«أخطاء الديمقراطية لا تعالج إلا بالمزيد من الديمقراطية» هكذا أكد فخامة الأخ علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية - في أكثر من كلمة وخطاب.. وكون الديمقراطية لا تعني مطلقاً الفوضى؛ بل الخيار المفتوح لمختلف القوى السياسية للوصول إلى السلطة والنهج الذي ارتضاه شعبنا كنظام للحكم منذ انبلاج فجر الوحدة الأغر في ال22 من مايو 1990م ولا رجوع عنه.. تفاجئنا بعض القوى بوضع تفسيرات مضرة بالديمقراطية، وتعتقد في ذلك أنها تخدم الديمقراطية وهي في الأساس توظفها لمصالحها الشخصية وتكيفها وفقاً لأهوائها وأمزجتها غير آبهة بمترتبات تلك الأفعال التي ستعود بالوبال عليها في الأول والأخير.. وهو ما نرى بداياته تطفو بوضوح في المواقف المشتتة والمتعصبة لها من قضية الحوار. بعض القوى السياسية - للأسف الشديد - لم تستوعب بعد المفهوم الحقيقي للديمقراطية ومغزى مقولة الأخ الرئيس السابق ذكرها أن أخطاء الديمقراطية لا تعالج إلا بالمزيد من الديمقراطية. تصر هذه القوى أن أفعالها ومقولاتها في الشراكة والتقاسم يصب في إطار الديمقراطية وأن الصفقات جزء من الديمقراطية، وأن إرادة الشعب وحريته في الاختيار عبر صناديق الاقتراع ما هي إلا كفر محض كونها قد تتعارض مع مصالحها كلياً. إن مفهوم الشراكة في ظل نهج ديمقراطي واضح ومسلم به لا يعني مطلقاً أن تكون مختلف القوى السياسية شريكة في السلطة بالمعنى المطلق للشراكة أو في فرض آرائها ومواقفها على أبناء الشعب الذين وجدوا في الديمقراطية السبيل لاختيار حكامهم بعيداً عن أساليب الوصاية والشمولية وبعيداً أيضاً عن كل مفاهيم الإقصاء وعدم الإيمان بدور الجماهير الشعبية التي هي أداة الديمقراطية ومنطلقها الأوحد للتغيير. الديمقراطية بمفهومها الواضح والشامل هي الشعب الذي وجد بها- كنظام للحكم - غايته في أن يحكم نفسه بنفسه ويختار حكامه وممثليه وفقاً لإرادته الحرة دون أية تدخلات أو إملاءات من أية فئة كانت. الديمقراطية بمفهومها الواضح لا تعني الانقلاب على النظام والقانون بقدر ما تعني إعلاء شأنهما والانتصار لنصوصهما واحترام مضامينهما لما من شأنه ضمان حياة آمنة ومستقرة لكل أبناء الشعب.. وتحقيق مجمل الآمال الشعبية. الديمقراطية إجمالاً هي السلوك الواضح غير المنفصم عن الفكر.. تقوم على التنافس والقبول بالآخر وتعميق جذور السلام الاجتماعي وتغليب ميزة الحوار.. وهي قيم وأسس واضحة لا يمكن معها المساس بالثوابت الوطنية العليا أو القفز على القانون والدستور. وكون الديمقراطية هي الارتقاء والتجديد، وترك الانكفاء والجمود فإن الحوار هو مبدأها الرئيس والذي بدونه ينتفي أحد شروطها الثابتة، وتتحول الديمقراطية إلى سوط عذاب بدلاً عن حبل نجاة وأداة للنمو والتطوير. إن مشكلة أحزاب المعارضة - اللقاء المشترك على وجه التحديد - تكمن في اعتقادها أن كل ما تقوله هو الحقيقة المطلقة وما عدا ذلك يندرج في إطار الكذب والتضليل والتدليس والضحك على عباد الله!!. تتهم أحد أطراف العملية السياسية بأنه سبب رئيس ومباشر في عرقلة الحوار وتعطيله في الوقت الذي يؤكد فيها المؤتمر أن الحوار هو الوسيلة المثلى لتجاوز الخلافات أياً كان شكلها أو نوعها.. ويدعو دائماً إلى الاصطفاف المطلق مع الدستور والقانون وسيادة الدولة، وتحصين الذات والتجربة ضد كافة أشكال الاستغلال السيئ للقيم الديمقراطية وأجواء الحرية والتعددية وتوظيفها بطريقة انتهازية تخلو من اللياقة، وتعمل ضد مصلحة التجربة، بل ضد الديمقراطية والحرية ذاتها. يتهمون الحزب الحاكم بعدم القبول بالآخر في الوقت الذي يطرحون فيه أفكاراً تتعارض مع الديمقراطية ولا تخدم الوطن ومصلحته العليا، هكذا يكون الحاكم متهماً ومسئولاً في نفس الوقت عن التأزيم ووضع العراقيل واختلاق الأزمات!!. هذا المنطق لا ندري كيف يمكن أن يستقيم وأصحابه هم الهاربون والباحثون عن التبريرات والأعذار لمواجهة دعوات المؤتمر المتكررة للحوار والتفكير بعقلانية والجلوس على طاولة الحكمة والمنطق.. ولا غرو هنا أن تعتبر قيادات أحزاب اللقاء المشترك رؤية المؤتمر للحوار ودعوته لها للوقوف صفاً واحداً إلى جانب الشرعية الدستورية ضد العناصر والدعوات الانفصالية وتعزيز الوحدة الوطنية، وكذا الوقوف بحزم ضد الفتنة التي أشعلها الحوثي ومن يؤازره داخلياً وخارجياً. - ولا غرو أن تعتبر ذلك بياناً سياسياً ورؤية لمواصلة سياسة المكايدة السياسية.. ووفقاً لما رأته حددت موقفها اللا مسؤول من الحوار!!. ويكفينا في الأخير أن نسأل قيادات “اللقاء المشترك” إن كان الحزب الحاكم هو من يعطل الحوار وهو من يواصل سياسة المكايدة السياسية؛ فماذا نسمي الشعارات المعادية للوطن والدعوات الصريحة للفتنة والتمزق والمناطقية والمذهبية والمساس بحريات الأشخاص والآداب العامة، وإظهار الوطن وكأنه يعيش فوق صفيح ساخن وأصبح قاب قوسين أو أدنى من النهاية التي يتبناها المشترك في خطابه الإعلامي وفي مهرجاناته الموسومة ب( النضال السلمي)؟!. العقل زينة يا هؤلاء.. والكلمة موقف قد تقود إذا ابتعدت عن العقلانية إلى الجنون!!.