العديد من المتغيرات والقوى العالمية وعلى رأسها العولمة وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والحواسب الآلية ومفاهيم الجودة الشاملة والإدارة بالأهداف توجب إحداث واقع جديد يفرض على الجهاز الإداري للدولة أن يتخلى عن مفاهيمه وأساليبه التقليدية التي تتسم بالبطء والبيروقراطية والجمود والتعقيد وارتفاع التكلفة وإهدار الموارد ونقص الجودة. الجهاز الإداري للدولة عليه أن يتبنى فلسفات إدارية جديدة لتطوير قدراته الإدارية وأن يحقق الأهداف التي قام من أجلها بكفاءة وفعالية، ولتحقيق هذا الهدف أظهر الأخ رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح حفظه الله توجهه نحو التغيير الإداري بحزمة من الإصلاحات ومنها تدوير الوظيفة كخطوة لإحداث واقع جديد، وتدوير الوظيفة الإدارية ابتداء من رؤساء الأقسام وانتهاء بوكلاء الوزارات ورؤوساء المصالح خطوة هامة نحو إجتثاث الفساد، حيث أن أي مسئول إداري مهما كانت قدراته وإمكانيات عطائه المتجدد تنفذ أثناء فترة حددها علماء الإدارة وعلماء النفس بفترة زمنية هي أربع سنوات ثم يكون الملل والجمود والفساد، والمسئول الذي طال بقاؤه في المنصب الإداري والذي أصبح لا يملك أي جديد يقدمه وحتى يحافظ على منصبه يبدأ بالمجاملة والمداهنة وإقامة العلاقات الواسعة على حساب المصلحة العامة والمال العام، وعند شعوره أنه أصبح في مأمن من المساءلة، وعندما يعتقد أنه لايستطيع أحد تغييره يسترخي ويحلو له النوم والكسل ويعامل من لايرجو منه الفائدة بكبر وقسوة وعنجهية، ولو أنه علم أن فترته محدودة وأنه بعد فترته لابد حتماً أن يترك هذا الموقع لينتقل إلى موقع آخر يجدد نشاطه أو إلى منزله حسب تقييم أدائه وتحقيق أهداف الموقع القيادي الذي كان يشغله، وغاية تدوير الوظيفة الإدارية في مواقعها القيادية الانتقال بالوطن إلى مرحلة جديدة من البناء، والتنمية، والتميز، والتغيير نحو الأفضل، وإدارة حديثة تخدم المواطن وتعزز دولة المؤسسات عن طريق إصلاح الإدارة وتحديثها، والتمسك بالمنصب هو مرض رئيسي يصيب الإدارة وتظهر أعراضه العديدة ومنها: الفساد والجمود في البناء الهيكلي، وتوقف بناء القدرات المؤسسية في الجهاز الحكومي، وعدم الالتزام بمعايير الكفاءة والنزاهة في اختيار الموظف، ومن العقاقير الناجعة لمعالجة الأمراض الإدارية تدوير الوظيفة كوصفة واضحة لمعالجة كثير من الآفات التي استشرت في صفوف الموظفين سواءً تعلقت بعدم الإحاطة بواجبات الوظيفة وأصول أدائها، أو تتعلق باستخدام الوظيفة لتحقيق أغراض ومآرب شخصية ومنها الرشوة والمحسوبية كمقابل قيام الموظف بواجباته الأساسية، وفي تدوير الوظيفة معالجة جانب القصور القيادي، ليكن في الأجهزة الإدارية قادة يحيطون بفنون الإدارة المختلفة وتتوفر فيهم القدرة على التوجيه والتنسيق والرقابة على مرؤوسيهم وذلك لتحقيق الأهداف التي ينشدها النظام السياسي في المستقبل، وكان التركيز على تدوير الوظيفة هو التمسك بفنون الإدارة ومتطلباتها بعد أن غدت هذه الفنون تعتمد على قواعد وأصول ومقاييس علمية لا على التجربة والخطأ، كما أن تدوير الوظيفة يعني تلقي القادة تدريباً إجبارياً كل فترة ليتابعوا التطورات العلمية المختلفة في مجال الإدارة، وبتدوير الوظيفة تعالج العيوب وتسمح للعاملين في المنظمة الإدارية إدارة دفة المنظمة، والحد من أمراض البيروقراطية بحيث يمكن في إطار هذا التدوير أن تتحرر الإدارة من القيود والروتين الحكومي في سبيل الوصول إلى الإصلاح الإداري واتباع القواعد الإدارية الحديثة، وهو مايتطلب في المقام الأول إحداث تغيير جذري في نطاق العمليات الإدارية داخل الإدارات المختلفة وزيادة المرتبات والأجور والبدلات، والالتزام بمعايير الكفاءة والنزاهة في اختيار الموظف العام، وهذا لن يتم بواسطة رئيس إداري مله عمله بطول فترة بقائه، وبشعور هذا القيادي أنه لن يتغير من موقعه سواء أحسن أم أساء، قال تعالى «وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولاتنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولاتبغي الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين» صدق الله العظيم. - عميد كلية الحقوق / أستاذ الإدارة العامة جامعة تعز