أنجز مجلس الشورى اختيار أعضاء اللجنة العليا لمكافحة الفساد.. هذا يعني إقراراً بوجود الفساد، ولم يعد إنكاره منطقياً ولا موضوعياً.. ولا يجب أن نعيب أو نكذّب أو نتهم أي أحد يتحدث وينتقد الفساد الموجود.. حتى مجرد الرد على من ينتقد الفساد عيب كبير بعد أن أقر مجلس الشورى بوجود الفساد، واختيار لجنة عليا لمكافحته. ما دام هناك اعتراف بالفساد فهذا شيء عظيم، وموقف جاد ضد الفساد، والنية صادقة لمكافحته.. وهو ما أكده الأخ الرئيس/علي عبدالله صالح، في برنامجه الانتخابي.. وما تشكيل أو تسمية مجلس الشورى كمؤسسة من مؤسسات النظام في الجمهورية اليمنية إلا الخطوة الأولى لترجمة برنامج الأخ الرئيس في مكافحة الفساد. نأتي بعد اللجنة العليا إلى تشكيل لجان لمكافحة الفساد في المحافظات، ثم لجان لمكافحة الفساد في المديريات.. من الذي سيرشح هذه اللجان الفرعية لمكافحة الفساد..؟ يفترض أن اللجنة العليا قد شكلت وسيصدر بها قرار، وهذا يعني أن الثقة قد منحت لها، فلماذا لا يترك لأعضاء اللجنة العليا ترشيح لجان مكافحة الفساد في المحافظات والمديريات بحسب معرفتهم للشخصيات والكوادر النزيهة وذات الخبرة والأمينة والصادقة. وعلى افتراض أن اللجنة العليا وفروعها في المحافظات والمديريات اكتمل تشكيلها فبأي آلية ستعمل، وبماذا ستهتدي في عملها..؟ لأن اللجنة العليا وفروعها يصعب عليها الوصول إلى كل مواقع الفساد، والاطلاع عليه، وإتمام إجراءات التحقيق حوله، واتخاذ القرار ضد الفاسدين.. وهذا يعني أنه لابد أن تكون هناك آليات فنية وإدارية وقانونية ومحاسبية ورقابية تقوم بتتبع الفساد في الأجهزة التنفيذية والمحلية، وتبدأ بإجراءاتها الأولية بجمع كل وثائق الفساد ورفع تقريرها، مرفقة به الوثائق إلى اللجان الفرعية سواء في المديرية أم في المحافظة أو في العاصمة «اللجنة العليا». وهذا يعني ضرورة وجود قضاة يتبعون اللجان الفرعية والعليا تحال إليهم الملفات للاطلاع والحكم فيها.. الأمر الذي يتطلب قانوناً لمكافحة الفساد، يقضي بموجبه قاضي محكمة مكافحة الفساد.. أما الآلية الرقابية المحاسبية، الفنية، الإدارية، القانونية فسوف تسترشد لتحديد هذه القضية كقضية فساد من عدمه بقانون الخدمة، وقوانين الجهاز المركزي والقانون المالي وقانون المناقصات وغيرها، إضافة إلى قرارات وتعاميم الحكومة. وما دام قد رأيت أن يكون للجان الفرعية لمكافحة الفساد قضاة يحكمون قضائياً ي قضايا الفساد في المديريات والمحافظات، فإن ملفات فساد كبار المسئولين في المحافظات والعاصمة يجب أن ترفع إلى اللجنة العليا لتبت فيها، وإحالتها إلى قضاة يتبعون اللجنة العليا لمكافحة الفساد ليقضوا فيها جزائياً. ومن المهم جداً أن تتمتع اللجنة العليا لمكافحة الفساد بالاستقلالية المالية والإدارية، وذلك ضماناً لعدم وقوعها تحت أية ضغوط تنحرف بها عن مهامها ونزاهتها وأمانتها.. وأن يكون من صلاحيتها الإيقاف والتجميد لأي أحد متهم بقضايا فساد، ولا تسقط أمامها أي قضايا فساد سابقة لتكوينها وتكوين فروعها، لضمان استئصال الفساد، وما أفرزه قبل تكوينها، والوقوف على أرضية نظيفة من أي فساد.