أتراه أخطأ أو أجرم حين لوَّح وهدد الأستاذ/عبدالقادر باجمال بإمكانية حماية الوحدة بالقوة مجدداً، أم أن أولئك أصابوا وأحسنوا القول حين نادوا ب"لا.. للوحدة"؟! لقد قال باجمال/أمين عام المؤتمر الشعبي العام ما هو مقتنع به، ولعل صراحته وانفتاحه في الحديث حول هذه القضية كما غيرها من القضايا جعل المحللين والمتابعين يذهبون بعيداً عما وراء العبارة. وهذا حقهم، كما هو حقه، وحق كل ذي حق المطالبة بحقه. لكن دعونا نفكر بصوت عالٍ قليلاً: إذا تكرر ارتفاع الأصوات المنادية بالشطرية والانفصال وصاحبها لعلعة الرصاص، أيكون مقبولاً سكوت الشعب والسلطات عن هؤلاء؟!. من البديهيات: "كلما تعزز اتجاه في اليسار تعزز اتجاه في اليمين" وبالتالي كلما علا صوت ينادي بالانفصال سيعلو صوت يتشبث بالوحدة. وبغض النظر عن الأشخاص الذين عليهم المآخذ كبشر، والآراء التي يعلنها هؤلاء البشر، وما إذا كانوا سينفذونها واقعياً، فالدفاع هنا؛ وعن المبادئ والمقدسة منها الوحدة الوطنية على وجه التحديد، ولابد من التلويح بإمكان الدفاع عنها بأية وسيلة من الوسائل المتاحة. ولقد أُريد بهذا التلويح من الأستاذ باجمال التلميح إلى أن للديمقراطية أنياباً تعض من لا يتعظ، والتأكيد على أن الوحدة مصير محتوم يتطلب - لحتميته - الدفاع عنه وحمايته.. وأن ما حدث من تراخٍ في معالجة قضية من القضايا لن يتكرر في موضع آخر، ولاتزال أمام سلطات الدولة قدرة القوة كما قدرة المناورة والحوار!. ومن الطبيعي في هذه الحالة أن يهب كل مستفيد من استمرار دولة الوحدة للدفاع عنها، وحتى وإن لم يستفد منها أحد استفادة مباشرة؛ فلن يتخلى مواطن عن وحدة أراضيه وعن دولته، أي مأواه وملاذه وملجأه مهما كان رأيه في سياساتها. ولكن قبل أن تندلع أو تلوح في الأفق بوادر أزمة فلنبادر إلى علاجها ب: الحكمة اليمانية. الرصانة اليمانية. السماحة اليمانية. أليس أهل اليمن أهل الحكمة والرصانة والسماحة؟!. ومع اعتبار هذه التصريحات وسيلة تنبيه وتحذير من خطورة التمادي في سلوك الشعارات المهدِّدة للوحدة الوطنية، والمقلِقة للسلم الاجتماعي.. والقلق في رؤوس القلقين كما الاحتقان في رؤوس المحتقنين فقط!. ومع اعتبار الصادر من الشعارات عن تلك الأطراف التي لا تعنيها قضايا المواطنين في شيء إنما تستخدمها مطية لأهدافها المبطنة، فقاقيع إعلامية تحتاج إلى من ينفخها لتنفجر في الهواء. ومع اليقين الراسخ في أهمية تنقية الأجواء السياسية من أدخنة الأزمات ومنعها من التصاعد. ومع استلهام حوادث الماضي وقراءة الحاضر واستشراف المستقبل تكون الشجاعة الحقيقية في الحكمة والحلم. وليست الشجاعة في إطلاق الشعارات الجوفاء واستعراض العضلات والاستقواء بالخارج والهروب من مشاكل السلام بدعوة الحروب.