انتشرت في الأيام الأخيرة أنباء تفيد عن وجود حليب صيني ملوث قاتل للأطفال الرضّع تم استيراده وتوزيعه على عدد من الصيدليات والمحلات التجارية في عدد من المحافظات . الحليب القاتل تم استيراده بواسطة أحد التجار بحسب مصادر وزارة الصناعة التي أكدت أن الكمية المستوردة من هذا الحليب «9191كرتوناً» وزع منها «891» كرتوناً في مدينة تعز و«845» في مدينة إب و«161» في مدينة الحديدة و«301» في مدينتي صنعاء وذمار و«81» كرتوناً في كل من عدن ولحج والكمية المتبقية وهي «235» كرتوناً لازالت في مخازن التاجر. والمضحك المبكي معاً أن وزارة الصناعة دقيقة جداً في إحصائياتها ولايمكن أبداً أن يدخل البلاد كرتون واحد دون علم الوزارة وأجهزتها المختصة، خصوصاً المواصفات والمقاييس، إلا أن هذه الدقة المتناهية في الحصر تضيع نهائياً ولايبقى لها وجود حين يكون الأمر متعلقاً بفحص المنتج وجودته وتحديد صلاحيته من عدمه، لأنه في هذا الوقت تتدخل عوامل أخرى تمنح المنتج أو السلعة تصريح العبور السريع نحو الأسواق حتى لو كان ملوثاً بجميع الأوبئة والسموم، لأن العادة المبتدعة في بلاد الحكمة أن يبدأ استهلاك المنتج قبل فحصه والتأكد من صلاحيته من قبل المواصفات والمقاييس، والغريب في الأمر أو لنقل وكما هي العادة دائماً أن الجهات المختصة استنفرت كل طاقاتها واستطاعت ضبط بعض الكمية من الحليب الملوث ولازالت لجانها تتابع بقية الكمية.. وليت الأمر يقتصر على الحليب المنتهي والملوث، فأسواقنا تكتظ بالعديد من المنتجات المنتهية الصلاحية من عصائر وشوكولاته وعسل وبقوليات وسجائر وأدوية وحتى الحقين والزبادي المصنع محلياً.. وليس الأمر محصوراً بالمنتجات المستوردة ولو كان الأمر كذلك لوجدت الجهات المسئولة في وزارة الصناعة والتجارة والهيئة اليمنية للمواصفات ألف عذر تبرّر به وصول هذه المنتجات إلى السوق المحلية، وهي بهذا الشكل من عدم الصلاحية، وكيف لم يتم فحصها ومعاينتها في المنافذ، وأول ما ستقوم به الصناعة ومواصفاتها أن تلقي التهمة على التهريب، وبكل بساطة واستهتار ستجد أنها تنفي مرور هذه المنتجات عبر المنافذ الرسمية رغم علمنا اليقين أنها مرت عبر المنافذ وتم إعطاء التاجر المستورد تصريحاً رسمياً بالاستيراد وبيعها حتى قبل فحصها، وهناك عذر آخر يمكن أن تسوقه هذه الجهات غير المسئولة بحيث تقول: إن المنتج حين دخل البلاد كان سليماً وصالحاً للاستخدام ولايوجد فيه أي عيب إلا أن طول الفترة وسوء التخزين هما السبب في تلف المنتج وتلوثه. لكن ما يهم المواطن هنا هو أن هذه المنتجات المميتة والملوثة والمنتهية والمغشوشة والمضروبة والمقلدة وبكل ما تحمله من عيوب تباع جهاراً نهاراً وتحت نظر الجهات المختصة بكل مسمياتها والتي تدعي أنها تراقب السوق باستمرار، بينما مايحدث في كثير من الأحيان أنها لاتكتشف أن هذه المنتجات منتهية أو ملوثة أو غير صالحة للاستعمال الآدمي إلا بعد أن تكون قد بيعت وتم توزيعها في الأسواق ووصلت إلى مشارق الوطن ومغاربه. ولهذا فلا عجب أبداً أن تقوم الوزارة بإصدار تعميم في الأسبوع الماضي إلى عموم مكاتبها في المحافظات تطالبهم فيه إلزام التاجر المستورد لمسحوق عصير البرتقال «ماركة الباشا» بسحب كميات المنتج المذكور من المخازن والمحلات التجارية والأسواق بأسرع وقت ممكن.. لماذا هذا الاستعجال؟ السبب أن نتائج الفحوصات التي أجريت في هيئة المواصفات أكدت عدم صلاحية المسحوق للاستهلاك الآدمي.. وطبعاً حتى يتم إلزام التاجر تكون الكمية قد نفدت أو أوشكت على النفاد واستُهلكت بالكامل ولم يبق منها الا آثارها القاتلة وكراتين وعلب فارغة ستقوم الجهات المختصة بمصادرتها وإتلافها كما هو الحال دائماً.. ولانملك إلا أن نقول: اللهم نجنا من كل شر يا أرحم الراحمين