لا أحسب أن هذا الاحتشاد الصاخب ناتج عن أسماء أحيلت إلى التقاعد أو أراضٍ أخذها بعض من لا يستحق. بداية ذكر المسؤولون أن هناك إجراءات خاطئة بخصوص المتقاعدين، وصرّح وزير الدفاع أن 96% من الحالات تمّت تسويتها. كما أن هذه الأراضي التي تم صرفها لا تقع في المنطقة الجنوبية وإنما أيضاً في المنطقة الشمالية. بل ذكر لي بعض المسؤولين أن بعض الأراضي المذكورة تم صرفها لبعض الذين يصعّدون العداوة والبغضاء في الأسرة اليمنية الواحدة الموحدة. وكان فخامة الأخ الرئيس قد أشار إلى أنه من الممكن إعلان كشوف أسماء الذين تم صرف الأراضي لهم ليعرف الناس الحقيقة. وأتمنى على الأخ الرئيس أن يعلن ذلك؛ لأن هؤلاء يريدون المزيد وليس حرصاً منهم على المال العام أو الحق الضائع. لم أعد أقرأ الصحف الحزبية لما فيها من إثارة وصلت إلى درجة لا تُحسد عليها من الابتذال. وكنت أتمنى عليها أن تعالج قضية أخطر من التقاعد وصرف الأراضي ولا تهملهما أيضاً. كنت أتمنى أن تعالج أبعاد المخططات الأكثر ضرراً بالشعب اليمني؛ وهي مخططات ليست وليدة اليوم ولكنها تنتظر الفرص لتسير وفق ما هو مرسوم لها من جهات أجنبية. هي مخططات تفتيت الوطن، ليعود كما كان في الجنوب سلطنات ومحميات وكما كان الحال في الشمال تخلفاً وجهلاً ومرضاً. لم ينكر أعلى مسؤول في الدولة أن خطأ فادحاً قد تم بحق الاخوة المتقاعدين، ولم يذكر الرئيس أن الحزب الاشتراكي قد أحال غير قليل من هؤلاء المتقاعدين إما بحسب القانون وإما لاعتبارات مناطقية كانت تصل هدفها أحياناً إلى القتل وما أحداث 13 يناير ببعيدة. أعني أن هذا التقاعد لم يكن كله خطأ الخدمة المدنية؛ دائماً اغتنم الذين أخطأ في حقهم الحزب الاشتراكي الفرصة ليثيروا هذه الضجة في سبيل أن تشملهم الفرصة وقد كانت. كنت أتمنى على الصحف الحزبية أن تفرد ولو مساحة صغيرة احتراماً لوعي الناس تبيّن أن أخطار المحميات والسلطنات تعود لتحدق بالوطن من جديد. كما أن أخطاراً أكثر محقاً وفتكاً وهو أن الانفصال لايزال هاجس كثير من أذناب الفرقة والاختلاف والاستعمار. في الجامعة والمدرسة والإعلام والمسجد لابد أن نبين الحقيقة ليعرف الناس الهدف الحقيقي، مع أننا لسنا مع ظلم أهل الحقوق، فكل من له حق لابد أن يأخذه ونحن معه. أقول لابد أن يُفضح الباطل وأهله.