اسرائيل ومن خلفها الولاياتالمتحدةالامريكية لن تألو جهداً في سبيل تحقيق غاياتها وأهدافها في منطقة الشرق الأوسط بصورة أو بأخرى. ومما لا شك فيه أن تزامن الخطوات السياسية المتبعة لمعالجة أزمة لبنان على الصعيد الدولي مع تصاعد حدة القصف الاسرائيلي للمناطق اللبنانية، واشتداد المواجهات العسكرية بين القوات الاسرائيلية والمقاومة اللبنانية «حزب الله» ومحاولات الحكومة الاسرائيلية تحقيق انتصار عسكري والتقدم صوب الليطاني بفاعلية أكبر رغم تكبدها خسائر فادحة في الآليات والمعدات والقوة البشرية أكثر من أي وقت مضى منذ بدء الحرب الحالية، يعكس فعلاً وجود نوايا اسرائيلية مبيتة وانتهاز فرصة الهدوء النسبي سياسياً لإحراز تقدم عسكري غير متوقع، يمثل آلية مفروضة خلال الفترة القليلة المقبلة لتطبيق القرار رقم (1701) الصادر من مجلس الأمن الدولي بإجماع الدول الخمس عشرة أعضاء المجلس. لقد تمكنت اسرائيل خلال الأيام القليلة الماضية من مضاعفة آلياتها وقدراتها العسكرية ثلاثة أضعاف حسب تأكيد الناطق الاسرائيلي، والتأكيد على أن العمليات البرية الاسرائيلية ستستمر أياماً أخرى رغم صدور قرار مجلس الأمن الدولي بوقف العمليات العسكرية، والذي يعني أن هناك تفسيرات اسرائيلية أخرى لقرار مجلس الأمن الدولي، وبأنها المعنية بتنفيذه من خلال حوارات مع الحكومة اللبنانية خاصة وأن تراجع القوات الاسرائيلية قد ارتبط ارتباطاً وثيقاً بنشر قوات الجيش اللبناني، مما يعني أن اسرائيل تمتلك المبررات لعدم تراجعها وتقيدها ببرنامج زمني محدد للانسحاب الاسرائيلي من لبنان بحجة عدم فاعلية انتشار الجيش اللبناني والتشكيك في خطة الانتشار هذه بوجود عناصر من «حزب الله» فيها أو عدم فاعليتها في إحداث تراجع لحزب الله والمقاومة وتجريدها من قدراتها وفاعليتها العسكرية لدرجة أن إطلاق قذيفة من هنا أو هناك ممكن أن يدفع القوات الاسرائيلية إلى التوغل في جنوبلبنان صوب الشمال بحجة القضاء على «حزب الله» مجدداً. إن اعتقاد البعض أن حرب لبنان والأزمة اللبنانية قد انتهت اعتقاد خاطئ وخدعة لا أكثر، فأزمة لبنان والعمليات العسكرية الفعلية بدأت للتو بصدور القرار الدولي (1701) لافتقاده لمقومات السلام العادل والحلول المنصفة الكفيلة بمعالجة جذور الأزمة، وافتقاده للوضوح الذي يجعل له تفسيرات عدة وفق أمزجة أطراف الصراع المختلفة، بمعنى أن القرار خلق هوة لخلق تقارب بين الأطراف المتصارعة يجعل من الصعب تطبيقه على الأرض، بدليل أن الخارجية الامريكية شككت في جدوى القرار، ووجهت الخارجية البريطانية تحذيراتها لدمشق وطهران من اندلاع حرب واسعة لمواقفها المتعارضة مع الإجماع الدولي، وبمعنى أوضح فالقرار يهدف إلى زعزعة الجبهة اللبنانية وخلق التباين والخلاف في صفوف القيادة اللبنانية وخلق الانقسام أكثر من محاولة معالجة الأزمة وإيقاف نار الحرب. إن الأزمة اللبنانية والحرب العربية الاسرائيلية السادسة والدمار في لبنان لن يوقفه قرار مجلس الأمن الدولي «1701» الذي لا يعدو كونه قراراً دولياً مماثلاً للقرار الدولي (242) الذي شكلت وجهات النظر المتباينة له سبباً رئيساً لإجهاضه وعدم تطبيقه. إنني التمس من القراء الأعزاء لهذا المقال التماس العذر لي لهذه النظرة التشاؤمية حيال القرار الدولي الجديد «1701» الخاص بمعالجة أزمة لبنان، وإذا كانت بوادر القبول من الأطراف المتصارعة بهذا القرار الدولي، فإنني أجد من الصعوبة بمكان تطبيق هذا القرار على الواقع. إننا نتطلع أن يكون هذا القرار الدولي «1701» قراراً ناجحاً يكفل إيقاف الحرب الشرسة وتداعياتها والدمار الذي حل بلبنان وإعادة اللاجئين وإعادة الاستقرار والأمن الكامل للمنطقة العربية ولمنطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص بعد المواجهات العنيفة والخسائر الفادحة للأطراف المتصارعة على مدى شهر أو أكثر. إن صدور مثل هذا القرار يمثل خطوة إيجابية لا تكتمل إلا مع تطبيقه على الأرض، والذي يجعل من هذا القرار الدولي (1701) محط آمال ومخاوف عربية واسعة بحجم امتداد الوطن العربي من المحيط إلى الخليج.. والله من وراد القصد.