وقع الرئيس الزيمبابوي «روبرت موجابي» بشر أعماله، فقد افترض أن الانتخابات الرئاسية ستمنحه فرصة إضافية للمناورة على المطالب الشعبية الكاسحة ورغبتها في التغيير، لكنه الآن أمام خيارات أحلاهما مُر، ويمكن اختصار تلك الخيارات في ثلاثة بدائل تشكل امتحاناً للطرفين «السلطة والمعارضة»: البديل الأول هو أن يتمكن موجابي من ذر الرماد في العيون وتمرير التزييف القائم في الانتخابات الرئاسية، وهذا بديل يكاد أن يكون مستحيلاً، وذلك عطفاً على الأصوات الدولية التي تعالت من كل مكان والتي انتقدت مسلك سلطة موجابي. البديل الثاني هو أن تلجأ المعارضة بزعامة «مورغان» إلى رفض الانتخابات والسير على درب المعارضة السلمية بما يُحرج النظام ويكشف آخر أوراق التوت التي يتستّر بها، وفي هذه الحالة يمكن أن تنشق المعارضة إلى فصيلين : فصيل يرى مُقارعة السلطة حتى وإن أدّى الأمر إلى اشتعال حرب أهلية، وفريق راشد يرى أن تُترك السلطة في متاهاتها، فالوقت كفيل بتعريتها وسقوطها الحتمي، والمهم هنا ألا تمنح المعارضة « شهادة زور» للنظام من خلال الموافقة على الخيار الثالث والذي سنأتي عليه فوراً. الخيار الثالث يتلخّص في ما أشارت إليه ضمناً وزيرة الخارجية الأمريكية «كونداليزا رايس» مُعيدة إلى الأذهان فكرة المصالحة التي تمت قبل أشهر في كينيا، وكان طرفاها الرئيس الكيني الذي اغتصب الشرعية الانتخابية، والمعارضة التي قبلت بالمشاركة بناء على النصيحة الأمريكية، وحقناً للدماء . إذا اقتنعت المعارضة الزيمبابوية بصيغة الحوار والمشاركة التي أصبح موجابي يحبذها كمخرج له من الورطة، فإنها في هذه الحالة قد تواجه انشقاقاً داخلياً كما أسلفنا، وقد ينغمس بعضاً منها في مفاسد السلطة، وتخسر سمعتها عند الجماهير، وهذا مايراهن عليه كل نظام مُتهالك. تلك البدائل الثلاثة تعني اختباراً عسيراً للسلطة والمعارضة معاً، وكل الاحتمالات واردة خلال الأيام القليلة القادمة، وكل شيء لايبدو في حكم المؤكد إلا أمراً واحداً هو أن موجابي لن يتخلّى عن السلطة إلا إلى القبر أو السجن .. تماماً كحال كل دكتاتور مقيم في ظلالاته.