تزداد الأوضاع الاقليمة قتامةً وتضبباً يوماً بعد يوم، وتنبري “الفوضى غير الخلاقة” كما أسماها المفكر “نعوم تشومسكي” بحق، لتعيد إنتاج نفسها بصورة أكثر مأساوية وصعقاً. فالإدارة الأمريكية مُصرّة على تسويق سيناريوهات الحرب المعلنة ضد إيران، تارة بتسريبات استخبارية وأخرى إعلامية، وثالثة تعبوية أيديولوجية، وتبدو المحصلة النهائية لهذه التسريبات وغلواء القول متاهة لتجريدات وأحاديث تفتقر إلى المصداقية الحقيقية، خاصة أن هذه الإدارة كشفت عورتها وأكاذيبها التي مهدت لغزو العراق، كما أثبتت التجربة الميدانية افتقارها الحقيقي لمشروع رؤية مستقبلية لأوضاع العراق وافغانستان المنكوبين بنظرية المبادأة الاستراتيجية، وهو الأمر الذي مازال شاخصاً ببلاياه إلى يومنا هذا. ومن المضحك المبكي في العقل السياسي اليميني في البيت الأبيض أنه وبالرغم من كل الشواهد يقول بتحقيق تقدم أمني في العراق، ويعتبر أن مجرد تناقص وتائر عمليات العنف ليوم أو يومين مؤشر جيد!!.. متناسياً أن الشعب العراقي يواجه نزفاً يومياً مداه مئات آلاف القتلى وهجرة أكثر من 4 ملايين إلى الخارج، وتحرك مليونين في هجرة داخلية قسرية، وافتقار لأبسط الخدمات اليومية كالكهرباء والماء، فبأي منطق يتحدثون!! وكيف يمكنهم إقناع العالم بجدوى الاحتلال؟!. تعيش إدارة بوش حيرة قاتلة وذلك عطفاً على الفشل الذريع في الحربين الاستباقيتين في العراق وافغانستان، وهي فيما توزع التهم ذات اليمين وذات اليسار شاملة دول الإقليم والإرهابيين، لا تتورع أيضاً من اتهام حلفائها الميدانيين المتحصنين في “المناطق الخضراء” ببغداد وكابول، بل إن بعض أوساط الإدارة الأمريكية يعاملون “رفاق الدرب” كأنهم تلاميذ في المدارس مُطالبين بإنجاز الدرجات المناسبة حتى ترضى عنهم الإ دارة، ولهذا السبب سمعنا سخرية من سخريات الأيام والقدر عندما تم تقييم أداء حكومة المالكي بحسب النقاط واعتبرت تلك الحكومة غير موفقة في إنجاز أكثر من نصف النقاط المرسومة لها!. هكذا تحتسب إدارة بوش نقاط الحلفاء، فمن لم ينجز يتم رميه في سلة المهملات، ومن أنجز يُطالب بالمزيد حتى تخور قواه ويسقط أرضاً!!