مرة بعد مرات يتأجل انتخاب رئيس جمهورية لبنان، وإن كان قد تم التوافق على أن يكون الجنرال (ميشيل سليمان) قائد الجيش لما عُرف عنه من ولاء وطني، وحسن إمساكه بزمام الأمور وسيطرته على (فتنة) مخيم (نهر البارد) ثم دفاعه المقاوم أيام حرب الكيان الاسرائيلي على لبنان في يوليه قبل عامين، إضافة إلى ما عُرف عنه من احترام الثوابت الوطنية وتمسكه بالمقاومة والاعتراف بدورها في الدفاع عن لبنان. لا يحتاج الموقف لشرح أسباب تأخر اختيار رئيس لبنان معمداً من البرلمان، فهناك مؤثرات داخلية، بالإضافة إلى أخرى خارجية اقليمية ودولية ذات مصالح خاصة في لبنان، كل قوة تطمع أن ترجح كفتها على المصلحة الوطنية في لبنان، هناك فرنسا تعتبر لبنان ضمن (الفرانكفونية) وهو المصطلح الذي يفيد أن الدولة الفرانكفونية ضمن رسم فرنسا، أسوة بدول الكومنولث، وهناك أمريكا تريد أن تجعل لبنان قاعدة متقدمة في الشرق الأوسط، وهناك اسبانيا التي تعد لبنان كياناً يؤثر في السياسة الدولية، وله فعل نظراً لتقدمه في الحضارة، ولأن أسبانيا تتشاطأ مع لبنان، باعتبارها من دول المتوسط، وهناك السعودية وسوريا وإيران. غير أن رهاننا هنا في اليمن على العقلية اللبنانية، وهي عقلية خبُرت الحروب ومارست تجارب سياسية عدة، ولعلها عرفت العدو من الصديق. إن القوى اللبنانية كل يوم تعرف أين تضع خطواتها، مع ملاحظة غياب دور فعال للجدة العجوز (الجامعة العربية) التي زاد من دوارها وشل حركتها روماتيزم العراق وجلطات فلسطين. لبنان دُرَّة الشرق الأوسط وبشير الحرية في العالم العربي؛ أزعجنا نبأ تردد بعض قياداتها التي تحاول أن تجامل الأجنبي على مصلحة الوطن، ولكن العزاء في أن الشعوب الحية تصنع حاضرها ومستقبلها بدليل أنها صنعت ماضيها بكل اقتدار. قلوبنا مع لبنان.