث والمخاطر التي مر بها ، فمن كان يتوقع بعد حرب صيف 94م الإستئصالية أن ينهض الحزب الاشتراكي من تحت الأنقاض مجددا ؟
إن الحزب الاشتراكي اليمني كفكرة وكيان سياسي كان ولا يزال تعبيرا عن ضرورة وحاجة للناس في حاضرهم ومستقبلهم المنظور على الاقل ، وهنا يكمن سر بقاء واستمرار الاشتراكي رغم الخضات التي تعرض لها حتى الان .
هل أبواب الحزب الاشتراكي مازالت مفتوحة للأعضاء السابقين والقيادات في الخارج ؟
لقد تضمنت قرارات المؤتمر العام الخامس للحزب في هذا السياق وفي إطار الاعتذار و المصالحة الداخلية ، التي أعلنها الحزب ، قرارا بإبقاء الباب مفتوحا أمام أعضاء وقيادات الحزب في الداخل والخارج لممارسة حقهم في العودة الى صفوف الحزب متى ما سمحت لهم الظروف الخاصة بكل منهم ، وتم الابقاء على عضوية قيادات الخارج في اللجنة المركزية كما هي ، ولم يفصل أحد منهم ، والأمر مرتبط بظروفهم وفي أي وقت يقرروا العودة الى صفوف الحزب فمرحباً بهم ، وهذا جزء من المصالحة الداخلية في إطار الحزب ، وستبقى الأبواب مشرعة أمام الجميع .
أين موقع الشباب في رؤية الحزب الاشتراكي للدولة المدنية ؟
يمثل الشباب الشريحه الأوسع في القوام الأساسي للمجتمع اليمني ، اذ تصل نسبتهم الى اكثر من نصف عدد السكان , و لابد لهذه الكتلة الهائلة من الشباب أن يكون لها موقعا ومكانة متميزة في إطار البنية الداخلية للأحزاب تتلائم مع حجمهم ومكانتهم ودورهم في المجتمع ، أما مكانة ودور الشباب في أطار الحزب الاشتراكي اليمني ولا سيما خلال الفترة القادمة بغد المستجدات التي انتجتها الثورة ، سيتعزز بكل تأكيد في البنية الداخلية للحزب وفي تكويناته القاعدية و القياديه ، ففي الفترة الماضية - ما قبل الثورة - كان الحزب يولي إهتمام خاص بالشباب ، بحيث يحدد سلفا نسب الحد الأدنى لتمثيل الشباب والنساء في الهيئات القيادية المنتخبة للحزب ، وكانت التوجيهات الانتخابية العليا الملزمة للهيئات الدنيا أثناء العملية الانتخابية لانتخاب الهيئات القيادية للحزب من المنظمة القاعدية إلى اللجنة المركزية ، كانت تقضي بتخصيص نسبة لا تقل عن 30% من قوام الهيئه المنتخبة للشباب والنساء ويمكن أن تكون النسبة أعلى من ذلك الا أنه لا يجوز أن تكون أقل ، باعتبار أن هذه النسبة جاءت ترجمة لقرار المؤتمر العام الخامس للحزب .
وبالتأكيد في الظروف الاستثنائية القائمة اليوم وفي إطار فاعلية الشباب في الثورة ، نتوقع في أي دورة انتخابية قادمة أن يكون للشباب حضور فاعل يتناسب مع الادوار الفاعلة التي نهضوا بها خلال فترة الثورة ، وسيكون لوجودهم تأثير ملموس في أطار بنية الحزب الداخلية ، وسيكون تمثيلهم بكل تأكيد أوسع مما هو عليه الآن .
أما ما يتعلق بالدولة المدنية فالشباب بكل تأكيد سيسجلون حضورا نوعيا في مؤسساتها ليس لكونهم الشريحة الاكبر في المجتمع فحسب , بل لأنها الكتله النوعية المتجددة القادرة على النهوض بمهام بناء مؤسسات الدولة المدنية الحديثة , انهم الكتلة البشرية الأكثر حماسا والأكثر ثورية والأكثر تضحية في سبيل نجاح الثورة والانتصار لكامل أهدافها , وفي المقدمة منها بناء أسس الدولة المدنية الحديثة , إنهم القوة البشرية الأجدر والأكثر إخلاصا وتصميما على إنجاز مشروعهم السياسي – الوطني الذي ثاروا من أجله , ولذلك نصت الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية على ضرورة تمثيلهم (ذكور وإناث) تمثيلا وازنا في مؤتمر الحوار الوطني الشامل , لاتاحة الفرصة لهم للمساهمة في رسم ملامح المستقبل الذي سيكونون جزء منه .
وفي هذا الصدد لا أبالغ إن أكدت على الارتباط الوثيق بين مستوى النجاح في إنجاز مهام وأهداف الثورة لإستكمال النقل السلمي للسلطة , وبناء مؤسسات الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة , وبين مستوى إشراك الشباب وحضورهم الفاعل في هذه العملية النضالية بالغة الأهمية والتعقيد .
الإصلاح والاشتراكي حزبان يساري ويميني وذات إدلوجيا مختلفة إتحادا معاً ضد حليفهما السابق علي صالح فما المفارقة التي أحدثت هذا التحول ؟ وهل تكتل المشترك قابل للاستمرارية في المرحلة القادمة ؟وإلى أي مدى؟
في البداية يبدو أن توصيفكم لكلا الحزبين في الحلة اليمنية الراهنة فيه قدر من اللا واقعية , ويمكن القول إنه توصيف نظري بأثر رجعي , وأنا أتصور ان التكوينات الاجتماعية – السياسية الانتقالية , الهلامية – المرنة والمتداخلة في البلدان النامية التي تمر بالحالة الانتقالية كالتي تمر بها بلادنا , لا تساعد على تحديد الفرز الواضح للقوى والتكوينات الاجتماعية المتمايزة بصور دقيقة , على غرار ذلك الفرز الواضح بين اليسار واليمين القائم في البلدان المتطورة اقتصادياً والمتمايزة طبقيا , حيث تتموضع الطبقات والفئات الاجتماعية بوضوح في أطار العملية الإنتاجية أولا ، بين طبقات تنتج ولا تملك وطبقات أخرى تملك وسائل الإنتاج ولكنها لا تنتج ، ففي هذه الحالة يمكن أن تحدد المسارات الايديولوجية والفكرية والسياسية بصورة أكثر وضوحا لكل المكونات الطبقية والاجتماعية كل على حده ، لكن في المجتمعات التي تتداخل وتتعايش بل وتترابط فيها الانتمائات والتكوينات التقليدية والانتقالية والحديثة معا ، ولا سيما في المجتمعات التي تمر بمراحل انتقالية – كما هو الحال في مجتمعنا اليمني - يغدو الحديث عن تيارات أيد يو لوجية – يسارية ويمنية متناقضة نوع من المجاز في حقيقة الامر .
ففي ظل هكذا بيئة اجتماعية وسياسية انتقالية تغدو المصالح المشتركة محددات أكثر شمولا , تمثل قواسم مشتركة تلتقي على أساسها العديد من القوى السياسية والاجتماعية بتوجهاتها المختلفة على قاعدة انجاز أهداف سياسية ووطنية نضالية كبرى , والمشترك في هذه الحالة هو الظاهرة النموذجية الحية القائمة على الارض منذ أكثر من عقد من الزمن , ولا يزال حاجة وطنية ملحة , خلال الفترة الانتقالية التي تمر بها بلادنا , وربما تمتد الى مدى مستقبلي أوسع .
ان نشأت وتطور تجربة تكتل أحزاب المشترك – بتوجهاتها اليسارية والقومية والإسلامية المختلفة – أنتجتها حاجة مجتمعية وسياسية ووطنية ملحة , لاتزال قائمة حتى اليوم , تمثلت منذ البداية بحماية العملية الديمقراطية والتعددية الحزبية والسياسية التي كانت مهدده بالتصفية مع تنامي النزعة الاستبدادية للحاكم , في ظل التوازنات السياسية والاجتماعية المختلة , والتي تنذر بتصفية هامش الممارسة الديمقراطية والسياسية المتاح ,وتتهدد الاحزاب السياسية وجوديا , وتمثلت لاحقا في مشروع الاصلاح السياسي والاقتصادي و الوطني الشامل الذي تبناه المشترك كوثيقة برنامجية معلنة منذ نوفمبر 2005 م , وتمثلت هذه الحاجة الوطنية المجتمعة أخيرا في إنجاز مهام الإنقاذ والتغيير الشامل الجارية عمليا منذ انطلاق الثورة الشبابية الشعبية السلمية , مطلع العام المنصرم فبراير 2011 م ولا تزال متواصلة حتى اليوم .
كيف يستشرف الدكتور محمد مستقبل اليمن ؟ وما الرسالة التي يوجهها لشباب الثورة ؟
مستقبل اليمن لن يكن أسواء مما كان وأنا متفائل كثيرا بما حققته الثورة وهو عمل عظيم , ولا يستطيع أحد أن يقدر هذا العمل إلا إذا رأى المشهد كله ، فالنظام الذي حكم اكثر من 33 سنة بالقوة والعنف , وبات يعتبر البلاد ملكا من أملاكه الخاصة , يسقط في هذه الثورة السلمية برغم كل ترسانة القوة والعنف التي يمتلكها ,والتي شلت فاعليتها الثورة بسلميتها , ان الطابع السلمي للثورة هو الذي أربك السلطة , وهوالملعب الذي لا يجيد النظام اللعب فيه , فصدور الشباب العارية هي التي أسقطت النظام , وأفقدته المقاومة , وعجز عن حماية نفسه , رغم الآلة العسكرية والأمنية التي كدسها لحمايته ، والتي تحولت الى عبء وقيد إضافي على السلطة ذاتها وسرعت من هزيمتها , ولاسيما بعد فشل محاولات السلطة المتعددة لجر قوى الثورة السلمية الى مربع العنف الذي خبرته السلطة وتجيد اللعب فيه .فما تحقق حتى الآن كان ولاشك في ذلك عملا عظيما بكل المقاييس ,الا أن الثورة لم تحقق بعد كامل أهدافها ، والمسألة مسألة وقت , فالثورة ثورة شعب ستنتصر في آخر الامر لامحالة , فعجلة الثورة قد دارت ولن تعود الى الوراء .
يعلمنا التاريخ في هذا الصدد بأن السبب في إنتكاسة أو فشل المشاريع الوطنية السابقة التي سهل الا نقلاب عليها , هو أنها كانت صنيعة نخب سياسية نيابة عن الشعب الذي لم يشرك مباشرة في صناعة أحداثها , بمافي ذلك ثورتي سبتمبر وأكتوبر والمشروع الوطني الديمقراطي لدولة الوحدة ، لكن هذه الثورة الشبابيه الشعبية السلمية المتواصلة حتى الآن , شارك في صناعة أحداثها كل فئات الشعب بمختلف التكوينات السياسية والاجتماعية , فالشعب هنا هو صاحب الثورة , وهنا بالذات تكمن ضمانة الانتصار لاهدافها كاملة وضمانة نجاح مشروعها الوطني الديمقراطي الحضاري , فالشعب الذي صنع هذا المنجز كفيل في الدفاع عنه والانتصار لكل أهدافه .
وأقول للشباب في هذه المناسبة أن الأهداف التي خرجتم من أجلها والتي سقط من أجل تحقيقها الآلاف , لن تموت , فهذه الاهداف والقيم الثورية التي صنعتموها ستعيش حية في قلوب وعقول الملايين التي شهدتها , وستتناقلها الأجيال جيل بعد جيل ، فما حدث أشبه ما يكون بزلزال اجتماعي وسياسي بكل ما لهذه الكلمة من معنى , فلا يمكن أن تمحى آثاره مهما كانت قوة الثورة المضادة , وشراستها في مواجهة إرادة الشعب , فمآلها حتما الفشل فإرادة الشعوب لاتقهر .
وعليكم أن تستمروا في اليقظة لحراسة هذا المنجز التاريخي العظيم الذي صنعتموه , ومتابعة مسيرته حتى تحقيق جميع أهدافه , فالتاريخ المعاصر لن ينسى لكم هذا الانجاز الذي أنتم صانعوه والمنتصرين له .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.