نساء من «20» دولة يلتقين في صنعاء بحثاً عن فرصهن الضائعة في التحول وتنمية المشاركة الديمقراطية.. فياترى ما الذي سيجدنه في زحمة النكسات والهزائم التي منيت بها المرأة العربية في صنعاء، والمنامة والكويت وغيرها من العواصم !؟ لاسبيل للمكابرة والإدعاء أن المرأة تحقق الانتصارات تلو الانتصارات ، وأنها تمسك بشيء من القرار السياسي في هذا البلد أو ذاك، فمازال الواقع يؤكد أن المرأة الكويتية عجزت عن بلوغ بداية مجلس الأمة، والمرأة البحرينية ظلت «محلك سر» والمرأة اليمنية بعد «16» عاماً من الديمقراطية فوجئت بأن القوى السياسية التي يفترض بها الوعي هي أول من تتنكر لحقها في المشاركة السياسية، بل إن بعضها أفتى علناً بتحريم ترشيح المرأة كما فعل حزب الإصلاح الذي يعد أكبر أحزاب المعارضة اليمنية. النساء في أرجاء المعمورة يتساءلن بدهشة عما وراء ما يحدث.. وهن اليوم يراجعن في صنعاء حسابات العامين المنصرمين ، ويفتشن عن الفرص الضائعة منهن.. وكم كنت أتمنى لو فتشن أولاً في حقائبهن اليدوية علهن يكتشفن شيئاً من الحقيقة.. وبتقديري لواقع الحال إنهن لن يجدن شيئاً لأن الانجاز لم يكن غير تنظير في قاعات مغلقة، وشعارات تكتبها صحافتنا «المنافقة» في غير مواسم الحسم الانتخابي، والتشكيل الوزاري ومن غير ان يجرؤ أحد على مصارحتهن بأن الحكومات تشجعهن على المضي بمبادرات التنظير خوفاً من خروجهن إلى الميدان الفعلي والعمل على تغيير الواقع، وفرض أنفسهن عليه، وبالتالي فضح الذكورية الاحتكارية للعمل السياسي والمهني الذي أكدت التجارب وإن كانت قليلة تفوق المرأة ونزاهتها في الإدارات الحكومية مثلما هو عليه حالها في المنظمات غير الحكومية. مشكلة النساء الرئيسية أنهن مازلن يولين العمل التنظيري أولويات اهتماماتهن، فكان أن اصطدمت المرأة في بلد مثل اليمن بواقع مرير ، خذلها إلى أبعد الحدود في الانتخابات المحلية السابقة.. فقد اكتشفت في الوقت الضائع أن الوعود والمواثيق التي اطلقتها جهات حزبية، ورسمية لم تكن سوى مورفين» تتجرعه على مضص، لأنه تفضل البقاء على الموت في كهدف الثقافات الاجتماعية القاتلة. لم تكن المرأة باعتقادي مخطئة في قبول جرعات «المورفين» الحكومي والحزبي، لأنها أصلاً تؤمن بأن نضالها موجه لتغيير هذا الواقع نفسه.. وعليها ان تصبر، أو على حد تعبير الكاتبة الانجليزية «ايميلي برونتي» : عليها ان «تتمسكن حتى تتمكن» مع اختلاف بسيط هو انها لاتتمسكن مذلة وانما صبراً حتى تحشد لنفسها أنصاراً مؤمنين فعلاً بحقها في المشاركة. ولكن مع تجلي الكثير من الحقائق أمام المرأة لاينبغي عليها الركون على الدوام إلى بث شكواها خلف أبواب القاعات المغلقة التي اعتادت التواجد فيها..بل إن عليها أن تقتحم الواقع الميداني وتبدأ بتسوية ساحاته في أوقات مبكرة عن أية ممارسة انتخابية تتطلع إلى المشاركة فيها. ففي كل مكان تتجحفل عقليات رجعية لمطادرة المرأة ومنعها من اقتحام أي مضمار قد يتسبب في فضح عوراتهم.. وفي كل مكان هناك موروث ثقيل من التخلف والجهل والعادات والتقاليد تطارد المرأة أني ذهبت في هذا العالم الفسيح.. وفي كل مكان مازالت النظرة الشبقية الرخيصة تطيح بآليات تفكير العقل الذكوري عندما يقف أمام المرأة.. وجهاً لوجه، ومبدأ التخطيط للتعامل المشترك معها.. وفي كل مكان هناك نساء نشيطات ومكافحات ومرئيات ، ولكن أول من يقطع الطريق عليهن مؤسسات ومنظمات نسوية ناطقة بلسان المرأة تمارس عملها على طريقة الببغاوات الذكية التي كل ميزتها أنها سريعة الحفظ والتكرار لكل ما يملى عليها أو يرد مسامعها. المرأة اليوم بحاجة لأكثر من انتفاضة واحدة، تفجرها على المؤسسات التقليدية للمرأة التي تقف حائلاً أمام تقدمها.. وأخرى على القوى السياسية التي تدعي التحرر وتضلل الجماهير بشعاراتها وبياناتها.. وعلى الإعلام الذي لايجيد مناصرة قضاياها وتقف بليداً أمام كل المؤامرات التي تحاك ضدها.. وعلى الواقع الاجتماعي والثقافي الذي تكرسه رموز المجتمع لحماية المصالح الشخصية.. أما ما يتعلق بالدولة فلا اعتقد انها ستصمد أمام واقع متحول.. ولا اعتقد ان في الحكومات العربية رجالاً كثيرين سيدعمون المرأة حتى وان أقسموا أغلظ الأيمان فكيف للمرأة ان تصدق ان هناك من سيعينها على تجريده من حقيبته الوزارية أو إدارته العامة.. وختاماً ألف تحية لمنتدى الشقائق المتألق دوماً في سماء اليمن، والمبادرة الأولى إلى صناعة غد المرأة المشرق.