استفادت هوليوود من البعد الخيالي في قصة الأمير الترنسلفاني الروماني “ فلاد تسيبش” الذي سمته الآداب الروائية الأوروبية “ دراكولا “ أو مصاص الدماء ، فتفنّنت أفلام هوليوود في تصوير بشاعات دراكولا، وقلاعه المرعبة، ومساءاته الغامضة ، ومداهماته المفجعة للضحايا، وأدواته التي كان يستخدمها في الإيقاع بضحاياه، والتمتع بامتصاص دمائهم !! ،فتحولت الحقيقة إلى واقع افتراضي وتحول الأمير الروماني إلى مجرد شخصية سيكوباتية مريضة . أساطير مصاصي الماء ليست حكراً على أوروبا فقط بل إنها متواترة في كثير من الروايات الشفاهية الشعبية في مختلف أرجاء العالم ، ففي مدينة عدن باليمن ، وعلى سبيل المثال لا الحصر كان الأطفال يتم تخويفهم بطائفة “ الجبرت “ ، الذين يشربون دماء ضحاياهم، ويعتزلون في الجبال، بل إن تلك الحكايات الشعبية تقدم وصوفاً مُرعبة لكيفية تحضير الضحية للذبح، وحتى شرب دمه النازف وهو مازال طازجاً يخرج من الجثة، وفي إفريقيا جرى الكثير من الترويع عطفاً على أكلة لحوم البشر، وقد أسهمت هوليوود بدورها في التقاط تلك الآداب الشفاهية الشعبية، وقرنتها بالكشوفات الجغرافية والمغامرات الأوروبية في أدغال إفريقيا. لقد ترسخ في الأذهان مرة وإلى زمن بعيد تلك الصورة المختلّة للأمير الروماني “ دراكولا “ ، وظل العالم لا يرى من هذه البلاد وتفاصيلها سوى ما صنعته آلة السينما والآداب التجارية، وتلك واحدة من صنائع “ البربوجاندا “ التي حاولت من قبل إقناع العالم بغباء العسكرية الألمانية، ووحشية السكان الأصليين في إفريقيا، واستغراق العرب في الملذات وعصور الحريم، ومقابل كل ذلك وبكل صفاقة ، شجاعة وشهامة ونظافة الأقحاح الأمريكان ناشري الحضارة والمدنية، بالرغم من إبادتهم لثمانين مليون هندي أحمر، وملايين الزنوج الذين قضوا نحبهم أثناء نقلهم كالبهائم من إفريقيا إلى القارة الأمريكية، وما صنعوه في هيروشيما وناجازاكي. آخر الافتراءات فلم هليوودي جديد بعنوان “ المملكة “ يستهدف العرب ويبدأ بصورة للصحراء العربية يتفجر منها النفط والنار معاً !! ، فتنتقل النيران إلى أبراج الحادي عشر من سبتمبر، فالنفط العربي يُصدّر الارهاب ويدمر الحضارة ، وفي السياق العام للفيلم انتقاص للعرب واستعادة فاقعة لبروبوجاندا “ اليانكي “ الذكي.. الشجاع .. الخيّر الناجح .. المنقذ للبشرية ، والطريف أن الفيلم لا يتعرض من قريب ولا بعيد لما يجري من فداحات في العراق بالرغم من ارتباط الغزو بأحداث سبتمبر !!