في كلمة التوطئة لكتابه بعنوان “ تاريخ الفلسفة الاسلامية “ يستبق البروفسور “ ريموس روس” مرئياته بالإشارة إلى مُخاتلة المفهوم المركزي الذي يقضي بأن تكون الفلسفة الهيلينية البيزنطية محطة التأريخ الأول للرؤى الفلسفية، بها الابتداء وإليها تنتهي كامل المنظومة الفلسفية الأوروبية، مُبيناً أن المسلمين أسهموا بقدر وافر من المقاربات والاجتهادات الراكزة، وفي هذا الصدد يشير إلى مقالات “ ابن سينا “ الاشراقية، ذاهباً إلى أن دراسته للفلسفة الاسلامية ليست بحثاً في المقولات فقط، بل أيضاً في التواريخ الزمنية المترافقة مع تلك الرؤى ودلالالتها . تالياً، وبعد التوطئة الأساسية يعرج المؤلف إلى المقدمات التي يمكن بواسطتها الإمساك بما أسماه “ المصادر الميتافيزيقية للإسلام “، مع وقوف مطول أمام المُقدمات الاجتماعية والفكرية التي تجعلنا نتجاوز المفهوم الاستنسابي القائل بأن قوة الدفع الأولى للدين الجديد توازي حرص نبي الإسلام على “ تجميع البدو “ من العرب، إلى النظر الشامل لرسالة كونية حقيقية. وعلى خط متصل يُشير المؤلف إلى أن الإسلام يتّصل بديانات التوحيد السابقة عليه، وأن الغيب هو المفتاح السحري، والتميمة المميزة لرسالة الإسلام، وهو في ذات الوقت التعبيرالأقصى عن مفهوم التوحيد. ثم ينتقل المؤلف إلى مزيد من تفسير مفهوم التوحيد الاسلامي بحسب الوحي الذي نزل على الرسول الكريم وهو في الأربعين من عمره، مع إشارات ضافية لفترة ما قبل الوحي، وتحديداً فترة الهجرة إلى المدينة، ومعارك بدر وأُحُد، مع توقف اسثنائي إزاء المرحلة التي تلت الهجرة إلى المدينة وما انطوت عليه من أبعاد ودلالات أفضت إلى انتصار الإسلام في معركة بدر . نستطيع تلمّس المقاربة الثنائية بين مغزى الرسالة والوقائع الدنيوية التي كانت تتسارع باتجاه ترجمة المعنى والدلالة، وكيف أن هذه التداعيات اتصلت عميقاً بالرسالة سواء من حيث ائتلاف المسلمين ووحدتهم وتواشجهم وتفارقهم الإجرائي عن معتقدات ما قبل الدين الإسلامي، وكذا نزوعهم إلى الصبر والحكمة، وصولاً إلى فتح مكة وما تلا ذلك من تعامل حكيم مع “ الطُلقاء “ من مشركي قريش .