سرني كثيراً أن أرى شباب الجامعة «طلاباً وطالبات» وهم يتحركون في كل اتجاه لإقامة يوم للأقصى في كلية التربية بجامعة تعز، لقد كان لإصرارهم ودعم الكلية ممثلة في عميدها ورائد الشباب فيها الأثر البالغ في إنجاح ذلك النشاط الذي يدل على صدق التفاعل من قبل الشباب مع قضايا أمتهم وهو أمر يجب تشجيعهم عليه..والأجمل أنه لم يظهر في هذا النشاط الطلابي الخالص ما يدل على اتجاه حزبي أو غيره، لم يكن هناك سوى طلاب وقضية يدعمونها، وقبل هذا كان هناك نشاط ثقافي في كلية الحقوق تمثل في ندوة حول «حرية التعبير» أقامتها الكلية وبمشاركة عميدها ونوابه مع مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان حضرها عدد من الطلاب في الكلية. لقد كشفت هذه الندوة عن قدرات ثقافية عالية لدى بعض الطلاب المشاركين وكانوا وهم يطرحون أسئلتهم بكل حرية وجرأة، ويناقشون بكل موضوعية، إنما يعكسون الصورة الحقيقية للطالب الجامعي المثقف. ولا شك أن هناك نشاطات أخرى في كليات وجامعات أخرى، مما يدل على أن الحراك والنشاط الثقافي والشبابي في الجامعة بدأ ينتشر بين الطلاب ليصبح ظاهرة، ويمكن إرجاع ذلك إلى طموح الشباب أولاً واهتمام إدارة الجامعة وعمادة شئون الطلاب فيها ثانياً، فالشباب هم الركيزة الأساسية لأية تنمية في أي مجتمع، فهم أساس التنمية وهدفها وهم طاقات كاسحة لو وجّهت التوجيه الصحيح الذي يعد بالخير عليهم وعلى الوطن لكانت الثمار وافرة علينا جميعاً، علينا دائماً دعم طموح الشباب رغم كل الظروف التي تشعرهم بالإحباط حتى لا ينتهي بهم الحال إلى الخنوع واليأس: (شباب خُنَع لا خير فيهم وبورك بالشباب الطامحينا) يشكو بعض الشباب من عدم توفر الإمكانات اللازمة لممارسة أنشطتهم، وهي شكوى صحيحة؛ يجب الاعتراف بوجود قصور إلى حد ما في توفر أماكن للشباب لممارسة أنشطتهم، غير أننا نرى أن المشكلة الحقيقية الأخرى هي عدم وجود قيادات مؤهلة لقيادة الشباب وتوجيههم التوجيه المناسب لأنشطته، هذا يقتضي أن تولي الجهات الرسمية كوزارة الشباب والرياضة بالتعاون مع الجامعات والمدارس هذه المسألة أهمية بالغة. فالشباب هم الطاقة الحقيقية لأي مجتمع، وفي توجيه هذه الطاقات التوجيه السليم خير للمجتمع ،والحق أن الجامعات رغم شحة الإمكانات تبذل جهداً في توفير ما يمكن توفيره. ونظراً لأهمية النشاط الطلابي فهو يبدأ في كثير من الدول مع بدء الدراسة كونه جزءاً مكملاً لبناء شخصية الطالب، ولذا يجب الاهتمام به منذ المراحل الابتدائية، وكثير من الدول أدركت هذه الأهمية للنشاط الطلابي فبدأت الاهتمام به فجعلته مصاحباً للعملية التعليمية، فهناك النشاط الصفي الذي يتم داخل الفصل الدراسي، والنشاط اللاصفي الذي يتم خارجه، بل لقد جعلته جزءاً من المقرر الدراسي يؤدي فيه الطلاب الامتحان ويحصل مقابل ذلك على درجات. إن تفريغ طاقة الشباب فيما ينفع يخدم الوطن كثيراً ويجنبه الكثير من الويلات، فالشباب هدف تتجاذبه قوى كثيرة، فدعاة الفتن يحتاجون إلى الشباب ليكونوا وقوداً لفتنتهم، ودعاة التطرف يحتاجون إليهم ليكونوا أدوات لتطرفهم، والمخربون يحتاجون إلى الشباب ليكونوا وسائل لخرابهم، لذا فإن استيعاب الشباب ضمن خطط التنمية المدروسة سيعود بالخير على الجميع، وإذا أقبل الصيف بفراغه وحرارته ولم يوجد للشباب متنفس فإن الصيف سيكون أشد حرارة وأكبر ضرراً، والمراكز الصيفية قد تسهم بقسط كبير من المعالجات النافعة. إن الشباب بطاقاتهم العظيمة سلاح ذو حدين، فهم للبناء والإعمار إذا وجهوا لذلك وهم معول هدم فتاك إذا أهمل توجيههم. والمسئولية تجاه الشباب مشتركة بين الحكومة والجامعات والمعاهد الدراسية وأولياء الأمور في إيجاد حلول لمشاكل الشباب والعمل على استحداث معالجات تحقق ولو الحد الأدنى من طموحاتهم وإلا فإن البدائل لن تكون في مصلحة أحد. أسأل الله عز وجل أن يصلح شبابنا ويهديهم إلى الخير.. أزجي هذه النصيحة لأبنائنا وهي نصيحة نبيهم صلى الله عليه وسلم (احفظ الله يحفظك.....) والله من وراء القصد.