كل عمليات القرصنة البحرية في منطقة خليج عدن والبحر العربي إلى حد الآن انحصرت في صوماليين دون غيرهم، وهو ما يدعو إلى التفكيرملياً، والتساؤل حول انحصار القرصنة البحرية على صوماليين فقط، ولم يُعرف حتى الآن عن وجود فرد واحد بينهم من دول الجوار الصومالي، أو من الدول المطلة على خليج عدن، أو البحر الأحمر، أو البحر العربي، أو آسيوياً من غير العرب.. ويكفي لمعرفة ذلك توجيه النظر وإجالته في أحوال الدولة والشعب الصومالي. فالصومال بدون دولة، وبدون حكومة، تحكمه الفوضى القتالية، والجوع، والفقر، والمرض والخوف... إنه وضع مأساوي مرعب يعانيه الصوماليون منذ سنين خلت، وصار الصوماليون يفرون من الموت في الصومال إلى الموت في البحر، ومن تكتب له النجاة إلى اللجوء للبلدان المجاورة... هذه الأحوال البائسة دفعت عدداً من الصوماليين إلى البحر،، ولاشك أنهم من عناصر لديها خبرة في البحر والتعاطي معه، ومع ما يمخر عبابه من السفن التجارية والناقلات للنفط وغيرها، فشكلوا جماعات ارتادت البحر، وبدأت تمارس عمل القرصنة، وقد نجحت في مهاجمة العديد من السفن من جنسيات مختلفة وذات أغراض مختلفة، كان آخرها ناقلة النفط العملاقة المحملة بربع إنتاج يوم من النفط السعودي، وطاقمها من جنسيات مختلفة. اليمن أدركت مخاطر القرصنة البحرية، وقامت بجهود كبيرة لمواجهة القرصنة البحرية، لكن إمكانات اليمن تظل محدودة، ومداها محدود، وكذا تأثيرها محدود... ووفقاً لذلك اتجهت اليمن نحو الأشقاء في الجوار، خاصة ممن يطلون على البحر الأحمر بهدف التنسيق والتعاون في مكافحة القرصنة البحرية، لأنها لاتهدد اليمن فقط، بل تهدد الملاحة البحرية لكل الأقطار الشقيقة في الخليج، والمطلة على البحر الأحمر، والبحر المتوسط،، لأن هذه الأقطار ترتبط مصالحها الاقتصادية والتجارية والسياحية مع الشرق والغرب على الملاحة البحرية، وهو ما يوجب عليها، ويفرض أن تنسق وتتعاون مع اليمن لمواجهة القرصنة، بما يمكن من القضاء عليها، وتأمين الملاحة على طول البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي. أيضاً، إن على الدول الشقيقة أن تعي أن مصالح الغرب مع الشرق الآسيوي والافريقي والاسترالي تعتمد على النقل والملاحة البحرية، فإن لم نؤمِّن الملاحة على طول الخط الملاحي في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي والمياه الدولية في المحيط الهندي، فسيبرر ذلك لتدخل قوى دولية تطمع في الهيمنة على هذه المنطقة، وبحجة حماية الملاحة الدولية... ثم ستطلب قواعد ثابتة، وقواعد لوجستية في مناطق وجزر عربية متعددة. وعليه نأمل أن تتجاوب الأقطار الشقيقة مع اليمن، وتستجيب لدعوات اليمن قبل أن يأتينا الغزو والاحتلال بحجة حماية الملاحة الدولية.