لم يحظ بلد بعلاقة أقوى من علاقة الشعب اليمني برئيسه، وعلاقة الرئىس بشعبه حتى يخيل للمرء أنها علاقة أسرة وليست علاقات دولة. اليوم تستحضر ذاكرتي ثلاثة مواقف شكل فيها الرئيس صالح وشعبه أقوى جبهة وطنية.. الأول في عام 1981م عندما استبد نفوذ الجبهة الوطنية المعارضة للشطر الشمالي وبدأت تمارس في مناطق الأطراف حرب عصابات طاحنة أراقت دماء مئات اليمنيين من أبناء المناطق القريبة من الحدود التشطيرية، واستخدمت أحدث التكنولوجيا الحربية الروسية «السوفيتية» لتخريب المدن وإشاعة القتل والاغتيالات والاختطافات حتى بلغ الوضع حداً مأساوياً. لكن الذي حدث هو أن الرئيس علي عبدالله صالح راهن على وحدة ساحقة الوطنية ، وعلى أبناء الشعب اليمني نفسه في وضع حد لحروب العصابات والخراب الذي يطول بلاده.. فاحتشت جماهير اليمن «الشطر الشمالي » من كل صوب ، وتشكلت بفصائل ماسميت ب«الجيش الشعبي» وهبت المقارعة المعتدين ، فالحقت بهم هزيمة شنعاء ليس من كتاب تاريخي إلا وتحدث عنها ، ثم انتهى الأمر بإعلان الرئيس علي ناصر محمد «الشطر الجنوبي» حل الجبهة ونزع سلاحها ، وايقاف كل الدعومات الحكومية المقدمة لها ، حيث أن الرجل كان يحترم الرئيس صالح كثيراً وفي عهدهما تحركت فعلاً عجلة مسيرة الوحدة اليمنية. أما الموقف الثاني فهو عام 94م بعد قيام القيادات الانفصالية باشعال فتنة الحرب التشطيرية مجدداً.. ويومها هب الشعب اليمني للوقوف في خندق واحد مع الرئيس صالح باعتباره يحمل صنعة الشرعية الوطنية والدستورية.. ولم يكتف أبناء شعب اليمن بالتوجه إلى جبهات القتال للدفاع عن وحدتهم التي لطالما حلموا بها وبذلوا التضحيات لأجلها ، بل أن قوافل المواد الغذائية اغلقت الطرق المؤدية إلى جبهات القتال ، ولم يبق بين يمني لم ينشغل بعمل الكعك وغيره للمقاتلين وسمعنا قصصاً عن نساء يضعن خواتم الزواج في بطون الكعك من أجل شد عزائم الرجال المدافعين عن الوحدة فكان أن انتصرت اليمن ، وانتصر الشعب وانتصر الرئيس. الموقف الثالث كلنا عشناه فهو الذي شهدته الانتخابات الرئاسية اليمنية الأخيرة.. ورغم شدة التنافس ، وماساد من خطاب إعلامي للقاء المشترك فإن اليمنيين خرجوا يوم العشرين من سبتمبر مبكرين للادلاء باصواتهم للرئيس صالح ونصرته على من جحد النعمة وأراد المغامرة بالوطن في اتون فتف وصراعات لطف الله اليمن منها .. ففاز الرئيس علي عبدالله صالح فوزاً كاسحاً مشرفاً من موقع القوى الواثق المقتدر..، وفازت معه اليمن وشعبها برجل صادق ومخلص قادر على قيادة الوطن إلى بر الأمان ، ومستقبلها الزاهر. اليوم الرئيس علي عبدالله صالح يرد الوفاء بالوفاء ، فينصر شعبه على قوى الفساد ، ويوسع الديمقراطية والحريات أمامهم.. فيقرر تشكيل هيئة مكافحة الفساد ، وتدوير الوظائف الحكومية بحيث لايبقى المسئول في منصبه لأكثر من أربع سنوات ، ويقرر أيضاً انتخاب المحافظين وأمناء المجالس المحلية. ليس جديداً على الرئيس صالح أن يخلص لشعبه ، وأن يفي بوعده ، وأن يحقق إنجازات لشعبه لكن الرائع في الأمر كله أن يضع نفسه بين البسطاء وعامة المواطنين في خندق واحد لمواجهة غول الفساد الذي نعرف جميعاً أن الحرب ضدها ليست بالسهلة ، وأن الفساد بامكانياته المادية وبوسائله غير الشريفة سيحاول حماية نفسه ومعاقلة ولن يستسلم بسهولة أمام القوى الخيرة التي ستواجهه.. وبالتالي فإنه تحدى كبير قرر الرئيس صالح قيادة الحرب ضده ، وحمل معاناة المواطنين على عاتقه ، والقبول بالنتائج مهما كانت خطيرة فالأمر بالنسبة له قضية مصيرية يؤسس على نتائجها مستقبل الشعب اليمني وأجياله. هذه العلاقة الحميمة بين الرئيس صالح وشعبه هي وحدها من تجعلنا نتفاءل كثيراً جداً بأن اليمن على موعد قريب مع النصر على الفساد بإذن الله تعالى وبتكاتف كل الخيرين الشرفاء من أبناء اليمن.