أوضح د.حميد صغير الريمي ان هجرة العقول العربية تكبد الدول العربية خسائر كبيرة جدا لا تقل عن 200 مليار دولار الأمر الذي أدى إلى تفاقم مشكلات التقدم والتطور العربي في شتى المناحي الاقتصادية والعلمية والفكرية بعد ن كانت هذه الدول سباقة في هذه المجالات . واستعرض نائب عميد كلية علوم وهندسة الحاسوب بجامعة الحديدة دراسة أعدها مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية أكد فيها بأن, هجرة العقول العربية تكلف الدول العربية خسائر لا تقل عن 200 مليار دولار مضيفا أن الدول الغربية الرأسمالية تعد الرابح الأكبر من هجرة ما لا يقل عن 450 ألفا من هذه العقول. وأضاف أيضا إن الدراسة رأت أن المجتمعات العربية أصبحت بيئات طاردة للكفاءات العلمية العربية وليست جاذبة أو حاضنة لهذه الكفاءات الأمر الذي أدى إلى استفحال ظاهرة هجرة العقول والأدمغة العلمية العربية إلى الخارج خاصة إلى بلدان الغرب. وذكر الريمي في ندوة علمية نضمها مركز" منارات" هذا الأسبوع إلى أن 45 بالمائة من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى بلدانهم وأن 34 بالمائة من الأطباء الأكفاء في بريطانيا هم من العرب الى جانب أن هناك نحو 75 بالمائة من الكفاءات العلمية العربية مهاجرة بالفعل إلى ثلاث دول تحديدا هي أمريكاوبريطانيا وكندا . ونوه بأن الوطن العربي يساهم ب31 بالمائة من هجرة الكفاءات من الدول النامية إلى الغرب الرأسمالي بنحو 50 بالمائة من الأطباء و 23 بالمائة من المهندسين و 15 بالمائة من العلماء النابهين من العالم الثالث. واعتبرت الدراسة أهم أسباب هجرة العلماء والعقول العربية الى الخارج هو تدني مستوى الإنفاق على البحث العلمي والتقني في الوطن العربي مقارنة بما هو الحال عليه في بقية دول العالم موضحة أن الإنفاق السنوي للدول العربية على البحث العلمي لا يتجاوز 0.2 بالمائة من إجمالي الموازنات العربية وذكرت أن هذه النسبة المتدنية تأتى في حين تبلغ في إسرائيل 2.6 بالمائة في الموازنة السنوية وذلك مقارنة بما تنفقه أمريكا 3.6 بالمائة والسويد 3.8 بالمائة وسويسرا واليابان 2.7 بالمائة وفرنسا والدنمرك 2 بالمائة. ورأت الدراسة أن ضعف الاهتمام بالعلم والبحث العلمي يعد أحد العوامل المركزية في الضعف الإستراتيجي العربي في مواجهة إسرائيل وأحد الأسباب الرئيسية وراء إخفاق مشاريع النهضة العربية ودعت إلى مضاعفة الإنفاق العربي على البحث العلمي إلى 11 ضعفا عن المعدلات الحالية وتطوير السياسات المشجعة على تطوير البحث العلمي في كل قطاعات المجتمع. وأوضحت الدراسة أن مصر أكثر الدول العربية معاناة من هذه الظاهرة حيث يقدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصريين المتميزين من العقول والكفاءات التي هاجرت للخارج ب 824 ألفاً وفقا لآخر إحصاء صدر في عام 2003 من بينهم نحو 2500 عالم وتشير الإحصاءات إلى أن مصر قدمت نحو 60% من العلماء العرب والمهندسين إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وان مساهمة كل من العراق ولبنان بلغت 10% بينما كان نصيب كل من سوريا والأردن وفلسطين نحو 5%. ويقول تقرير الأممالمتحدة للتنمية البشرية في الوطن العربي للعام 2002 إن أكثر من مليون خبير واختصاصي عربي من حملة الشهادات العليا أو الفنيين المهرة مهاجرين ويعملون في الدول المتقدمة ليسهم وجودهم في تقدمها أكثر ويعمق رحيلهم عن الوطن. العربي آثار التخلف والارتهان للخبرات الأجنبية. المفكر والكاتب نايف كريم لخص هذه الظاهرة بقوله " ليس الدم وحده الذي ينزف في الوطن العربي بل إننا نعاني من نزيف أعمق وأخطر وأشد إيلاما، إنه نزيف الأدمغة. ومكمن الخطورة في هذا النزيف القاتل أنه يتم بهدوء من دون ضجيج كالذي يثيره نزيف الدماء مع أن آثاره أشد وطأة على مستقبل الوطن العربي وتصيب أضراره كل مواطن عربي ولعدة أجيال". من جانبه الدكتور فاروق الباز والذي يشغل حاليا منصب مدير مركز الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن بعدما عمل لسنوات طويلة مع وكالة الفضاء الأمير كية "ناسا" وهو من كبار العقول العربية التي هاجرت من مصر منذ ستينات القرن الماضي، قال إن لكل عالم وخبير عربي أسبابه الخاصة التي دفعته إلى الهجرة, وهذه تضاف إلى الأسباب العامة المشتركة في الوطن العربي حيث لا احترام للعلم والعلماء ولا تتوفر البيئة المناسبة للبحث العلمي والإبداع. وبالتالي فمن الطبيعي أن يبحث العالم العربي وطالب المعرفة عن المكان الذي تتواجد فيه شعلة الحضارة". وأرجا الدكتور الريمي اسباب هجرة العقول العربية الى ضعف أو انعدام القدرة على استيعاب أصحاب الكفاءات الذين يجدون أنفسهم إما عاطلين عن العمل أو لا يجدون عملاً يناسب اختصاصاتهم في بلدانهم. وضعف المردود المادي لأصحاب الكفاءات وانعدام التوازن في النظام التعليمي,بالإضافة إلى عدم الاستقرار السياسي أو الاجتماعي والإشكالات التي تعتري التجارب الديمقراطية العربية والتي تؤدي في بعض الأحيان إلى شعور بعض أصحاب الخبرات بالغربة في أوطانهم، أو تضطرهم إلى الهجرة سعياً وراء ظروف أكثر حرية وأكثر استقراراً. وأشار انه إلى جانب هذه الأسباب الأساسية يمكن أن توجد عوامل أخرى موضوعية أو ذاتية تدفع أصحاب الخبرات إلى الهجرة كالبيروقراطية الإدارية وأنظمة الخدمة المدنية وبعض التشريعات والتعهدات و الكفالات المالية التي تربك أصحاب الخبرات ، إلى جانب أسباب عائلية أو شخصية فردية . وابرز الدكتور الريمي الأسباب الجاذبة للعقول العربية في الخارج المتمثلة الريادة العلمية والتكنولوجية للبلدان الجاذبة ومناخ الاستقرار والتقدم الذي تتمتع به هذه البلدان التي توفر الثروات المادية الضخمة التي تمكنها من توفير فرص عمل هامة و مجزية مادياً تشكل إغراءً قوياً للاختصاصين إلى جانب إتاحة الفرص لأصحاب الخبرات في مجال البحث العلمي والتجارب التي تثبت كفاءاتهم وتطورها من جهة أخرى، وتفتح أمامهم آفاقاً جديدة أوسع وأكثر عطاءً، من جهة أخرى. واختتم إن من أهم الانعكاسات السلبية على الوطن العربي جرا هجرة العقول العربية الى الخارج تتمحور في ضياع الجهود والطاقات الإنتاجية والعلمية لهذه العقول التي تصب في شرايين البلدان الغربية بينما تحتاج التنمية العربية لمثل هذه العقول في مجالات الاقتصاد والتعليم والصحة والتخطيط والبحث العلمي و التقانة. تبديد الموارد الإنسانية والمالية العربية التي أنفقت في تعليم وتدريب الكفاءات التي تحصل عليها البلدان الغربية دون مقابل. ضعف وتدهور الإنتاج العلمي والبحثي في البلدان العربية بالمقارنة مع الإنتاج العلمي للعرب المهاجرين في البلدان الغربية. ولفت إلى أنه مع ازدياد معدلات هجرة العقول العربية إلى الغرب يزداد اعتماد غالبية البلدان العربية على الكفاءات الغربية في ميادين شتى بتكلفة اقتصادية مرتفعة ومبالغ فيها في كثير الأحيان.