النظام الغربي صنعته أو صاغته وتهيمن عليه وتتحكم فيه وتوجهه «مافيا الرأسمالية»... هذه المافيا تتبع القوى الاقتصادية الرأسمالية، وهي مافيا تمتلك الإمكانات والآليات والطرق والأساليب التي تمكنها من التحكم بالنظام الغربي «ديمقراطياً وسياسياً»، وبما يكفل ويضمن استمرار قوى الرأسمالية «المتوحشة» إحكام قبضتها وسيطرتها على النظام السياسي الغربي وتوجيهه واتخاذ قراراته وفقاً لما يخدم ويحقق أطماعها الوحشية داخلياً وخارجياً على حساب شعوبها وشعوب العالم... وعليه لو تتبعنا عملية تبادل الحكم في الغرب لوجدنا القوى الاقتصادية الرأسمالية، وعبر ديمقراطية شكلية، هي التي تتداول الحكم فيما بينها بطريقة مباشرة وغير مباشرة... وهي قوى قد أتت إلى الحكم على أنقاض الإقطاع والكنيسة والنبلاء الذين تهاوى حكمهم أمام البرجوازية الغربية الطامحة والمتطلعة إلى الحكم. هذه القوى أطلقت العنان للفكر عموماً، وهيأت الظروف للإبداع والخلق والاختراع، فكانت النتيجة «الثورة الصناعية» التي أدت إلى نمو الإنتاج والثروة لدى هذه القوى حتى فاض عن حاجة أوروبا، وأنذر بتباشير أزمة اقتصادية، فما كان من هذه القوى إلا أن تفكر في كيفية تصريف إنتاجها، ومالها، وخرجت إلى حل مؤدّاه أن تبحث عن أسواق لمنتجاتها، واستثمار أموالها خارج أوروبا... وكان القرار ببدء حركة الكشوف الجغرافية لأراضٍ جديدة، فأوغروا لحكوماتهم بذلك، وبهذا كانت حركة الحملات الاستعمارية نحو الشرق والغرب، فاستعمروا أفريقيا وبلدان آسيا واستراليا، والأمريكيتين، وكل ذلك تحقيقاً لأطماع القوى الاقتصادية التي حوّلها نهمها وجشعها إلى رأسمالية متوحشة تطمع في التهام العالم بأية طريقة، ومهما أدى ذلك من إبادة للبشر كما حدث في جنوب أفريقيا، واستراليا، وأمريكا الشمالية والجنوبية. هذه القوى هي عبارة عن أفراد وأسر، وهي التي تمتلك وتستحوذ على النظام الغربي اليوم، وتديره وتوجهه لصالحها، فهي تمتلك القطاع الصناعي للإنتاج المدني والعسكري، وتمتلك شركات النفط، وتمتلك المؤسسات المالية الدولية، وتمتلك إنتاج الخدمات والسياحة، وهي صاحبة فكرة العولمة، وهي التي تصفي أي أحد يتسلل إلى الحكم في الغرب ويعارض سياستها أو ينحرف عن أهدافها، أو تطيح به من خلال فضيحة تدبرها له، وكل هدفها هو أطماعها على حساب شعوبها وشعوب العالم... وهي اليوم وبسبب سياساتها الأنانية وتوحشها ضد العالم تواجه أزمة عاصفة في مؤسساتها النقدية وأسواقها المالية، يُتوقع أن تخلّص العالم من شرها ووحشيتها.