من عام إلى عام تتجدد الحكاية، ومعها يطول البحث والسهر، ومن رمضان إلى رمضان يعاود الحنين رسم الصورة التي لايمكن أن تنسى أو يكتب لها النسيان.هذا العام جاءت المناسبة مبكرة بقليل عن الأعوام السابقة؛ حيث والوقت لايزال بعيداً عن حلول هلاله أعاده الله علينا وعليكم بالخير والبركة.. الطوابير هي نفسها، والمشهد يكرر نفسه بصورته وهيئته، والهدف بكل تأكيد الفوز أو الحصول على دبة غاز.. أزمة تجدد نفسها عاماً بعد آخر، وكأنها تحولت إلى مناسبة ينبغي التذكير بها والكتابة حولها، وبدونها لن يكون لرمضان طعم أو رائحة.. الغاز.. الأزمة الحقيقية التي لاتزال تؤكد حضورها ودوامها المستمرين، بل هي «الفزورة» التي ينبغي استقبالها قبل رمضان من كل عام، والحديث حولها بألم وحسرة.. لماذا تتكرر الأزمة سنوياً، وفي رمضان بالذات، ومن يتحمل أسبابها؟ هل الشركة المعنية بتوفيره وتوزيعه إلى السوق المحلية، أم قيادات السلطة المحلية بالمحافظات، التي تفتقر محافظاتها لمخزون يكفي أبناءها لشهر من الزمن؟ أم هم الوكلاء والموزعون للغاز في عواصم المحافظات ومديرياتها وعزلها وقراها؟!.. بات من المؤكد أن هناك تلاعباً واضحاً في هذه المادة التي لاغنى لأحدٍ عنها.. والهدف إحداث أزمات متلاحقة تضر بالوطن أرضاً وإنساناً.. أسعار الغاز بدأت في الصعود بحجة قلة المعروض أو نقص الكمية المحددة للمحافظات.. الأزمة بدأت بقوة ليس في تعز وحسب ، وإنما في عموم محافظات الجمهورية، لاسيما في العاصمة صنعاء التي «اختفى» فيها الغاز كلياً، لترى مجاميع «المطوبرين» مصطفين في انتظار الفوز ب«دبة» غاز ، والعودة إلى منازلهم سالمين ،فائزين، غانمين!!. إخفاء واحتكار وتلاعب هي العناوين البارزة التي أصبحت السوق المحلية اليمنية تشتهر بها على طول العام، والمشكلة أن ذلك يحدث على مرأى ومسمع من الحكومة وأجهزتها المعنية التي لم تستطع حتى الآن أخذ جانب الحزم والصرامة في التعامل مع المتلاعبين بأقوات الناس والمتواطئين معهم.. لاندري إلى متى ستغيب الرقابة عن أداء مهامها؟ وإلى متى ستبقى الأجهزة الرقابية موجودة اسماً وغائبة فعلاً وقولاً وحقيقة؟!.. ويبقى التأكيد في الأخير أن رمضان هو شهر الرحمة والعبادة والمغفرة ، وهو الشهر الذي ينتظره الناس للتفرغ لأداء العبادات وإصلاح شئون أمورهم مع ربهم الغفور الرحيم ، وليس التفرغ للبحث عن «دبة غاز» أو الجري وراء الزبد الذي يذهب جفاءً.. وينبغي على الجهات المختصة تحمّل المسئولية بصدقية مطلقة، والسعي وراء وضع الحلول والمعالجات لمختلف الإشكالات التي تتسيّد بين الحين والآخر الواقع المعيشي.. وما أزمة الغاز التي نشهدها اليوم إلا واحدة منها .. والتي تؤكد بما لايدع مجالاً للشك أن حدوثها متفق عليه مسبقاً وليس بفعل الصدفة مطلقاً!!.