لم يعد الوقت كافيا لمزيد من إرباك موقف المعارضة من الانتخابات المزمع إجرائها في 27ابريل 2009م . اقل من ثلاثة أشهر فقط تفصلنا عن موعد الاقتراع المفترض وهي فترة قصيرة جدا جدا ،لا تكفي حتى لتبديل ملابسنا بصورة تليق بالموقف من هذا الاستحقاق المصيري . بيان واضح وصريح ولا لبس فيه أو غموض ،يقال فيه أن أحزاب اللقاء المشترك لن تشارك في هذه الانتخابات وأنها ستقاطعها ايجابيا، ولن تسمح للسلطة بان تقرر مصير الانتخابات والعملية السياسية بل ومصير البلاد بكاملها هو ما ينتظره جمهور المعارضة اليوم ولن يقبل بلحظة إضافية من التأخير أو من بيانات الغموض والإرباك . لا يجوز مطلقا وليست من السياسية في شيء أن تبدأ مرحلة الترشيح وفقا لأجندات السلطة السارية على قدم وساق و"لا من شاف ولا من دري" وجمهور المعارضة لا يعلم بالضبط الموقف النهائي والحاسم للمشترك من هذه العملية المصيرية ... هل سيشارك في هذه الانتخابات أم سيقاطعها ؟ وإذا شارك فيها فبائي شروط ؟وهل الوقت المتبقي يكفي لتنفيذها أم أن مصلحة هذه الأحزاب ومصلحة العملية السياسية و الوطنية عموما تقضي بالحوار مع السلطة أو الضغط عليها شعبيا من اجل تأجيلها لانجاز ما يمكن انجازه من الإصلاحات الوطنية والانتخابية ؟ أسئلة عديدة ومحورية كان للإجابات الملتبسة حولها طوال الأشهر والسنوات الماضية الدور الأهم في شل وإرباك جمهور المعارضة وجعله غير قادر على استخلاص الموقف المناسب في الزمان المناسب تجاه العملية لانتخابية والعملية السياسية عموما . قبل أربعة أشهر على ما اذكر أطلقت إحدى قيادات المشترك عبارتها الشهيرة " لن نشارك بشروط المؤتمر ولن نقاطع وفقا لأجنداته "... العبارة بدت حينها " مدهشة " وذهب البعض يتحدث عن "الغموض" الايجابي في موقف المعارضة من الانتخابات، غير انه ومع اقتراب موعد الانتخابات ، وتوقف حركة الاحتجاجات الشعبية ، واستمرار السلطة في الإجراءات الأحادية الجانب ،أصبحت العبارة السابقة لا تعني سوى اللام موقف والغموض السلبي وبما يشوش رؤية المعارضة ويربك موقفها وحركة جمهورها . عندما تراجع تصريحات عدد معروف من قيادات المشترك خلال الأشهر والأسابيع الماضية ستكتشف عدد من الحقائق أهمها : - المعارضة ترفض تأجيل الانتخابات النيابية ولو ليوم واحد كما جاء في تصريح الناطق الرسمي محمد المنصور مؤخرا وقبله قال العبارة ذاتها آخرون - المعارضة ترفض المشاركة في الانتخابات بشروط المؤتمر الشعبي وهو ما تؤكده جميع أدبيات المشترك وتصريحات قياداته وهذا جيد -المعارضة تتحدث عن استمرار الاحتجاجات، ورفضها سياسة الأمر الواقع وتقرير حقائق جديدة على الأرض من قبل السلطة وحزبها الحاكم ، إلا أن المعارضة لا تعمل أي شيء عملي من اجل تصعيد هذه الاحتجاجات بل إنها أوقفت الاحتجاجات الشعبية ، بعد مرحلة تسجيل الناخبين على رغم تأكدها أن الرأي العام كان معها بل وتقدمها في العملية الاحتجاجية ،ومقاطعة مرحلة القيد والتسجيل وعلى مستوى الوطن كله. - المعارضة تقول بان الانتخابات الحرة والنزيهة مدخل لإخراج البلاد من أزمتها وقبل ذلك قالت "القضية الجنوبية وقضية صعدة مدخل للإصلاحات الوطنية "وقبلها الإصلاحات الوطنية "مدخل لما ادري ما هوه" حتى أصبحت " المدخل" هذه عبارة عن بندق عدال يتم طرحها بمناسبة وبدون مناسبة ووفقا للموقف المربك من العملية كلها. - المعارضة تطالب بإصلاحات سياسية ووطنية شاملة ولكنها ترفض تعديل الدستور أو الحوار حول التعديلات الدستورية حتى لا "يصفر" الرئيس العداد، مع العلم أن الرئيس إذا أراد أن يصفر العداد فسيصفره بموافقة المعارضة وبدون موافقتها واخشي أن يكون بموافقتها ، ولكن بعد تفويت فرصة الإصلاحات الشاملة - المعارضة تصر على تنفيذ الاتفاقات السابقة وفي مقدمتها ما أسمته باتفاق 18اغسطس الذي نكث به المؤتمر وكتلته البرلمانية ...تقول هذا دون أن يرف لها جفن وهي تعلم علم اليقين أن من نقض ذلك الاتفاق البائس هو الحزب الاشتراكي وجميع أحزاب اللقاء المشترك بعد أن تأكدت انه لم يستوعب أي شيء جدي من الإصلاحات الانتخابية بما في ذلك توصيات الاتحاد الأوربي . - المعارضة ترفض الحوار مع السلطة وتقول بأنها قد وصلت إلى طريق مسدود معها ومع هذا نسمع عن تشاور وتواصل وغيرها من مفردات الحوار الذي لا نعلم إلى أين سيوصلنا هذا التواصل في الأخير. - المعارضة تطرح فكرة الحوار الوطني أو التشاور الوطني وتقول بأنها ستحاور جماعة الحوثي وقادة الحراك الجنوبي ومنظمات المجتمع المدني وهذا شي ء جيد ...ولكن هذا لم يحصل حتى الآن وبدلا عنه اخترعت طريقة عقيمة وطويلة للتشاور هي إحصاء شخصيات الحوار "25الف شخصية" وعندما حصحص الحق أحيل الموضوع على حسن زيد بما يضعف ورقة صعدة لدى المعارضة ويؤكد كل خطاب السلطة ومواقفها حول ما تسمية السلالية وما ادراك ما السلالية .،...واضح أن الجماعة ليسوا جاهزين للاعتراف بالآخرين حتى نطلب منهم التحاور معهم وان المسالة لا تعدو عن كونها جزء من سياسة "تفجيع" الرئيس من هذه الفئات وليس الحوار معها مع التأكيد أن هذه التذاكي المكشوف لم يعد ينطلي على احد والرئيس لم يعد " يفتجع" وقد يسبق إلى الحوار مع من يخوفونه بهم أو منهم وهذه هي النتيجة الطبيعية لسياسة المخافسة والتردد من كل شيء وتجاه كل شيء . والخلاصة فانك إذا جمعت كل العناوين السابقة في سياق واحد فلن نجد سوى طلاسم واحجيات نحتاج إلى عباقرة وفائقي الذكاء لتفسيرها أو منحها معان سياسية واضحة وذات جدوى غير الإرباك والشلل . اخشي أن يكون بعض الأغبياء والمتذاكيين ينفذون بوعي وبدون وعي اتفاقا غير مكتوب ولا يدركون بان لا هدف له سوى شل حركة المشترك وحصره في زاوية الخيارات المحدودة وإيصاله إلى يوم الاقتراع وهو خالي الوفاض وبعد أن لا يكون أمامه سوى "المشاركة وفقا لشروط المؤتمر أو المقاطعة وفقا لأجندات السلطة ! ". الخروج من كل هذه الإرباك يبدأ الآن وعلى المعارضة أن تطرح بوضوح بأن القائمة النسبية خط احمر وان المقاطعة ومن الآن هو خيار المعارضة الايجابي والوحيد لهذه الانتخابات المقرر إجراؤها في 27ابريل، وان السلطة ليس إمامها سوى احد أمرين إما الحوار الجدي وبإشراف المفوضية الأوربية حول الإصلاحات الوطنية ومنها الإصلاحات الانتخابية وتحديد موعد الانتخابات القادمة، أو السير بمفردها وعليها أن تتحمل نتائج هذا الموقف المغامر لوحدها... ذاك هو الموقف المطلوب اليوم وأي تأجيل في إعلانه ولو لحظة واحده فلن يكون لذلك علاقة بالسياسة بقدر ما له علاقة بالغباء أو بالمؤامرة إن شئت . ملاحظة على قيادة الحزب الاشتراكي وأحزاب اللقاء المشترك أن تتقبل النقد وان لا تعتبر كل ما يطرح تجاه خطابها مؤامرة سلطوية وأتمنى أن لا تعبر عن استهجانها واشمئزازها من "الصحف الدائرة في كنف السلطة " كما جاء في بيانها الأخير ضد الصحف والمواقع التي أشارت أو نبهت إلى خطورة تصريحات القيادي الإصلاحي حمود هاشم الذارحي بخصوص القائمة النسبية إذ وبدلا من التصريح بأنه لم يكن يمثل سوى نفسه وان الإصلاح والمشترك متمسك بالقائمة النسبية جاء البيان ليقر الخطأ ويستهجن من نبه إليه واختم بالقول بان " ما سبق رأي شخصي يرفض صاحبه أن يسكت على ما يراه أخطاء جسيمة يرتكبها أمام ناظريه من يحملون مشروعه وقضيته " -----نقلا عن صحيفة الثوري مع التعديل