هل جرب أحدكم تعبئة سيارته ببترول «خالٍ من الإرهاب» .. بالتأكيد لم تجربوا ذلك مادمتم تعيشون في اليمن، أو في إحدى البلدان العربية.. فهذه الدول لا تستورد هذا الصنف من البترول بل تصدره إلى أسواق الولاياتالمتحدة.. البترول الموصوف بأنه «خالٍ من الارهاب» بات محط أنظار الشعب الأمريكي.. وبعض الأمريكيين يقودون سياراتهم لمسافات قد تبلغ 70ميلاً من أجل شراء هذا الوقود طبقاً لما أكده الناشط الأمريكي «جو كوفمان» المعروف بولائه لاسرائيل في لقاء تلفزيوني مع قناة «إن بي سي» المتخصصة في الترويج للبترول الخالي من الارهاب .. ويعلل «كوفمان» سبب تحمل الأمريكيين هذه المشقة بقوله «لأنهم يتفادون دفع أموالهم في نفط يأتي من الدول العربية أو الإسلامية»!! القصة وما فيها هي أنه مع فجر العام الجديد اعلن امريكيون مناهضون للعرب والمسلمين، وداعمون لاسرائيل عن إنشاء أول محطة تعبئة وقود في أمريكا على الاطلاق لا تبيع للنفط العربي، وعن حملة تدعو إلى إنشاء المزيد من محطات وقود السيارات التي لا تبيع ولا تستفيد من النفط القادم من الدول العربية واطلقوا على حملتهم اسم : «بترول خالٍ من الارهاب فلم يعد العربي المسلم وحده المتهم بكونه «ارهابي» بل ان النفط المستخرج من أراض عربية متهم بالارهاب أيضاً .. ومن المتوقع ان تصدر وزارة الخزانة الأمريكية في فترة قادمة قراراً بإدراج البن اليمني، والبلح السعودي، والتفاح اللبناني، والزيتون الفلسطيني ، والفول المصري، والموز الصومالي، والبطيخ السوري ضمن قائمة المتهمين بممارسة الارهاب والتي يجب تجميد ارصدة الشركات المصدرة والموردة لها. يقول القائمون على الحملة الأمريكية الجديدة ان اهداف حملتهم هي : «تشجيع الأمريكيين على شراء الوقود القادم من دول لا تقوم بتصدير الارهاب أو تمويله» وكذلك تثقيف الشعب الأمريكي من خلال دعم الشركات التي تمتلك امدادات من النفط الخام في دول خارج منطقة الشرق الأوسط ومن خلال كشف الشركات التي لا تقوم بهذا، علاوة على خلق جدل صحي فيما يتعلق بايجاد أساليب بديلة لانتاج الوقود واستهلاكه . الأمريكيون بدأوا في حملتهم لمقاطعة النفط العربي من حيث فشلنا نحن في مقاطعة اسرائيل والمنتجات الأمريكية والدانمركية .. والحملة الأمريكية تلقى رواجاً كبيراً، وتم فتح موقع الكتروني لمتابعة أخبارها ، والحديث والتعبئة فيها .. فيما مازلنا نحن في اليمن مشغولين بمتابعة جلسات محاكمة الصحف التي أعادت نشر الصور الكاريكاتورية المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم التي انتجتها إحدى الصحف الدانمركية. وفي كل بلد عربي إسلامي هناك مشكلة وشغل شاغل ينهمك فيه أهله وحكوماتهم في الوقت الذي يواصل العالم الآخر حربه العسكرية، والسياسية والاقتصادية والثقافية على كل بلد من بلداننا التي تغرق قواها السياسية الوطنية في التفكير بالكيفية التي تطيح بنظام حكمها .. وبالكيفية التي تتواصل بها مع المنظمات «الحقوقية» الاجنبية وبالكيفية التي تحصل بها على دعم هذا النظام أو ذاك لتمويل حرائق الفتنة والتمرد داخل الوطن.!! لسنا بحاجة إلى مزيد من الدلائل والبراهين لاثبات حقيقة الحصار الذي يسعى المخطط الصهيوني الذي تنفذه الإدارة الأمريكية لفرضه على عالمنا العربي والإسلامي .. حروب فتن مذهبية، حصار اقتصادي، عنف سياسي حزبي.خروقات أمنية تبعيات مدنية ممارسات ديمقراطية زائفة فلسفات ودعوات فكرية مسمومة .. والكثير غيرها مما بات جزءاً من واقعنا العربي المعاش.. لكن مع هذا مازال البعض يتمادى في غيه بتبريرات ميتافيزيقية لا منطق لها في غير رأسه المشبع بالاوهام وشهوات انتزاع السلطة بأي ثمن كان! حملة «بترول خالٍ من الارهاب» تؤكد ان الولاياتالمتحدة والكيان الصهيوني يعدان العدة لمرحلة أعظم خطراً مما هو كائن اليوم وتستوجب التعبئة العدائية العنصرية لها بالضبط كما تفعل القيادات العسكرية حين تتولى تعبئة جنودها معنوياً قبل خوض الحرب .. فربط المنتجات العربية والإسلامية بالارهاب هو تكريس لالحاق التهمة بكل ما هو عربي إسلامي وتكريس للصراع الحضاري. من حسن حظنا في العالم العربي والإسلامي أننا دول متخلفة وغير صناعية .. واننا أسواق لمنتجات الولاياتالمتحدة والغرب بشكل عام وليس لدينا سلع تدخل الأسواق الأمريكية باستثناء دول الخليج التي تصدر البترول إلى تلك الدول .. وبالتالي فهي أول المعنيين بالتصدي لهذه الحملات العنصرية وعليها استخدام نفطها من الآن في الدفاع عن مصالحها. وبما أننا أمة واحدة تقع المسؤولية على العالم العربي والإسلامي قبول الرهان الأمريكي ومواجهته بمقاطعة مماثلة وليثق الجميع بأننا سنكسب الرهان لو فرضنا إرادتنا وحسبنا بشكل صحيح حجم الخطر الذي يهدد أجيالنا!.