أخيراً قرر محمد قحطان إسدال الستار على مسلسل مهازل هستيريا اللقاء المشترك، ولكن بحلقة هي الأشد جنوناً، وسخرية، وإن كانت من نفس عالم الخيال والأساطير الذي تستمد منه قيادات المشترك قصصها. الحلقة الأخيرة من بطولات محمد قحطان السياسية تتلخص فكرتها في أن قحطان قرر صباح الجمعة أن يدعو جميع الإصلاحيين والإصلاحيات، والاشتراكيين والاشتراكيات، والناصريين والناصريات، الأحياء منهم والأموات للتجمع في وسط ميدان التحرير.. ثم دعوة فرق الأممالمتحدة لإحصائهم فرداً، فرداً والتأكد هل أن أعدادهم هي بنفس الأرقام التي أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات لصالح مرشح اللقاء المشترك فيصل بن شملان أم أكثر.. فهو يراهن أنهم أكثر عدداً مما حصل عليه بن شملان. هذه ليست مزحة، أو من باب السخرية وإنما هذا هو ما قاله محمد قحطان في المؤتمر الصحافي الذي عقده صباح الجمعة وحضره أربعة صحافيين فقط، ومن لا يصدق فليسأل قحطان نفسه أو ليسأل صحفيات بلا حدود الوكيل المعتمد لتوزيع إشاعات وتصريحات أحزاب اللقاء المشترك عبر وسائل الموبايل. ربما علينا التفاخر بأن لدينا من السياسيين في المعارضة ما لم يحظَ به أحد من قبلنا في طريقة تداولهم العمل السياسي، والمنافسة الانتخابية.. ولو كنت بدل قيادة المؤتمر الشعبي العام لأعلنت على الفور ترحيبي الحار بمشروع محمد قحطان، ولتبرعت بالملايين لتمويله، ولحشدت كل كوادر المؤتمر للتعاون مع المشترك في نقل أعضائه أو أنصاره من جميع المحافظات إلى ساحة التحرير، والتعاون مع فرق الأممالمتحدة الذين سيحضرهم قحطان لإحصاء أعدادهم.. لأن هذه الطريقة هي الوحيدة التي يستطيع بها المؤتمر إقناع قحطان وبقية قيادات المشترك بأن أعضاءهم صوتوا للرئيس علي عبدالله صالح، وأنهم أصبحوا منبوذين حتى داخل تنظيماتهم، وأنهم لم يعبروا عن إرادة تنظيماتهم حتى في اختيار مرشحهم للانتخابات الرئاسية.. علاوة على إثبات صدق قول الرئىس صالح بأن هناك عناصر شريفة في الإصلاح والاشتراكي سيصوتون له. أعتقد أن هستيريا الهزيمة أفقدت المشترك منطق الحسابات السياسية، ولغة الخطاب الإعلامي الحصيف حتى لم يعودوا يفرقوا أي ادعاء لصالحهم وأي ادعاء يحسب ضدهم، ويخدم رؤية منافسهم. منذ بدء العملية الانتخابية وحتى اليوم تنهال علينا تصريحات محمد قحطان كالمطر.. وكلها تحديات، ومراهنات اسطورية، تبدأ بالرهان على تحريك الشارع وقلب الطاولة على الحزب الحاكم، ثم بفوز فيصل بن شملان بنسبة لا تقل عن 80% وآخرها دعوة الأممالمتحدة لإحصاء الأعضاء المنتمين لأحزاب اللقاء المشترك ومقارنتهم بنتائج مرشحها بن شملان. والأغرب في كل هذا أن قحطان لا يتعلم الدرس السياسي أبداً.. فبدلاً من تحريكه الشارع ضد السلطة تحركت عشرات آلاف الجماهير اليمنية في محافظة إب وعدن والمحويت في تظاهرات عارمة تطالب قيادات حزب الإصلاح بإعادة المليارات التي استولوا عليها من الأموال التي دفعها الرئىس صالح كتعويض لضحايا شركات المنقذ والسنابل وغيرها التي نهبت بها قيادة الإصلاح أموال الناس بحجة استثمارها.. فكان أن سرق الجمل بما حمل! وبدلاً من أن يفوز بن شملان بنسبة 80% فاز الرئىس صالح بهذه النسبة وخرج محمد اليدومي على شاشة الجزيرة يخفف وقع الهزيمة فيقول إن بن شملان هزم بنسبة 40% مقابل 60% للرئىس صالح.. وبدلاً من أن يقلب قحطان الطاولة على الحزب الحاكم بالوثائق والسندات المزورة التي أشهرها في مؤتمر صحافي لإثبات الفساد المالي للحزب الحاكم فوجئ بإلقاء القبض على حسين محمد الذرحاني المرافق الشخصي للمرشح بن شملان بتهمة الإرهاب وحيازة متفجرات وأسلحة متوسطة ضمن مخطط استهداف المنشآت الاقتصادية الحيوية لليمن، ورغم أنه خرج على شاشة الجزيرة ليدعي أن الذرحاني رجل أمن اخترقت به السلطة اللقاء المشترك إلا أن الجواب جاءه بعد ساعة بأن الذرحاني هو حسين محمد صالح مجلي أحد قيادات الاصلاح فرع مديرية جبن، وأنه مؤسس معهد جبن العلمي، الذي كان يديره الإصلاح قبل إلغاء المعاهد العلمية، وأنه حلقة الوصل مع الخارج في جمع التمويلات المالية من الجمعيات الخيرية في دول الخليج. المشكلة أن محمد قحطان وآخرين ما زالوا يخاطبون اليمنيين على أنهم شعب مغفل تنطلي عليه الأكاذيب، والإشاعات.. وليس كشعب واعٍ تجاوز زمن الجهل وأصبحت لديه عقول بارعة تدير المؤسسات وتبتكر الاختراعات، وتشارك في المحافل الدولية، وتقرأ الصحف والتحليلات وتستطيع التفريق بين خطاب مأزوم نابع من انفعالات الهزيمة الساحقة، وهستيريا الفضيحة.. وبين خطاب سياسي موزون ينطلق من وعي، وفكر وطني، ورؤى استراتيجية للعمل السياسي الوطني انطلاقاً من أرضية المعارضة. ومهما يكن عليه الحال فإن سيناريوهات المشترك سقطت جميعاً ولم تعد ذات جدوى لأن المراقبين الدوليين كانوا شهوداً على العرس الديمقراطي اليمني، وقد أشادوا جميعاً بنزاهة الانتخابات، وأعلنوا تزكيتهم، ومباركتهم لليمن.. فليقل ما يشاء، وليقترح ما بدا له، فقد سبق أجدادنا القول: «ما مع المشنوق إلا لسانه»!