بعد ان حطت الازمة اليمنية رحالها وظن اهلها انهم قادرون عليها واعتقد كثير من ابناء الشعب ان فرجة من فرج فتحت في جدار الازمة ادا بالممسكين بخيوطها والمتلاعبين بأوراقها يحاولون إعادة جدولتها وانتاجها على هيئتها السابقة فهل يفلحون في ذلك وان لم يكن كذلك فإلى أ ين يتجه اليمن اذن؟ والمتابع للوضع في اليمن يرى أن لعبة خلط الاوراق هي السائد ة على الساحة اليمنية والمتحكمة في توجيه الازمة تعقيدا وانفراجا ًَلكن .. بالتدقيق قليلا في ا لواقع يلاحظ أ ن ثمة أ سبابا وعدة عوامل متداخلة ومقصودة أدت باليمن الى الحال الدي وصل اليه والمآل الدي وقع فيه مما شجع الكثير من القوى والتي لا تتماها مصالحها و لا تتحقق أجندتها مع مايراد لليمن بل زُج بالبلاد في اجندات متصارعة ومتقاطعة حتى أصبح حال اليمنيين كحال الذي كثرت عليه الضباء فلا يدري ما يصيد بل ربما أصبح حال الكثرة من اليمنيين كما قال تعالى (ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت 0000)الاية وإزاء هدا التطور المثير والمنعطف الخطير في الازمة اليمنية فإنه يتحتم على الغيورين من أبناء هذا البلد والمخلصين من محبيه واصدقائه التحرك السريع لقطع الطريق أمام الكثير من قطاع الطرق وأصحاب الاجندات البالية والاطماع الضيقة والمصالح الهدامة التي لا تريد لهذا البلد خيرا ولا يهمها الا تمرير أجندتهاوتحقيق مصالحها وبأي ثمن كان ! وفي تقديري أن عدة امور يجب الأخذ بها والتنبه عليها للقضاء على هده الاسباب وتجاوز هذه العوامل وهي اولا :استكانة المعارضة حال التفاوض على المبادرة الخليجية وعدم استغلال زخم الشارع الذي كان يضغط على جميع الأطراف وكانت المعارضة الضامن لامتصاصه فلم تدقق في وضع الشروط الكفيلة بتنفيذ هذا الاتفاق وعلى جميع الأطراف وخصوصا أن التناغم بين الأطراف الأخرى اللاعبة في مواجهة المعارضة تكاد تكون وجهة نظرها متطابقة حول هذه المبادرة وكان جلّ همها هو الخروج من مازق الشارع وإنقاذ النظام من عنق الزجاجة الذي أوقعته فيه الانتفاضة الشعبية . ثانيا : وضوح وجلا بما لا يدع مجالا للشك عدم مصداقية الطرف الأمريكي الذي يزعم أنه الراعي لهذه المبادرة والتعمق المخزي لديه في تقديس المصلحة الأمريكية وتقديمها على باقي المصالح وبالتالي عدم الالتزام التام للاتفاقات المبرمة والتدليل الواضح للنظام والتمسك برموزه حتى وصل عند كثير من الجهات اليأس من إصلاح الموقف الأمريكي في ذلك الجانب كما يئسوا من قبل في إصلاح النظام وعدم رغبة الطرف الأمريكي الحقيقية في كبح جماح طموح النظام في التمسك بالسلطة وعدم إقناعه بأنه ليس الأصلح في إدارة حكم اليمن . ثالثا : العودة مرة أخرى إلى ضبابية الأحوال والمواقف عند الكثير من الأطراف الفاعلة وتجيير الأزمة لصالحهم وتعجيل السير الحثيث للاستفادة من هذه الاتفاقية لصالح النظام وبالمقابل استعجال الأطراف الأخرى في قطف ثمار الثورة أو على الأقل الشعور بنشوة النصر الكاذب دون وضع خطط واضحة ومحدد للتمكن من استتباب الأمور على جميع المستويات على أرض الواقع رابعا : عدم التخلص من أدوات التعامل السابقة سواء على مستوى التفكير أو التدبير العملي لمعاملة ملفات شائكة الصعوبة والتعقيد واستخدام نفس الطرق النمطية التي كان يتخذها النظام والتي أودت به إلى هذا المآل وأودت بالدولة إلى مصاف الدول الفاشلة . خامسا : إصابة الحالة السياسية بالترهل والاقتصادية بالتدهور والتهرب الواضح من أصدقاء اليمن للوفاء من التزاماتهم والذي يظهره التأخير تلو التأخير في إقامة مؤتمرهم والذي يؤمل منه على الأقل أن يخرج البلاد من أزمتها الاقتصاديةوبالتالي يحصل تنفيس على المستويات الأخرى تمكن القيادة الجديدة من التقاط انفاسها والتعاطي مع معطيات المرحلة القائمة بصورة متوازنة .. لكن الذي يظهر أن هذاالمؤتمر ما زال متمسكا بالهدف الذي أقيم من أجله وهو اصلاح النظام السابق لا مساعدة نظام جديد يقوم على أنقاض نظام بائد وأن الصداقة الموسوم بها هذا المؤتمر إنما هي مصروفة للنظام كصديق وليس مصروفة للشعب اليمني الذي عز أصدقاؤه سادسا : تفكيك النسيج الداخلي للمجتمع اليمني وبروز رؤوس كثيرة للفتن وتطور بعض القضايا العالقة ونشوء اصطفافات داخلية كان بينها من العداء ما لا يمكن أن يمكنها في الالتقاء في نقطة واحدة فأصبحت تتقاطع مصالحها لا رباك المشهد الحالي وإظهار السلطة القائمة بمظهر الفاشل في تدبير المرحلة وأصبح النظام الجزء الفاعل في هذ القوى تدبيرا ودعما وتجميعا لجميع خيوطها في نقطة التقاء واحدة يضاف إلى ذلك تقاطع مصالح بعض القوى الخارجية مع أجندات الاصطفاف الداخلية مما زاد الطين بلة على الآزمة اليمنية وأصبح النظام يتمتع بملاذين آمنين : ملاذ خارجي يتمثل في مماطلة القوى الخارجية وعدم جديتها في الضغط عليه وملاذ داخلي يتمثل في تفكيك النسيج الداخلي والاصطفاف مع كافة القوى التي لا يروق لها أن ترى اليمن إلا من خلال عين أجنداتها الخاصة . وأخيرا إزاء كل ذلك فإن اليمن يتجه نحو المجهول الذي لا يعلم إلا الله سبحانه مآله وأثره على هذا الشعب المكلوم ما لم تتمكن القيادة الحالية من الاضطلاع بمهامها وتحمل مسؤولياتها التاريخية والتي ربما تحتاج من ضمن ما تحتاجه إلى جدولة ثورتها مقابل جدولة الاصطفافات الداخلية والخارجية وتمرير مخططاتها على هذا البلد أو إعادة انتاج النظام مرة أخرى أو استنساخ نظام آخر يرث مخلفات ذلك النظام البائد لتضمن من وراءه القوى الداخلية مظلة لها تحته والقوى الخارجية مبررا لتمرير مخططاتها وتحمل ملفاتها