يوم مهيب لنصر عظيم خرج فيه اللبنانيون إلى شوارع صنعاء حاملين حلوى النصر ورافعين صورة تجمع بين السيد حسن نصر الله والرئىس علي عبدالله صالح ليشهدوا العالم بأن هذا الرجل أحد شركاء النصر الذي حققته المقاومة اللبنانية على الكيان الصهيوني. ومع أن الرئيس علي عبدالله صالح لم يكن وسط المقاومة في لبنان، ولم يطلق رصاصة واحدة على جيش العدو إلا أن أبناء لبنان المقيمين في اليمن رفعوا صوره جنباً إلى جنب زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله.. وليس في الأمر من مفارقة أو لبس فهؤلاء الناس بعد أن فرغوا من إلحاق الهزيمة النكراء بالعدو آن الأوان لهم أن يفرزوا العالم بين موقف شجاع وآخر متخاذل، بين حاكم عربي يغرق بالمال والجاه ويتخاذل عن مؤازرة شعب شقيق يذبح، وبين حاكم لا يملك الثروة فيقدم نفسه وأبناء شعبه، ويجند بلاده لنصرة ذلك الشعب الصامد وهو يخوض أعتى المواجهات مع عدو متوحش لدود للأمة والدين. أمس كان يوماً استثنائياً ذرف فيه البعض دموع الفرح تحت مظلة خيمة المقاومة التي تقرر أن تبقى مفتوحة لدعم المقاومة في فلسطين والعراق أسوة بما حدث مع لبنان.. وقد انتهز أبناء الشعب اللبناني المناسبة ليعربوا عن خالص شكرهم وامتنانهم لموقف الرئىس علي عبدالله صالح، وشعب اليمن المؤازر والمتفاعل مع ما لحق بشعب لبنان من عدوان، وتفاخروا أن في هذه الأمة زعيماً بمثل شجاعة الرئيس صالح. لا شك أن هذه المواقف سيحفظها التاريخ بين صفحاته كشهادة للأجيال القادمة، وكذاكرة مشرقة من حق جميع اليمنيين التباهي بها.. وهي في الحقيقة مواقف غير جديدة على الرئىس صالح بقدر ما تمثل له جزءاً من ثوابته الوطنية والقومية، وجزءاً من إنسانيته العذبة التي لطالما كانت منهلاً لكل أبناء الأمة في أزماتهم التي مروا بها. ورغم أن الرئىس علي عبدالله صالح يعرف جيداً أن مثل هذه المواقف لن تبقى بغير ثمن وأن حلفاء الكيان الصهيوني سيعمدون إلى تضييق بعض فرص الدعومات والمساعدات التي تحصل عليها اليمن لدعم مسيرتها التنموية والديمقراطية، إلا أن ذلك لم يمنعه من إبداء الاستعداد للتضحية، والتصرف بشهامة، والإتيان بالفعل الصحيح، لأنه رجل شب على التضحية، والإخلاص، والوفاء والوضوح ولا يمكن أن يفرط باي من هذه المبادئ مهما كان الثمن. اليمنيون يدركون هذا المعنى تماماً، لكن تقع علىهم اليوم مسئولية التفريق بين القوى التي وضعت نفسها في خندق واحد مع المقاومة، وبين تلك التي تخندقت في السفارات الأجنبية وتعهدت لأعداء الأمة بالتزام الصمت إزاء كل المجازر الصهيونية وإفشال أي موقف شعبي يمني للتضامن مع صمود الشعب الفلسطينيواللبناني. من الواجب الشرعي على اليمنيين أن يراجعوا أوراق الشارع المحلي ويتحققوا ممن تخلف عن المسيرات، وعن حملة التبرعات، وعن حشد الرأي العام لصالح المقاومة.. من أجل أن يفرزوا هذه القوى، ويعزلوها، وينزعوا أية ثقة منها كي لا تتحول اليمن إلى سوق نخاسة يباع فيه الموقف اليمني على أبواب السفارات الأجنبية التي سخرت كل إمكاناتها المادية والمعنوية تحت تصرف الكيان الصهيوني ليتمادى في إبادته الوحشية للمسلمين الأبرياء، وفي هدم منازلهم وبناهم التحتية.. فمن كان مسلماً عليه الدخول في خنادق دعم المقاومة، ومن كان غير ذلك فليلتحق بركب المتسولين على أبواب أعداء الإسلام!