لفت نظري مقال في صحيفتنا الغراء صحيفة «الجمهورية» في عددها رقم «13960» الصادر يوم الاثنين 13 محرم 1429ه الموافق 21 يناير 2008م للزميل أمين الوائلي في عمود «حوار ونصف» بعنوان «ملاحظات في التجربة السودانية والحالة اليمنية». والحقيقة فإن المقاربات التي وضعها تستحق الدخول فيها، ذلك أن السودان الشقيق له تجربة سياسية وحزبية وتنموية قديمة.. وأذكر أن التعليم في اليمن أسهم في نشره الإخوة السودانيون سواء في حضرموت حيث قام بذلك مدرسون سودانيون ولعل أهالي حضرموت في المكلا والشحر يذكرون المرحوم محمد سعيد القدال ضابط المعارف في المكلا بحكم أن السودان كان تحت الاحتلال البريطاني وهو ما أفرد له الدكتور سعيد عبدالخير النوبان وزير التربية والتعليم الأسبق أستاذ علم التربية في جامعة عدن والذي كنت إحدى طالباته وكان يعطينا مقارنات من علوم التربية سواء التجربة العربية السودانية/ المصرية.. وتجربة التربية في الحضارات الأخرى الهندية/ الصينية/ اليونانية.. وصولاً إلى نماذج التربية المعاصرة الأمريكية والألمانية والفرنسية.. وفي الفترة الحالية حفلت اليمن بنخبة من الأساتذة والشخصيات السودانية مثل الأساتذة مبارك خليفة ومحمد محجوب وعبدالشافي والصحافية السودانية عائدة عبدالحميد. كما برزت شخصية ثقافية يمنية وثقت الفن المشترك هو د. نزار غانم أما تعليم الفتاة في اليمن فقد شهدت عدنوحضرموت إرسال عدد من الفتيات في الخمسينيات إلى السودان للتعلم مما أمد مدارس عدن بعدد من المدرسات اليمنيات اللاتي أخذن على عاتقهن نشر التعليم، وفي الوقت نفسه شهدت الستينيات وجود بعثات تعليمية من المدرسات امتد وجودهن لعدة سنوات والحال نفسه في بعض المناطق الأخرى الريفية من اليمن. إلا أن جانباً آخر أحب أن أميط اللثام عنه كما يقال وهو الذي تناوله الزميل الوائلي ب «إن السودان يشهد طفرة مبشرة في كل مناحي الإدارة والحياة السياسية والاقتصادية..» وهو حقيقة ساطعة من حيث إدارته للعمليات السياسية التي يشهدها السودان سواء في جنوب السودان وفي المناطق التي لا تشهد صراعات مسلحة ولعل تجربة إنهاض المناطق الزراعية وتطوير سد ملوى الزراعي والتعليم وأيضاً تجربة الضمان الاجتماعي والمعاشات كون الحروب والصراعات المسلحة في السودان خلقت حالة من الفقر سواء للأفراد أو فقر في الخدمات ، ومن ناحية أخرى يتميز السودان بخصائص دينية إسلام مسيحية /وثنية ، كما يمثل أيضاً نقطة التقاء حضارات فرعونية /عربية وأعراق عربية وأفريقية وما يمثله ذلك من موروث ثقافي يمد السودان بثراء واحترام لهذا التداخل والتناغم.. ويعد التواصل اليمني السوداني وحالات الزواج والتبادل التجاري والثقافي يعبر عن تلاقي اليمنيين والسودانيين على الصعيد الشعبي .. وما أحوجنا أيضاً لنستفيد من تجربة السودان وخبراته الإدارية لتقارب المستويات التنموية الاقتصادية والاجتماعية خاصة أن أمامنا مهاماً وطنية جسيمة لن تتحقق بمفردها دون الاستفادة من تجارب المحيطين بنا وخاصة السودانيين.