تؤكد إحصائيات الصندوق الإنمائي للأمم المتحدة أن نسبة 76% من سكان اليمن هم من فئة الشباب دون سن 24 عاماً، لذلك يصفه الصندوق ب(شعب فتي). يبدو لي أن هذه المعلومة غائبة عن علم الإخوة في أحزاب المعارضة ، لذلك وقع اختيارهم على مرشح للرئاسة قالوا :إن عمره (72 عاماً) ليأملوا أن يلبي تطلعاتهم لمستقبل اليمن .. ولاشك أن الحق مكفول لهم باختيار من شاءوا ، إلاّ أن السؤال المحير هو يا ترى ألا يوجد بين هذا الشعب (الفتي) شاب واحد يستحق ثقتهم في الترشح للرئاسة! تأملت في اختيار هم طويلاً ، وحاولت أن أجد تفسيراً منطقياً ، فتجمعت لدي عدة فرضيات منطقية : الأولى استغلال هذه الشخصية التي لم أسمع أو أقرأ ما يسيء لتاريخها لتكون محطة عبور مؤقتة إلى شخصية أخرى يعدونها لدور رئاسي فعلي خاصة وقد تردد أن هناك اتجاهاً لترشيح (نائب رئيس) أي وريث شرعي للحكم ، وهذا برأيي الشخصي أقوى الاحتمالات. الافتراض الثاني :هو أن هذه الأحزاب تعيش حساسية مفرطة وانعدام ثقة ، وبالتالي لا يأمن أي حزب فيها تسليم رقبته لمرشح رئاسي من حزب آخر قد يحالفه الحظ بالفوز فينتقم من تنظيمه أو يصفيه لذلك كان الحل الوسط أن يأتي المرشح من خارجها فتتحول الرئاسة إلى أشبه بشركة تساهمية .. وهذا أيضاً من الفرضيات القوية لمعرفتنا بحجم الخلاف التاريخي القائم بينها. الافتراض الثالث : هو ما رددته بعض وسائل الإعلام بأن هذه الأحزاب عاجزة عن إيجاد شخص مؤهل من عناصرها القيادية لاختياره مرشحاً للرئاسة باسمها.. لكنني لا أرجح هذا السبب حيث هناك شخصيات في هذه الأحزاب يمكن أن يعول عليها لو منحت الثقة وهي موجودة في أكثر من حزب. الافتراض الرابع : هو أن هذه الأحزاب ترجمت بأختيارها لمرشحها أزمتها التي زجت بها إلى زاوية ضيقة جعلتها تتقوقع داخل نظم وقيادات كلاسيكية تنغلق على ذاتها ، وتخاف على نفسها من التغيير؛ لذلك لم يحدث تجديد كبير داخل أكثر الدوائر القيادية لها فظلت رموز القيادات المخضرمة على رأس الهرم في كل حين وأوان على الرغم من أنها تدعو الحزب الحاكم للتجديد .. وبغياب التحديث بعناصر شبابية تكون العقلية التقليدية هي الأوفر حظاً لنيل ثقتها فمن السهل للسبعيني أن يلتقي بالستيني أو الخمسيني في الأفكار وأساليب العمل والخوف من التغيير والتحديث. الافتراض الخامس : هو مرتبط إلى حد ما بسابقه، إذ أنه يذهب إلى الاعتقاد بأن هذه الأحزاب لا تثق بالدماء الشابة ، وربما من خلال تجاربها مع قواعدها لمست أن الشباب لديهم فكر وثقافة انفتاحية نحو الديمقراطية والحريات، والحقوق وغيرها من المفاهيم العصرية، وإذا ما تم الرهان على وعيها فإن الأمر ستترتب عنه مجازفة بالمصالح ومستقبل بقائها .. وكذلك في حجم الالتزام بالعهود والمواثيق المبرمة في فترات سابقة مع بعضها البعض أو حتى مع بعض القوى الخارجية. وعلى كل حال فإنه يبدو غريباً جداً أن يوصف بلد بأن شعبه (فتي) وفيه 76% من الشباب دون 24 عاماً ، ومع ذلك يحرم الأغلبية الساحقة من حقها، ويأتيها بمرشح سبعيني!؟.