تحتدم المعركة الانتخابية الرئاسية بالولاياتالمتحدة لتصل إلى معقول اللامعقول وخاصة من طرف اليمين المحافظ الذي لم يترك شاردة أو واردة إلا وتوسلها بحثاً عن إيذاء الخصم الديمقراطي العنيد باراك أوباما، وبالمقابل اتصف أداء أوباما وحلفائه بقدر واضح من الاتزان والثبات عطفاً على جملة الوعود والشعارات الانتخابية المركزة على كشف إخفاقات اليمين المحافظ والتركيز على شواهد ذلك الإخفاق وخاصة الأزمة المالية، والفشل الظاهر في مشروع المبادأة الاستراتيجية بشواهدها العراقية والأفغانية . لجأ اليمين الأمريكي إلى أكثر أنواع الأساليب رخصاً وتهافتاً، وخاصة شخْصنة المعركة الانتخابية في ذات المرشح الديمقراطي الذي يصفونه تارة بالمسلم، وأخرى بالزنجي، وطوراً بالاشتراكي الذي يريد توزيع ثروات الأغنياء، وحتى جون ماكين الذي يفترض فيه أن يكون عجوزاً حصيفاً وهادئاً لم يتورع من تهديد اصطحاب الأملاك واعتبار أن أوباما فزّاعة العصر الباحث عن توزيع ثروة الأغنياء على الفقراء، وغيرها من أساليب كشفت وجهاً قبيحاً لعنصرية دفينة، وإقامة مديدة في منطق الأقحاح المُفارق لسوية الولاياتالمتحدة وتاريخها القريب. بالمقابل كان أداء أوباما متزناً ومفارقاً للانجرار وراء الشخصنة، وقد لاحظ المراقبون أن باراك أوباما يتعامل مع المعركة بعقلية ناضجة، وبطريقة هادئة وأنه لا ينجر إلى ردود الأفعال والانفعالات الشخصية، وهو الأمر الذي أقنع قطاعاً واسعاً من الناخبين بمن فيهم الجمهوريين الرشداء . الآن وقد بدأ العد التنازلي يترقب العالم برمته ما ستسفر عنه الانتخابات، وفي كل الأحوال فإن الرئيس القادم سواء كان جمهورياً أو ديمقراطياً سيجد نفسه أمام محنة حقيقية سواء في الداخل الأمريكي أو الخارج العالمي، فعلى المستوى الداخلي سيواجه الرئيس القادم وإدارته استحقاقاً باهظاً تلخّص في الركود المحتمل، وفوضى المال والأعمال، وعلى المستوى الخارجي سيغادر بوش وإدارته بعد أن يفخخوا السياسة الخارجية الأمريكية بسلسلة من الملفات الثقيلة والعصيّة على الحل، وهكذا سيجد الرئيس القادم نفسه أمام مشكلة دونها العمل الدؤوب والرُشد العقلاني، والسؤال الافتراضي يتعلق بوصول اليميني ماكين، وفيما إذا كان سيواصل إخفاق سلفه بوش، وماذا سيحصل إذا استمر المحارب القديم بمنهجه العسكري اليميني الفاقع؟ بالمقابل ماذا لو وصل أوباما، وهل سيجد الأرض ممهدة أم سيواجه مشكلات متقافزة كالتنين ؟ وهل سيقوى على تحقيق وعوده بالتغيير ؟ كل المؤشرات تسير باتجاه أوباما رئيساً للولايات المتحدة إلا إذا حدث أمر مفاجئ..!!